ارتفعت في الآونة الأخيرة نسبة الجرائم الاقتصادية في سويسرا بدرجة لافتة للنظر، ففي كانتون زيورخ وحده وصل عدد البلاغات المقدمة للتحقيق في عمليات غسيل أموال مشبوهة في عام 2002 إلى 37، ثم ارتفعت إلى 166 حالة خلال عام واحد.
كما سُـجلت نفس هذه النسبة المرتفعة (وإن بدرجة أقل) في ملفات المساعدة القانونية والقضائية التي تتقدم بها بعض الدول إلى سويسرا للمشاركة في التحقيقات حول جرائم اقتصادية تقع في تلك البلدان ويظهر اسم الكونفدرالية بشكل أو بآخر في سياقها.
وتلقي هذه البيانات التي تعكس مدى كثافة العمل في ملفات الجريمة الاقتصادية الضوء على القصور الرسمي السويسري، فجهاز الإدعاء العام لم يف بتعهداته بتوفير الكوادر والعمالة اللازمة لجهاز مكافحة الجريمة الاقتصادية، على الرغم من البيانات الرسمية التي تؤكد تكبد الكنفدرالية لخسائر فادحة من ورائها.
من جهة أخرى تتحمل السلطات المحلية في الكانتونات جزءا من المسؤولية نظرا لأنها اعتمدت على تولي الحكومة الفدرالية بنفسها هذا الملف، ومن ثم قلصت أعداد العاملين لديها في هذا المجال، وهو ما أدى إلى افتقاد التنسيق الداخلي بين الحكومة الفدرالية ومختلف الكانتونات.
فعلى سبيل المثال شهد كانتون زيورخ في النصف الأول من عام 2003، فتح ملفات 128 قضية اشتباه في جريمة اقتصادية، بينما لا يوجد سوى 14 محققا للنظر فيها، ويقدر المسؤولون أن عدد القانونيين المطلوبين للنظر في هذا الملفات بشكل مناسب يجب ألا يقل عن 400 شخص، إلا أن الإجراءات التقشفية الصارمة التي فرضتها برن على جميع الإدارات، مسّـت بشكل واضح ومؤثر الميزانيات المخصصة لقطاعات بالغة الأهمية، ومن بينها الجهاز القضائي بمختلف تخصصاته.
ونتيجة لهذا العجز في الكوادر المتخصصة والمؤهلة في هذا المجال، ازداد العبء على الكانتونات التي تُـولي اهتماما كبيرا لهذا الملف.
فقد تحول كانتون زيورخ مثلا إلى مرجع (وطني) في القضايا المشابهة، نظرا للاهتمام الكبير الذي توليه السلطات المحلية لهذه الملفات بحكم مكانة زيورخ الدولية من ناحية، ونتيجة لارتفاع عدد القضايا المرفوعة، سواء من طرف أجهزة الرقابة أو من جانب الضحايا بمختلف أنواعهم، سواء كانوا شركات أو مؤسسات أو حتى رجال أعمال.
ويرى عدد من الخبراء أن هذا (التراخي) في الانكباب على معالجة ملفات الجرائم الاقتصادية يعود إلى أن التحقيق فيها ليس سهلا مقارنة مع الأصناف الأخرى من الجرائم.
ويتخوف المراقبون من أن يؤدي هذا التباطؤ في معالجة ملفات قضايا الجرائم الاقتصادية إلى زيادة عددها.