أعلن الرئيس الامريكي جورج بوش أمس طلبا مستحيلا من الفلسطينيين تزامنا مع زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون للولايات المتحدة في موسم المزادات الانتخابية الأمريكية، وهو أن عليهم التخلي عن حق العودة (لـ 4 ملايين لاجئ) الى ديارهم في فلسطين المحتلة التي غادروها تحت فوهات سلاح الميليشيات الصهيونية في عام 1948، مدعيا أنه من غير الواقعي التفكير الآن بالعودة الى حدود اسرائيل لعام 1949.وفيما يشبه "وعد بلفور" جديد للاسرائيليين، رفضته السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الفلسطينية فور اعلانه، زعم بوش بينما كان شارون الى جواره في مؤتمرهما الصحفي عقب مباحثات بالبيت الأبيض، أن على الفلسطينيين التخلي عن حق العودة والاستقرار في الاراضي التي ستمنح اليهم! وأنه إذا أرادوا أن تكون لهم دولة فإن عليهم محاربة الارهاب.
واعتبر شارون أن خطته المزعومة لسحب الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة ستشجع على استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ووصف بوش هذه الخطة المزعومة بأنها تاريخية وشجاعة واذا قررت جميع الاطراف قبولها فانها يمكن ان تفتح الطريق لتحقيق تقدم يضع حدا لواحد من اطول النزاعات في العالم!.
ودعا بوش اسرائيل الى أن يكون الجدار الفاصل الذي تبنيه في الضفة الغربية موقتا وليس دائما، ورد شارون على الدعوة الأمريكية باعلانه في رسالة نشرها البيت الأبيض، تسريع بناء الجدار!. وقال إننا ننوي التعجيل في بناء الجدار الامني الذي يعتبر انجازه اساسيا لضمان امن مواطني اسرائيل.
وقال بوش ان الحاجز الذي تبنيه اسرائيل حاليا في اطار الجهود لتحسين الامن يجب كما قالت حكومتكم ان يكون حاجزا امنيا وليس سياسيا. وان يكون مؤقتا وليس دائما وان لا يستبق اتفاقات الوضع النهائي بما فيها رسم الحدود.
واضاف ان مساره يجب ان ياخذ في الاعتبار الاحتياجات الامنية وتاثيره على الفلسطينيين الذين لا يقومون بانشطة ارهابية ـ على حد قول الرئيس الأمريكي ـ.
وشدد بوش على انه يتعين على الفلسطينيين الاصرار على الاصلاحات والتغييرات وعلى ان يكون لهم قادة يعملون على طريق الاصلاحات والتقدم والسلام، مؤكدا التزامه باقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش في سلام الى جانب اسرائيل شرط ان يتخلى الفلسطينيون عن المقاومة التي نعتها بالارهاب.
كما أشاد حليف بوش، رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بخطة شارون المزعومة للانسحاب من غزة. وقال في بيان ان الانسحاب الاسرائيلي سيكون خطوة مهمة نحو السلام. واضاف نريد جميعا رؤية الطرفين يبرمان سلاما تاما يؤدي الى دولتين، اسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا الى جنب في سلام وامن.
الرد الفلسطيني
وفي الرد الفلسطيني على تصريحات بوش المشتركة مع شارون في البيت الأبيض، أعلن رئيس الوزراء أحمد قريع أن هذه التصريحات لا يمكن قبولها.
وقال في مؤتمر صحفي لا يمكننا ان نقبل بذلك لان هذه المسائل يجب ان تتقرر خلال المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، ليس من مسؤولية رئيس الولايات المتحدة ان يقرر ما هو واقعي وما هو غير واقعي.
وأضاف ان احتلال اسرائيل لاراض فلسطينية هو الامر غير الواقعي.
كما وجه انتقادات لبوش لأنه لم يندد ببناء اسرائيل الجدار الفاصل في الضفة الغربية.
كما رد صائب عريقات الوزير الفلسطيني لشؤون المفاوضات على دعوة بوش، بأن الرئيس الامريكي لا يملك التفاوض باسم الشعب الفلسطيني ولا يستطيع انتهاك قرارات الشرعية الدولية التي تضع الاستيطان الاسرائيلي في قائمة الأعمال غير الشرعية.
وقال لمراسل فرانس برس أن الرئيس بوش لا يستطيع التفاوض باسم الشعب الفلسطيني او تغيير قرارات الشرعية الدولية 242 و338 و194 او الاتفاقات وخارطة الطريق.
وشدد عريقات على ان الرئيس الامريكي لا يستطيع انتهاك قرارات الشرعية الدولية من خلال مكافأة الاحتلال على سرقة الاراضي الفلسطينية والاستيطان.
وقال لدينا رسالة ضمانات امريكية من حكومة الرئيس بل كلنتون في اكتوبر 1991 نصت على ان قضايا القدس والحدود واللاجئين والاستيطان يجب حلها عبر مفاوضات. وأضاف أن هذه الرسالة اكدت على ان الاستيطان غير شرعي وعلى وجوب حل قضية اللاجئين الفلسطينيين استنادا الى القرار 194.
وراى عريقات انه اذا ارادت اسرائيل صناعة السلام فهي تدرك ان هناك قيادة منتخبة للشعب الفلسطيني مشددا على ان اقصر الطرق للسلام هي انهاء الاحتلال الاسرائيلي والانسحاب الاسرائيلي من الاراضي التي احتلت عام 1967 وحل قضية اللاجئين استنادا للقرار 194.
وقال عريقات متهكما، ان بوش يستطيع الاتفاق مع شارون على الغاء شهر رمضان لكن هذا لا يعني ان المسلمين لن يصوموا رمضان، ويستطيع الاتفاق على الغاء اعياد الميلاد ولكن هذا لا يعني ان مسيحيي العالم سوف لن يحتفلوا بها.
وقد اعتبر الرئيس الامريكي جورج بوش اليوم في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون انه من غير الواقعي توقع العودة الى حدود 1949 في اطار اتفاق سلام في الشرق الاوسط وان على الفلسطينيين التخلي عن حق العودة والاستقرار في الاراضي التي ستمنح اليهم.
رصاصة الرحمة
واعتبرت حركة الجهاد الاسلامي أن تصريحات بوش أمس هي رصاصة الرحمة على خارطة الطريق مشددة على ضرورة دعم السلطة الفلسطينية للمقاومة.
وقال محمد الهندي من أعضاء القيادة في الحركة ان الرئيس جورج بوش اطلق رصاصة الرحمة على خارطة الطريق التي هي خطته وأن هذه التصريحات تدفع الفصائل الى مطالبة السلطة الفلسطينية الى حوار جاد لدعم المقاومة.
واضاف الهندي ان هذه التصريحات تنسف كافة الثوابت الامريكية للحكومات السابقة في التعامل مع قضايا الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وراى ان كلام بوش ضوء اخضر بان لا يعطي شارون اي حساب لأحد حتى القادة العرب، حيث سيعود منتصرا ويطبق خططه الاحادية للانفصال وتابع هذه لطمة كبرى لكل من راهن وبنى حساباته على موقف واشنطن وعلى انها حكم نزيه، وهي (التصريحات) تزيد من صدقية المقاومة الفلسطينية.
وشدد الهندي على ضرورة ان يلتف الجميع حول المقاومة مؤكدا ان بوش لا يستطيع ان يلغي حقوق الفلسطينيين بما في ذلك اللاجئين، لكنه تصريح خطير جدا.
وتوقع الهندي ان يزيد شارون من اعتداءاته وعدوانه ضد الفلسطينيين بعد هذا الرضا الامريكي.