في منتصف شهر كانون الاول الماضي نشرت وكالة الطيران والفضاء الوطنية الامريكية (ناسا) اولى الصور التي التقطها تلسكوبها الفضائي الجديد الذي يعمل بالاشعة دون الحمراء، وهو بمثابة مرصد جديد مبرد جدا يستطيع ان ينظر من خلال سحب الغبار التي تحجب الرؤية بغية التقاط صور لم تشاهد من قبل.
واطلقت الوكالة على التلسكوب اسم (تلسكوب سبيتزر الفضائي) تكريما لذكرى احد علماء الفلك المشهورين.
ويستطيع التلسكوب الجديد الذي كلف 670 مليون دولار واطلق في شهر آب الماضي ان يسجل موجات اشعة حمراء، او مصادر حرارية ضعيفة جدا مما يتيح لعلماء الفلك لاول مرة ان يلقوا نظرة على قلب الحقول النجمية التي كانت سحب الغبار والغاز الكثيفة تحجبها عن عدسات التلسكوبات التقليدية.
وقال مايكل ورنر، عالم الفيزياء الفلكية في مختبر الاندفاع النفاث في باسلدينا بكاليفورنيا والمشرف العلمي على مشروع سبيتزر ان التلسكوب الجديد سيوفر لنا طاقات قوية جديدة ستمكننا من رؤية اشياء لم تر من قبل وان نجيب عن اسئلة لم نكن حتى قادرين على طرحها من قبل. هذا التلسكوب هو أداة فلكية جديدة وقوية جدا.
وقال جيوفاني فازيو عالم الفلك في مركز هارفرد : لقد بتنا قادرين لاول مرة على رفع الستار الكوني الذي كان يحجب الرؤية ونرى الكون بكل مكوناته.
وقد اعلن مدير الناسا شون اوكيف ان التلسكوب الجديد يحمل اسم ليمان سبيتزر، عالم الفلك في جامعة برنستون الذي اقترح في العام 1946، قبل وقت طويل من تطوير اول صاروخ مداري بأن تطلق الولايات المتحدة تلكسوبات الى الفضاء فوق الغيوم الحاجبة لطبقات الجو العليا وقد كان سبيتزر احد رواد الجهود الهادفة الى اقناع الكونغرس بتخصيص اموال لاطلاق اسطول من التلسكوبات المدارية، وهو لعب دورا رئيسيا في اطلاق تلسكوب هابل الفضائي في العام 1990.
ومن اوائل الصور التي بعث بها تلكوب سبيتزر :
مجرة كانت تبدو مغبشة لعدسات التلسكوبات الاخرى. وفي صور سبيتزر يمكن رؤية حقول واسعة من النجوم في قلادة لولبية تطوق المجرة. كما تظهر في الصور صورا لغبار الكربون المتوهج.
ويقول فازيو انه هكذا كان النظام الشمسي يبدو في البادية.
جسم يقع على بعد 3.25 مليار سنة ضوئية يكاد يكون غير مرئي بأدوات اخرى ولكنه يظهر هنا كمجرة نشطة جدا تتوهج بألف ضعف وهج مجرة درب التبانة التي ينتمي اليها نظامنا الشمسي. وتستقر في قلب سحب المجرة موليكولات (خلايا) عضوية مثل ثاني اكسيد الكربون والسيانيد الذين يعتقد انهما البنى الكيميائية للحياة.
مذنب منطلق عبر النظام الشمسي على بعد 880 مليون كيلو متر من الشمس، وهو محاط بسحابة أكبر من المشتري بعشرين مرة ولكن تلكسوب سبيتزر يستطيع ان يرى القلوب المتوهج للمذنب.
وقال جون باكال من معهد الدراسات المتقدمة في جامعة برنستون بنيو جرسي ان تلسكوب سبيتزر سيتيح لعلماء الفلك ان يدرسوا المخاض الذي تتولد عنه النجوم وتتشكل الكواكب السيارة حتى على تخوم حافة الكون.
واضاف باكال : (سوف نتمكن من رؤية اشياء لم يرها انسان من قبل، هذا الجهاز سيغير الطريقة التي يعمل بها علماء الفلك.
والآن ، يقوم تلسكوب سبيتزر بجمع الاشعة دون الحمراء التي لا تراها العين المجردة ولكنها قادرة على اختراق الغبار والغاز.
والحقيقة ان كل الاجسام الموجودة في الكون تقريبا تبث بعض الاشعة دون الحمراء او الحرارة. ولاكتشافها يعمل تلسكوب سبيتزر على انه تلسكوب موجود داخل قارورة فراغية وكافة الادوات التي تتحرى الاشعة دون الحمراء يجري تبريدها بالهيليوم السائل، وهي معزولة ومحمية من اجزاء المركبة الفضائية التي تنتج حرارة. وهذا يبعدها عن حرارة الكوكب ويمكن التلسكوب من العمل في جو حرارته 450 درجة فهرنهايت تحت الصفر. اي اعلى بعشر درجات فقط من الصفر المطلق. وقال مسؤولون ان مخزون الهيليوم السائل سوف يدوم حوالي ست سنوات على التلسكوب اذا استعمل بالوتيرة الحالية.