في الوقت الذي كان فيه الزعيم الليبي معمر القذافي يدين الارهاب ويفاوض من أجل رفع اجراءات الحظر المفروضة على ليبيا العام الماضي رتب أعضاء بارزون بجهاز الاستخبارات الليبية عملية سرية لاغتيال ولي عهد المملكة العربية السعودية وزعزعة أمن واستقرار المملكة الغنية بالنفط طبقا لتصريحات أدلى بها اثنان ممن شاركوا في هذه المؤامرة.والمشاركان هما: عبدالرحمن العمودي وهو قيادي إسلامي في امريكا مودع الآن في السجن بمدينة الاسكندرية بفرجينيا بالولايات المتحدة. والشخص الثاني هو العقيد محمد اسماعيل وهو ضابط في الاستخبارات الليبية مودع الآن في السجن السعودي. ولقد ادليا بتصريحين منفصلين للمسؤولين الامريكيين والسعوديين حددا فيهما تفاصيل المؤامرة. ولقد اخبر السيد العمودي مسؤولي (اف. بي. اي) ومحققين فيدراليين ان العقيد القذافي قد وافق على خطة الاغتيال.وأكد مسؤولون امريكيون ان التفاصيل التي ادلى بها كل من السيد العمودي والعقيد اسماعيل بشأن مؤامرة ليبية لاغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبدالله تبدو قابلة للتصديق مما حدا بالمسؤولين الامريكيين اجراء تحريات خاصة بهذا الموضوع.
ولكن المسؤولين الامريكيين قد ذكروا بانهم ما زالوا يتفحصون تفاصيل هذه المؤامرة والخطوات التي خطتها في ذلك الاتجاه وهل العقيد معمر القذافي كان طرفا فيها. وقالوا: ان هذه الاتهامات هي من الاسباب التي جعلت الولايات المتحدة تبقي على اسم ليبيا ضمن قائمة وزارة الخارجية الامريكية للدول التي تدعم الارهاب.
وقال مسؤول كبير بادارة الرئيس بوش يوم امس الاول الاربعاء: اننا على دراية كاملة بتورط ليبيا سابقا في دعم الارهاب وكان الزعيم الليبي قد تعهد بانهاء روابط ليبيا بالارهاب وبالتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها في الحرب ضد الارهاب.
وقال هذا المسؤول: اننا نراقب عن كثب مدى التزام ليبيا بمثل هذا التعهد.
ولقد ظل العقيد القذافي الذي قام بقلب النظام الملكي في ليبيا ينظر الى الاسرة السعودية الحاكمة نظرة عدم ارتياح وغالبا ما كان الاحساس متبادلا نظرا لانتهاجه مسلكا خاطئا في الشرق الاوسط.
ولقد سعى دبلوماسيون بريطانيون وسعوديون في السنوات القليلة الماضية من وراء الكواليس لمساعدة ليبيا في التفاوض من اجل رفع اجراءات الحظر المفروضة ضدها نتيجة لاتهام ليبيا بالمشاركة في عملية ارهابية ادت الى تفجير طائرة (بان ام 103) في عام 1988م.
ولقد تقدم السيد العمودي بهذه الرواية غير المكتملة مصحوبة بالتماس للتفاوض مع محققين فيدراليين حيث تمت ادانته في اكتوبر الماضي من قبل محكمة بمدينة الاسكندرية بالولايات المتحدة بتهمة تجاوزه اجراءات الحظر الامريكية بسفره الى ليبيا وتلقيه مبالغ مالية من مسؤولين ليبيين. وقال محامون: انه استنادا لقوانين فيدرالية فباستطاعة المحققين ان يحثوا القاضي على تخفيض فترة سجنه مقابل ادلائه بمعلومات حول هذه المؤامرة.
