أخبار متعلقة
تنتشر ثقافة احترام حقوق الحيوان في المجتمعات الأخرى، لا بل وصلت إلى مرحلة التجذر،
فالزعيم الهندي (المهاتما غاندي) يقول: يمكننا تقدير مدى عظمة الأمة، ورقيها الأخلاقي، من
أسلوبها في معاملة الحيوانات.
ويقول الفيلسوف الأسترالي (بيتر سينجر): هل يجرؤ عالم في مختبر أن يستخدم في تجاربه وليداً
بشرياً؟!. إذاً، فإقدامه على استخدام الكائنات غير البشرية يكشف عن ظلمٍ بـين، وضربٍ من
التمييز العنصري، على أساس النوع، ولكن..هل نطبق نحن المسلمين النصوص الواردة في واقعنا
اليومي؟ سؤال نسعى للإجابة عنه من خلال هذا الاستطلاع.
تستمر حماسة (سينجر)، في دفاعه عن حقوق الحيوان، فيقول: إن حركة تحرير الحيوان تفرض على البشر التزامات أكثر من أي حركات تحرير أخرى عرفوها؛ لأن الحيوانات ـ بطبيعتها ـ تعجز عن المطالبة بتحريرها، وعـن إبداء معارضتها لما تتعرض له من انتهاكات؛ فلا أصوات انتخابية لها، ولا هي تستطيع تنظيم التظاهرات، أو استخدام المفرقعات!
احتباس وتعذيب
أما (ريتشارد رايدر)، مؤلف كتب "ثورة الحيوانات"، و"حقوق الحيوان"، و"ضحايا العلم ـ استغلال الحيوانات في البحث العلمي"؛ فإنه يتساءل: هل لكون أحد أنواع الكائنات الحية هو الأكثر مهارةً، يعطيه الحق في احتباس وتعذيب الأقل مهارة من الأنواع الأخرى؟
غير ان ثقافة رعاية الحيوانات وتوفير حقوقها، لا بل الوصول إلى مرحلة التشريع، ليست حكراً على الغرب، فلقد سبقهم إليها الإسلام، فلقد أوصى الإسلام بالإحسان إليها حتى في حال ذبحها، فيروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته))، كما حرم تعذيب الحيوان، فلقد أخرج الشيخان عن عبدالله بن عمر (رضي الله عنهما) أنه مر بفتيان من قريش نصبوا طيراً وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً. كما حرم الإسلام حبس الحيوان، والتضييق عليه، ففي الصحيحين أن امرأة عُذبت ودخلت النار في هرة حبستها، لاهي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
وكذلك حرم إرهاقه في العمل، حيث يروى ان جملا اشتكى ما يلاقيه من تعب وجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عبدالله بن جعفر (رضي الله عنهما) قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسّر إلي حديثاً لا أخبر به أحداً أبداً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل، فدخل يوماً حائطاً من حيطان الأنصار، فإذا جمل قد أتاه، فجُرجر وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه (ذفري البعير هو أصل أذنه)، وهو الموضع الذي يعرق منه الإبل خلف الأذن - فسكن فقال: (من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال (أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله، إنه اشتكى إلي أنك تجيعه وتدئبه ـ أي تُتعبه-).
كما أكد على احترام مشاعر الحيوان، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يحدّ السكين بحضرة الحيوان الذي سيذبح، فمرة مرّ على رجل واضع رجله على صفحة شاة، وهو يحد شفرته، وهي تلحظه، فقال: (أفلا قبل هذا، أتريد أن تميتها موتتين؟). كما ان الإسلام راعى حق الأمومة عند الحيوان، فعن ابن مسعود (رضي الله عنه) أنه قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرةً معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرّش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها). كما يروي النسائي وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال (من قتل عصفوراًَ عبثاً عج (أي رفع صوته بالشكوى) إلى الله يوم القيامة، يقول: يا رب إن فلاناً قتلني عبثاً, ولم يقتلني منفعة.
