رأى مخرج سينمائي مغربي ان الوقت قد حان للمبدعين المغاربة لينتهزوا فرصة (الانفتاح السياسي) للحديث عن سنوات القمع التي عاشها المغرب.
وقال حسن بن جلون في حوار مع رويترز ان فيلمه الأخير (درب مولاي الشريف) الذي يتواصل عرضه حاليا في القاعات السينمائية المغربية: جاء ليتحدث عن فترة القمع في السبعينات والتعريف بها، خاصة لدى شباب هذا الجيل الذين لم يعيشوا هذه المرحلة.
وتدور اغلب أحداث الفيلم في مدينة الدار البيضاء، حيث مركز اعتقال (درب مولاي الشريف) في أحد أحياء هذه المدينة، وتمارس فيه شتى أنواع التعذيب على المعتقلين، خاصة معتقلي تلك الفترة الذين ينتمون إلى الحركة الماركسية اللينينة، متجسدين أساسا في منظمتين هما (إلى الأمام)، و(23 مارس).
وتربط البطل كمال الذي يعمل في المطار قصة حب طويلة بزميلته المضيفة نجاة ممتدة منذ الطفولة حين كانا جيرانا.
وبينما هو منغمس في علاقة حبه الجميلة التي أوشكت ان تتوج بالزواج، بعد ان ابتعد عن السياسة ومنظمة (إلى الأمام) يعتقل ويبقى لشهور في درب مولاي الشريف، ويلتقي برفاقه السابقين فيتعاطف معهم ويعود إلى الدفاع عن مبادئه من جديد، ويقدم كمال ورفاقه إلى المحاكمة.
أراد المخرج ان يبين أنها لم تكن عادلة، ويحكم عليه بالسجن 22 سنة، ويقضي عدد من رفاقه نحبهم في السجن، كما أصيب البعض بالجنون، وينصح نجاة بالابتعاد عنه، لأن مدته في السجن قد تطول لتغادر السجن يائسة محبطة.
ويقول بن جلون انه بالإضافة إلى قراءة قصة (الغرفة السوداء) الواقعية لجواد مديدش المعتقل السابق، الذي يروي تجربته في المعتقل، والتي استحضر من خلالها قصة الفيلم التقى بعدد من المعتقلين السابقين والقائمين على السجون أيضا، كذلك استحضر ذاكرته في تلك الفترة، وما كان يسمعه من أخبار من أصدقائه وأقاربه.
ويعود مخرج الفيلم في النهاية بتركيب لقطة واقعية وسينمائية في نفس الوقت، حين تلتقي بطلة الفيلم نجاة بكمال الذي يمثل الكاتب الحقيقي للقصة مديدش، حين يلتقيان في مكتبه، وهو منهمك في إمضاء الإهداءات للقراء على نسخ من قصته (الغرفة السوداء) يفاجأ بنجاة، وهي تقول له امضي لي على نسخة بعد ان فرقهما الزمن لفترة طويلة، وتكون مصحوبة بابنتها.
كما يصور أم مديدش، وهي تحكي معاناتها في فترة اعتقال ابنها. وقال بن جلون انه يهدي: الفيلم لكل الأمهات، لأنهن من تكبدن المعاناة اكثر من المعتقلين أنفسهم.. لأنهم ربما كانوا مقتنعين بنضالهم أما الأمهات المساكين فكن اكبر ضحية واكثر معاناة. وحاول بن جلون في هذا الفيلم قدر الإمكان تقريب المشاهد من جو السبعينيات في المغرب، من الإضاءة الخافتة إلى الملابس وتصفيفات الشعر والديكور والسيارات القديمة.
وقال بن جلون انه استعان بصديق إيطالي في اختيار ملابس شخصيات الفيلم، حيث قدم إلى المغرب، وقام ببحث ميداني عن اللباس التقليدي المغربي والعصري في تلك الفترة.. وقمنا بتصميم وخياطة نماذج منها بما فيها ملابس مضيفات الطائرات. ويشارك بن جلون بهذا الفيلم في شهر مايو القادم في مهرجان كان السينمائي في إطار (أفلام الجنوب) كما سيشارك به في مهرجان قرطاج.