ولقد قام ثلاثة اشخاص لديهم معرفة شاملة بالقضية اصروا على عدم ذكر هوياتهم بتحليل تصريحات هذين الشخصين المتآمرين لان المعلومات بشأن هذا الموضوع مازالت ضمن نطاق السرية لدى الاستخبارات ودوائر فرض القانون الامريكية. ولقد كان مسؤولون امريكيون وبريطانيون وسعوديون كبار على دراية بالتحريات الخاصة بمؤامرة الاغتيال لعدة اشهر ماضية.
وكان كل من العقيد معمر القذافي وولي العهد السعودي الأمير عبدالله قد تصادما في مؤتمر القمة العربي الذي انعقد بشرم الشيخ والذي سبق حرب العراق وقام ولي العهد بالتحديق تجاه العقيد القذافي قائلا: (الكذب أمامك والقبر من قدامك) والحقيقة انه اذا ما ثبت للحكومات الامريكية والبريطانية والسعودية التي تعمل بتعاون وثيق للتحقيق في هذه المسألة ان هذه المؤامرة حقيقية فلربما يقوض ذلك تعهدات العقيد القذافي التي قطعها على نفسه بان حكومته قد تخلت عن الارهاب كما وربما يعيد ذلك فرض اجراءات الحظر الدولية مرة اخرى ضد ليبيا والتي تم رفعها من قبل مجلس الامن الدولي في سبتمبر الماضي بعد ان نبذت حكومة القذافي الارهاب واقرت بمسؤوليتها عن تفجير طائرة (بان ام 103) في عام 1988م وقبلت بدفع تعويضات مقدارها 10 ملايين دولار لكل اسرة من اسر الضحايا.
وقال مسؤول كبير بادارة الرئيس بوش: ان ظهور دليل مقنع على ان العقيد القذافي قد امر او اقر بخطة الاغتيال وحمله للارهاب فان ذلك قد يؤدي الى تحول بمقدار 180 درجة في السياسة الامريكية تجاه ليبيا.
ولقد نقل الرئيس بوش للمملكة العربية السعودية متابعته للامر وقال: انه سيتقصى ما جرى حول هذه المؤامرة طبقا لما قاله دبلوماسي.
ولقد اخبر السيد العمودي المحققين بانه تقابل مع العقيد القذافي مرتين احداهما في يونيو والاخرى في اغسطس عام 2003م لمناقشة تفاصيل خطة الاغتيال طبقا لما قاله اشخاص لديهم معرفة رسمية بالتصريحات.
وقال السيد العمودي: ان العقيد القذافي قال له (اريد مقتل ولي العهد السعودي إما من خلال عملية اغتيال او من خلال عملية انقلاب).
وطبقا لرواية السيد العمودي فان العقيد القذافي قد سأله في اغسطس لماذا لا يرى تطاير الرؤوس في الاسرة السعودية الحاكمة.
وتحتل رواية السيد العمودي لدى المحققين الفيدراليين اهمية خاصة لانها ترتبط بخطة ارهابية ضد قائد دولة ولهذا السبب فلقد تم استجواب السيد العمودي باستفاضة حول مقابلته للعقيد القذافي في مزرعته بسدرة في شهر يونيو وفي مكتب العقيد القذافي في طرابلس في شهر اغسطس.
ويحاول محققو (اف. بي. اي) بمكتبهم بواشنطن ان يرتبوا لقاءات بين اثنين من زملاء السيد العمودي الذي افضى اليهم بتفاصيل المؤامرة لزيادة التثبت من صدق الرواية.
وسيكون الشخص الاول الذي سيدلي للسلطات السعودية والبريطانية والامريكية بتفاصيل المؤامرة العقيد محمد اسماعيل البالغ من العمر 36 عاما والذي تم القاء القبض عليه من قبل الشرطة المصرية بعد فراره من المملكة العربية السعودية في نوفمبر الماضي في محاولة فاشلة لاعطاء مبلغ مليون دولار امريكي لفريق مكون من اربعة متطرفين سعوديين كانوا على استعداد لمهاجمة موكب الأمير عبدالله بصواريخ تطلق من الكتف وقاذفات قنابل طبقا لتصريحات العقيد اسماعيل. وقال: ان الاوامر بان يكون هو قائد ميداني لتنفيذ المؤامرة قد جاءت من عضوين كبيرين في الاستخبارات الليبية هما: عبدالله السنوسي وموسى كوسا اللذان يرفعان تقاريرهما مباشرة للعقيد القذافي.