نحن.. والغرب
بداية أبدت ريما المهيدب (طالبة) اسفها لعدم وجود اهتمام بالحيوان.. تقول: إنه بلا حقوق في مجتمعنا، رغم أننا مسلمون، وديننا الحنيف يحثنا على الاهتمام بالحيوان، ويجب أن نكون قدوة لغيرنا.. ولكن ما يحدث هو العكس, حيث إن غير المسلمين هم من يقدّر الحيوانات أكثر مما نفعل نحن, فلديهم جمعيات لرعاية الحيوان.. وفي كل بيت حيوان يُعامل كفرد من أفراد العائلة.
وتتمنى ريما ان يراعي مجمتعنا حقوق الحيوان، بان نعطف عليه، كما هو حاصل في المجتمعات الأخرى.. وتتابع قائلة: رأيت الكثير من أنواع الاستهتار بالحيوان في مجتمعنا, وأذكر لكم أكثر ما ضايقني, وهو جثة كلب مرمية في الشارع, أراها يومياً وأنا في طريقي إلى الجامعة.. وبقيت الجثة لأكثر من أسبوعين.. بل أسابيع، وهي مرمية، لم ينتشلها أحد.. وتتساءل: لماذا؟!.. أليس للحيوان حقوق أيضاً؟!.. هل من الصعب أن نحمل الجثة وندفنها؟!.. أم لأنه حيوان؟!!
استغلال الدلافين
وتتهم ريما أحد مراكز الترفيه في الدمام، بانتهاك حقوق الحيوان، من خلال تقديم عروض الدلافين.. قائلة: إنهم يبحثون عن أي طريقة لإرضاء الناس، حتى لو كان ذلك على حساب صحة الدلافين, خصوصاً في موسم الصيف, حيث يزداد إقبال الناس على المركز، من أجل مشاهدة الدلافين، التي تبذل نشاطاً أكبر في الصيف, والأسوأ أن جونا القاسي في الصيف لا يناسبها أبداً.. والمؤلم أن أحد الدلافين مات في الصيف الماضي، بسبب النشاط الزائد الذي فاق قدرته وطاقته, إضافة إلى الجو الحار، الذي لا يتحمله بطبيعته.
وتناشد من يهمه الأمر بإنشاء جمعية لحماية الحيوان لردع قساة القلوب.
جمعية للحيوانات
أما أم نايف (ربة منزل) فتطالب بإنشاء جمعية لحقوق الحيوان في المملكة, قائلة: في ليلة من الليالي الباردة, حاولت النوم، ولكنني لم استطع, حيث كان هناك كلب ينبح بالقرب من بيتي، واستمر نباحه حتى ساعات الفجر, وكان واضحاً من صوته أنه جائع.. وتمنيت لو وضعت له طعاماً، ولكن للأسف لم يكن في البيت سواي... آلمني كثيراً أن آكل وأنام وأنا شبعانة.. بينما هناك من يبحث عن طعام ومكان دافئ... فلماذا لا يتم تأسيس جمعية لحماية الحيوان, فهذا مشروع خيري عظيم. فمن يرغب في كسب الأجر ونيل رضا ورحمة الله تعالى فليرحم الضعفاء في الأرض، والحيوانات في مجتمعاتنا هم من الضعفاء في الأرض.
وتضيف أم نايف:الأهم هو أن نعلّم أبناءنا منذ نعومة أظفارهم حقوق الحيوان، وما أوصانا به الإسلام، من ضرورة العطف على هذه المخلوقات الضعيفة والرفق بها, وليس إيذاءها، فقط لأنها لا حول لها ولا قوة.. نعم, هناك الكثير من الأطفال.. بل والكبار الذين يستمتعون بتعذيب الحيوان، وإلحاق الأذى به.. وأذكر أن ذلك الكلب الذي كان ينبح عند بيتي من الجوع, تعرض عدة مرات للأذى على يد أطفال الحارة، من خلال رميه بالحجارة، وتعذيبه بطرق أخرى، فقط لأنه كلب أليف.. يبدو أن صاحبه قد تخلص منه مؤخراً.. وتختتم: والله حرام.. ولكن ما الحل؟!
