لو فتشت في تاريخ كل الأمم الأخرى التي سادت ردحا من الزمن أو التي لم تزل، لوجدت أمرا عجبا!. كل تلك الأمم مارست القتل والاذلال لشعوب مستضعفة وأشرعت أياديها في تدمير كل مقومات احياء تلك الشعوب من جديد تحت حجج غرائبية لا تنتمي لدين ولا لمنطق ولا حتى انسانية!. ترى بأي ذريعة تم ابادة جل الهنود الحمر ساكني مايسمى بأمريكا الآن من قبل فلول العصابات الأوروبية التي تم اجلاؤها عن بلدها الأم بسبب جرائمها!، أم تحت ظلال أي قانون سفكت دماء المسلمين في كوسوفا والبوسنة والهرسك وطالهم من التعذيب الجسدي والنفسي مالم ينله أحد من العالمين شأنهم في ذلك شأن كل الشعوب الاسلامية التي تسلطت عليها يد الاجرام الالحادية فنالت منها نيلا يخجل منه وحش الغاب وينحني لممارسيه إجلالا واعترافا لهم بالأسبقية وبالأفضلية. ولأن أمر استدعاء التاريخ غير مبرر خصوصا ونحن لما نزل نعايش أوضاعا معاصرة يندى لها جبين الانسانية من ممارسات قتل منظم على أيدي دول وأمم، لذا سنضرب الصفح عن سرد وقائع أخر! قد تكون معلومة لدى الكثير، كما أن ايراد الأمثلة ليس مقصود المقال ولا مراده!. نعم، ليس المقصود ضرب الأمثلة، بل النظر بعين الامعان والتأمل والتفكر حيال تلك الجرائم، ثم القذف بسؤال حاد الرأس: أكان في منهجية أولئك المجرمين شيء اسمه (جهاد)؟! أو بمعنى آخر: أكان يعتقد أولئك أن قتلهم للأغيار يعد من صميم دينهم أو أيديولوجيتهم على نحو أعم؟!. أم أن المصلحة كانت الرائد والمنفعة في ابادة المغاير كانت القائد!. أقول، مهما طالبنا بالحوار ومهما أمعنا في أحلام اليقظة بأمل سيادة فكر السلام!، سيظل التدافع بين الأمم سنة كونية ماضية إن قلنا بها صراحة - ونحن نعلنها دائما! -، فإن الآخرين مضمرون لها وهاهي حممها تتفجر من براكين الحقد والغل في نفوسهم الخبيثة، فنرى نتاجها عيانا: إخوة لنا من أرض الاسراء والمعراج يبادون ابادة تامة وغيرهم في بعض بقاع العالم الاسلامي. أقولها بصراحة ووضوح لا لبس فيهما: الكل يجاهد من أجل تفوقه وقمع الآخرين، لكن يبقى أن جهاد أولئك - غير المسلمين - فالت زمامه، تحركه المنفعة والمصلحة وقد تتلبسه أيديولوجية شائهة، ويردعه فقط - وأكررها فقط - القوة المقابلة للطرف الآخر، ويوم أن لاتوجد فاشهد دماء نازفة وأعراضا منتهكة وأشلا ء متناثرة وكرامة مهدرة، على حين أن الجهاد الاسلامي قتال مقنن له أهداف ومرام سامية، أهمها افساح المجال رحبا في حرية الشعوب لاختيار الدين والنهج الذي ترتضيه لاتكره على أمر لاترتضيه بعد أن يزال من طريقها كل عقبة تحول دون الوصول الى حقيقة الاسلام. والجهاد في الاسلام له ضوابط، فلا اعتداء على مستضعفين أبدا من شيوخ ونساء وأطفال ومعتزلين لعبادة أي كانت بل إن البيئة القتالية مأمور ألا يعتدى عليها بأي حال!، ولنرجع إلى مقولة القائد العظيم (أبي بكر رضي الله عنه) في هذا الشأن فهي بحق نبراس لكل رحمة وانسانية، فهل لنا بمشابه في قادة الأمم المعاصرة التي تأمر أتباعها في انتهاك أبسط حقوق الانسانية عند ملاقاة المخالفين، فضلا عن الحيوانية والبيئية (يهلكون الحرث والنسل). أنا أقول، والله لو علم أولئك الذين يشنعون على المسلمين تواجد هذا الطرح الجهادي في فقههم، لو علموا حقيقته السامية وضوابطه الراقية، لطالبوا بأن يفقه المسلمون هذا الباب وأن يطبقوه بحذافيره نفعا للعالم بأسره.