ولقد سافر مسؤولون بدائرة (اف. بي. اي) ووكالة الاستخبارات الامريكية مرتين للمملكة العربية السعودية لمقابلة العقيد اسماعيل وقال المحققون: ان روايته تتطابق مع ما قاله السيد العمودي واذا ما ضمت الروايتان لبعضهما البعض فان التفاصيل ربما تتخذ كأساس لتوجيه تهمة بعمل اجرامي ضد العقيد القذافي بضلوعه في مؤامرة تضم مواطنا امريكيا هو السيد العمودي.
وكان السيد كوسا قد لعب في الخريف الماضي دورا رياديا في التعاون مع فريق الاستخبارات الامريكية والبريطانية لتسليم برامج لاسلحة دمار ليبية.
وسوف يقوم مسؤولون بدائرة (اف. بي. اي) بمقابلة الاربعة سعوديين الذين كان من المزمع ان يشاركوا في محاولة الاغتيال وقال مسؤولون سعوديون: انهم سيسمحون باستجوابهم عند تلقي طلب بذلك.
وتم القاء القبض على السعوديين الاربعة في 27 نوفمبر وهم يستعدون لتلقي مبلغ مليون دولار نقدا من العقيد اسماعيل ومن فريق من ضباط استخبارات ليبي بفندق هيلتون بمكة المكرمة الذي يطل على بيت الله الحرام الا ان شخصين لديهما إلمام بتصريحات العمودي والعقيد اسماعيل قد قالا: ان خطة مهاجمة ولي العهد كانت تتلخص في مهاجمة موكبه بصواريخ خارقة للدروع او قاذفات قنابل وقال شخص ثالث: انه كان هناك شك في ان الاربعة سعوديون الذين تم القاء القبض عليهم في مكة المكرمة كانوا سيهاجمون شقة الامير عبدالله التي تشرف على بيت الله الحرام ايضا.
واستنادا لتفاصيل المؤامرة فان كلا من السيد العمودي والعقيد اسماعيل قد سافرا الى لندن ليجريا اتصالات مع سعوديين منشقين بغرض تجنيد مقاتلين من خلالهم للعمل داخل المملكة العربية السعودية لديهم الرغبة في المشاركة في هذه المؤامرة وقاموا بتوزيع مليوني دولار نقدا في جهودهم المبذولة لتجنيد عناصر مشاركة في المؤامرة من هناك طبقا لرواية كل من العمودي والعقيد اسماعيل.
والسيد العمودي هو مواطن امريكي يعيش في فالس تشيرش في فريجينيا بالولايات المتحدة وظل لوقت طويل يعمل كمتحدث للمجلس الاسلامي الامريكي. ولقد قدمت له وزارة الخارجية الامريكية مبالغ مالية كمستشار لها وليسافر للخارج لكي يدعو للتسامح والمصالحة بين المسلمين والمسيحيين واليهود ولكنه اتهم لاحقا بالادلاء بتصريحات تدعم الارهاب.
وقال شخص مقرب من السيد العمودي انه يعتقد ان السيد العمودي قد دخل طرفا في المؤامرة لحاجته للنقود ولانه يعتقد ان القذافي لن يقدم على تنفيذ الخطة لقتل ولي العهد السعودي.
ولقد قال مسؤولان سعوديان: ان الامير عبدالله مقتنع بان العقيد القذافي دبر المؤامرة لقتله لشل الحكومة السعودية وقال مسؤولون سعوديون: لكن القائد السعودي قلق ايضا من الوقوع في ايدي المتطرفين الامريكيين الذين ربما يستخدمون هذه المسألة لاجراء تغيير في القيادة الليبية وهي خطوة سوف تعارضها المملكة العربية السعودية.
