تسعى الادارة الاميركية منذ بضعة ايام الى اقناع العالم بأن نقل السلطة في العراق سيتم فعلا في 30 يونيو متحدثة حتى عن احتمال الانسحاب العسكري بطلب من بغداد مع الحرص على اثارة المخاوف بان الاسراع في الرحيل سيؤدي الى الفوضى في هذا البلد.
وكان الرئيس جورج بوش قد اعلن في كلمته الاسبوعية عبر الاذاعة السبت ان الحكومة الانتقالية الجديدة ستتولى سلطة سيادية في 30 يونيو لكن المهمة الحيوية لقواتنا التي تساهم في ضمان الامن ستستمر في الاول من يوليو وما بعد ذلك. واكد ان القوات الاميركية ستبقى في العراق حتى يصبح العراقيون قادرين على ضمان امن بلادهم. وهو كلام مخالف لما اعلنه قبله بيوم واحد وزير الخارجية كولن باول حيث قال ان بلاده مستعدة للانسحاب من العراق اذا طلبت منها الحكومة الانتقالية ذلك. وكان المتحدث باسمه سكوت ماكليلان قد صرح مساء الجمعة بأن البيت الابيض يتوقع ان تبقى قوات التحالف في العراق بناء على طلب حكومة سيادية في الاول من يوليو. وقال اذا لم ترغب حكومة عراقية سيادية في وجودنا هناك، فاننا لن نبقى مستعيدا تصريحات في هذا المنحى لوزير الخارجية كولن باول.
ويبدو ان الحكومة الاميركية التي تواجه ميدانيا تصعيدا للهجمات فضلا عن فضيحة سجن ابو غريب حيث مارس عسكريون اميركيون التعذيب على معتقلين عراقيين، تسعى الى التأكيد بان تغييرا سيحدث فعلا في اواخر يونيو.
ففي حين تحوم الشكوك منذ اشهر عدة حول حقيقة نقل السلطة في العراق، تعمد الادارة الاميركية منذ بضعة ايام حتى الى الحديث عن احتمال الانسحاب العسكري من العراق لكي تظهر ان سلطة جديدة ستتولى فعلا مقاليد الحكم في هذا البلد اعتبارا من يوليو.
وفي هذا الصدد قال وزير الخارجية الاميركي كولن باول الجمعة ان قالت لنا (الحكومة العراقية الجديدة) انها ستتدبر الوضع بشكل افضل اذا رحلنا، فاننا سنرحل.
كذلك ادلى نظراؤه البريطاني جاك سترو والايطالي فرانكو فراتيني واليابانية يوريكو كواغوشي الذين تنشر بلدانهم قوات في العراق، بتصريحات من هذا القبيل. لكن باول وكذلك نظراؤه الاجانب لا تساورهم ادنى الشكوك بان الحكومة العراقية الجديدة لن تطلب رحيل القوات الاميركية بشكل سريع لانها ستجازف في نظرهم باغراق البلاد في الفوضى العارمة.
وقد بدأ الحديث عن احتمال الانسحاب في واشنطن الخميس على لسان مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية مارك غروسمان اثناء جلسة استماع في الكونغرس. لكن سرعان ما عارضه بعيد ذلك مدير الخطط الاستراتيجية في هيئة الاركان الاميركية المشتركة الجنرال والتر شارب الذي اكد ان طلب الانسحاب لا يمكن ان تقدمه حكومة مؤقتة وانما حكومة منتخبة، اي ان ذلك لن يتم قبل العام 2005.
ويوم السبت اشارت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست الى ان الغموض الناجم عن هذا التناقض برز على اعلى مستوى. فبعد اجتماعات عدة بما في ذلك مع جورج بوش، اكد كولن باول مساء الجمعة ان الانسحاب امر ممكن لكنه اعتبر في الوقت انه غير مرجح.