خطف الصغار
في حي آخر, كانت هناك كلبة ولدت للتو, وكانت تترك أطفالها في حفرة حفرتها بنفسها، بالقرب من البحر (على الكورنيش), وكانت تغيب عنهم بعض الوقت لتأكل ثم تعود لإرضاعهم.. تقول أم وليد (إحدى الساكنات في الحي): رأيت أحد المراهقين في الحارة يهرول حاملاً بين ذراعيه جروا صغيرا.. ظننت أنه ملكه.. ولكنني اكتشفت فيما بعد من نباح الكلبة وانفعالها، وهي وسط أطفالها أن هناك جروا مفقودا... فأين الضمير؟!.. هل الحيوانات عديمة الشعور، ولعبة نلعب بها متى نشاء؟!.. أيرضى قساة القلوب هؤلاء أن يؤخذ شيء عزيز على قلبه؟!.. طبعاً لا، إذن لماذا نخطف أعزاءهم!وتتمنى أم وليد أن تكون هناك ذرّة رحمة في قلوب البعض.. تقول: القليل من الرحمة فقط!
تسلية صيفية
وتعتبر عبير الحسين (موظفة) إقدام البعض على شراء الحيوانات لتربيتها في بيته أمرا جميلا, وكذلك قيام البعض بأخذها من الشارع، لحمايتها وإطعامها, ولكنها تقول: ليت بعضهم يكمل إحسانه, ولا يهملونها بمجرد حلول العطلة, خصوصاً العطلة الصيفية, فيترك الواحد منهم قطته أو كلبه في البيت دون رعاية, أو قد يرميه في الشارع!!.. وهذا ما رأيته بعيني في إحدى المرات, حيث مررت بأحد الشوارع, ورأيت قطة على الرصيف، وكان واضحا أنها قطة منزلية, فلقد كانت ترتدي قلادة، ولكنها كانت منهكة من التعب، وتخرج لسانها من العطش، وكان ذلك في وقت الظهيرة، وهي تحت أشعة الشمس الحارقة، بعدها قررت أن أعود لنفس المكان لأخذها، ولكنني ـ للأسف ـ لم أجدها. كان هذا في الصيف الماضي. وأتمنى أن تكون القطة عند صاحبها الآن, أو عند شخص آخر.
وتبدي أشواق (موظفة) غضبها، بسبب إهمال مجتمعنا لحقوق الحيوان.. تقول: نحن ندلل أبناءنا، وليس في ذلك ضير، فهذا ما تأمرنا به شريعتنا، وحسنا الإنساني.. ولكن ما يزعجني هو أن الحيوان في نظر الكثير من الناس هنا تسلية ولعبة, متى ما ملها يتخلص منها في الحال. أقول هذا بعد أن رمى أحدهم قطة وأطفالها في الشارع، بعيداً عن منزله، وكان أحضرها لتسلية أبنائه، ولكنهم ملوا منها بعد فترة من الوقت، فما ذنب تلك القطة الجميلة، التي تباع بسعر غالٍ في السوق؟ لترمى هي وأطفالها حديثو الولادة في شارع خطر, والمؤلم أنها قطة منزلية، لا تستطيع أن تدبر أمرها، فقد تعودت على أن يأتي الطعام لها في مكانها، لا أن تبحث هي عنه بين القمامة، كبقية القطط المشردة!
وتتساءل أشواق: لماذا لم يبعها, أو يعطها لأحد آخر، بدلاً من رميها في الشارع، لتكون عرضة للموت؟! وتعقب: هذا ظلم كبير، لذا أناشد جميع أصحاب محلات الحيوانات الأليفة عدم بيع أي حيوان أو طائر، إلا بعد التأكد من أن الشخص الذي سيشتريه لن يهمله، أو يتخلص منه بطريقة سيئة، كما فعل صاحب هذه القطة, وأن يتعهد بذلك.
وتعتقد أشواق أن جمعية لحقوق الحيوان هي ما ينقصنا في مجتمعنا.