وقال مسؤول سعودي: اننا سوف نجعل القذافي يدفع ثمنا لذلك ولكن يجب ألا يؤخذ ذلك كمبرر لتغيير النظام.
وقال هذا المسؤول السعودي: ان ما يخدم مصلحتنا هو ان يظل الحيوان المحبوس في القفص في قفصه.
وقال السيد العمودي والعقيد اسماعيل: انه بعد اسابيع من وقوع المواجهة بين ولي العهد السعودي والعقيد القذافي في مؤتمر القمة الذي انعقد بشرم الشيخ في مارس الماضي عقد السيد السنوسي وهو احد اعضاء جهاز الاستخبارات الليبي لقاء ليخطط لحملة ضد السعوديين وكان احد الحاضرين لهذا اللقاء السيد العمودي الذي استدعي من الولايات المتحدة من قبل السيد السنوسي وتم ربط السيد العمودي بالعقيد اسماعيل لتوزيع مبالغ مالية في لندن كجزء مما وصف بانه حملة لزعزعة النظام السعودي استنادا لما ذكره اشخاص لهم علم باعترافات السيد العمودي. وقال هؤلاء الاشخاص: ان توجيهات السيد السنوسي ظلت غامضة في المرحلة الاولى ولكن عندما وصل السيد العمودي الى مزرعة العقيد القذافي في سدرة في يونيو تم تصعيد ابعاد المؤامرة بشكل كبير.
وذكرت تلك المصادر ان العقيد القذافي قد طلب من السيد السنوسي والسفير الليبي ان يتركا الغرفة حتى يتكلم على انفراد مع السيد العمودي. وسأل العقيد القذافي السيد العمودي: لماذا تتعاون معنا ضد ولي العهد السعودي استنادا لما ذكره مصدر قريب من السيد العمودي واجاب السيد العمودي: لانني لا اوافق على ما قاله ولي العهد لك. وبعد تلقي السيد العمودي عددا من التحويلات المالية النقدية الكبيرة سافر الى طرابلس في اغسطس وقال انه تقابل وهو في طرابلس مرة ثانية مع العقيد القذافي والذي سأل العمودي: لماذا لم ار حتى الآن اي شيء؟ لماذا لم ار رؤوسا تتطاير، وقدم له السيد العمودي افادة حول سير المخطط وما أحرزه من تقدم.
وتم القاء القبض على السيد العمودي في مطلع شهر اغسطس في مطار هيثرو في بريطانيا وهو يحمل مبلغ 000ر340دولار امريكي نقدا وقال لاحقا: انه تلقاها من ضابط استخبارات ليبي.
وقام المسؤولون البريطانيون بمصادرة هذا المبلغ واستجوبوا السيد العمودي الذي قال: انه تلقى هذا المبلغ من مجتمع الدعوة للعالم الاسلامي وهي مؤسسة خيرية تدعمها ليبيا.
واستقل السيد العمودي طائرة من لندن الى واشنطن وتم القاء القبض عليه بمجرد نزوله الى مطار دالاس في واشنطن في نهاية شهر سبتمبر. وتم توجيه التهمة اليه بانه قد تجاوز قانون الحظر المفروض ضد ليبيا من قبل الولايات المتحدة بسفره اليها وتلقيه مبالغ مالية من مسؤولين ليبيين.
وذكر اشخاص ملمون بتفاصيل المؤامرة ان العقيد اسماعيل قد تحدث بحرية وصراحة عن المؤامرة وعندما سأله احد مسؤولي (اف. بي. اي) اذا ما تم تعذيبه او اساءة معاملته اثناء سجنه بالسعودية اجاب: عومل بشكل حسن وانه يريد ان يتقدم بطلب للجوء السياسي لانه اذا عاد الى ليبيا فسوف يتم قتله.