تواجه سلطة الاحتلال الامريكي في العراق اكبر مأزق لها في العراق منذ سقوط بغداد جعلها تعيد النظر في حساباتها. فقد تمرد عليها الجيش العراقي الذي اعتقدت انها صنعته حسب مواصفات تخدم اهدافها في العراق والمنطقة لكن وطنية العراقيين كشفت معدنها في الوقت المناسب فرفض جنود الكتيبة 36 ضرب مواطنيهم في الفلوجة والقموا الامريكيين حجرا عسير الهضم، 620 جنديا من الكتيبة 36 ووحدات اخرى اعلنوا انحيازهم الى مواطنيهم ورفضوا الامتثال لاوامر المحتل الامريكي قائلين: لم نلتحق بالجيش لمثل هذا العمل و"لن نقصف المساجد او ندمر المنازل.
مصادر مطلعة قالت لـ (اليوم) ان جنود الكتيبة 36 التي دربها الامريكيون تدريبا جيدا واعتبروها نموذجا ونواة مهمة في جيش جديد يخدم مصالحهم تحت راية الجيش العراقي. الفوج الذي يعد واحدا من اربعة افواج تخرجت قبل اشهر رفض صراحة مشاركة الامريكيين ضرب واقتحام الفلوجة يوم الخامس من ابريل الجاري فأسقط في يد الامريكيين وسرى الذهول في اوصالهم من بغداد حتى البنتاجون والبيت الابيض. ولم يكن امام سلطة الاحتلال سوى اللجوء الى اسلوبها المعروف فقامت بمعاقبة جنود الفوج جميعا واعتقلتهم في قاعدة للمارينز في التاجي شمال بغداد لرفضهم ضرب مواطنيهم. حبس الجنود الوطنيين في مخزن مبرد لعدة ساعات تعرضوا فيه الى وعكات صحية وما زال اكثر من 200 عسكري من الكتيبة 36 محتجزين منذ عدة ايام قرب الفلوجة.
وقد فوجئت قيادة قوات الاحتلال الامريكية التي خصصت حتى الان مبلغ ملياري دولار لاعداد جيش عميل تحت راية الجيش الوطني بهذا التصرف الذي لم تتوقعه فكان شهادة عملية على فشلها الذريع في تجنيد قوات موالية لها ، وقد اضطرت الى الاعتراف بهذا الفشل عبر قادة امريكان في بغداد وواشنطن.
على الصعيد نفسه اعلن عدد من متطوعي الدفاع المدني العراقي في الافواج التي شكلتها القوات الامريكية لمساعدتها في حفظ الامن في العراق تقديم استقالاتهم الجماعية وانهاء خدمتهم. وقال المتطوعون ان استقالاتهم هي اقل ما يمكن تقديمه من موقف احتجاجي على الوضع الراهن وقيام القوات الامريكية بممارسة العنف ضد المدنيين العراقيين. واكدوا انهم رفضوا الاستمرار في عملهم بعد ان طلبت القوات الامريكية منهم المشاركة في ضرب المدنيين في الفلوجة والشعلة الاسبوع الماضي . وكانت القوات الامريكية قد هددت المتطوعين باحالتهم الى محاكم عسكرية بعد ان جردتهم من ملابسهم ووضعتهم في العراء فيما استقبلهم اهالي القرى المجاورة لمقراتهم بالهتاف والتحية وقاموا بتوزيع الملابس عليهم وايصالهم الى مساكنهم.
وازاء هذه التطورات السريعة والخطيرة قالت مصادر عراقية مطلعة ان الإدارة الأمريكية في العراق تتجه إلى إجراء تغييرات في استراتيجية قواتها العراقية الجديدة تشمل إسناد مناصب قيادية إلى اعضاء بارزين في الجيش السابق تتأكد من ولائهم لها.
ووفقاً لهذا التوجه فإن ضباطا كبارا من الجيش السابق في عهد صدام حسين سيعهد إليهم القيام بتشكيل جيش عراقي تريد واشنطن ان يرهن نفسه في خدمة الاحتلال وقالت المصادر إنه سيتم خلال أيام قليلة تعيين عدد كبير من هؤلاء القادة والآمرين العسكريين في مناصب مهمة في وزارة الدفاع وهيئة الأركان المشتركة وحتى في قيادة الميدان. ويعكس هذا التوجه استجابة مباشرة لتوصيات سبق ان أوصى بها عضو مجلس الحكم اياد علاوي مع اختلاف الهدف والنوايا. وطلب قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جون أبي زيد من علاوي العودة إلى رئاسة اللجنة الأمنية لمجلس الحكم التي استقال منها احتجاجاً على إقالة بريمر وزير الداخلية السابق نوري البدران. وبحسب مصادر حركة الوفاق الوطني التي يتزعمها علاوي، فإن الجنرال أبي زيد اجتمع بعلاوي في بغداد وأكد له أهمية عودته لرئاسة اللجنة الأمنية للإشراف على عملية تسريع إعادة تشكيل جيش عراقي وفق المقترحات والتصورات التي سبق أن وضعها علاوي نفسه.