قبل أحداث الخبر بشهرين تقريبا تنبهت رئيسة قسم توجيه وارشاد الطالبات بالخبر وفاء عبد الله السليمان ومشرفات القسم الى وجود خطر يهدد شبابنا وفتياتنا متمثلا في الفكر المنحرف والإرهاب الذي بدأ يتكرر صداه في أرجاء مملكتنا الحبيبة فمن الرياض الى مكة وينبع انتهاء بالخبر. وقد تم تنفيذ الملتقى التربوي الأول للتوجيه والإرشاد بالخبر تحت عنوان (خطوات في طريق بناتنا اليوم) بهدف التوعية بأثر القدوة الصالحة في تربية الأبناء وتوضيح دور التربية والتربويين في تنمية الوازع الديني ومفاتيح التواصل مع بنات اليوم وتنمية مشاعر الانتماء للدين والوطن لديهن والتوعية بالاسباب المؤدية بالأبناء الى الانحرافات الفكرية . وقد اقيم الملتقى تحت رعاية مسؤولة مكتب الاشراف التربوي بالخبر فريدة بشير طحلاوي وبحضور عدد كبير من القيادات التربوية والمرشدات الطلابيات بمقر مدارس الفيصلية الإسلامية للبنات بالخبر. وقد تناول فيصل بن ناصر الهاجري رئيس وحدة شئون المدربين بالإدارة العامة للتربية والتعليم للبنين بالمنطقة الشرقية مفهوم الانحراف الفكري وتاريخه الذي بدأ في أحداث الحرم الشهيرة حينما استحل بعض المنحرفين فكريا المسجد الحرام وسفك الدماء فيه ثم بدأ في التسعينات الميلادية خروج بذور الانحراف في العمليات الإرهابية بأسلوبها الدموي في الرياض والخبر.
وأكد الهاجري على ان أصحاب الأفكار الهدامة اذا رغبوا في نشر فكر معين اتجهوا مباشرة للشباب لسهولة السيطرة على أفكارهم وسهولة تغييرها حيث يتميز بجملة من التغييرات الجسدية والنفسية والفكرية وفكر الشباب متجدد وغير ثابت ويخضع لتأثير العواطف بشدة كما يتأثر بتجاهل الآخرين له وهذه النقطة ينبغي للآباء والأمهات التركيز عليها لأن عواقبها وخيمة على المجتمع بأسره.
وقد عرض فيصل الهاجري(هرم ماسلو) للحاجات موضحا كيف يبدأ الانحراف الفكري مبتدئا بالشبهات ثم الدخول إلى عقل الشاب للمرور على عدة فلاتر مرشحة أهمها(فلاتر الدين والعلم وثقافة المجتمع) حتى يصل الى الانحراف الفكري لتوافر عدة أسباب هي:
البناء الفكري الضعيف , المنهجية الخاطئة في التعامل مع الشباب , المستوى الاقتصادي والمعيشي والبيئي والاجتماعي , مناهج للتربية والتعليم , الأصدقاء الإعلام بجميع صوره , ضعف البناء الشرعي الحماس غير المنضبط , الاضطرابات النفسية والعقلية والعصبية , السفر , استقدام الخادمات والسائقين , الإنترنت , الهزال الروحي , وضعف الارتباط بالخالق عز وجل.
الحلول فهم الدين والحوار
وقد طرح الهاجري في محاضرته عدة حلول للعلاج منها الرجوع الى الدين والوقوف بقوة ضد الانحراف وإشاعة مبدأ الحوار موصيا في ختام محاضرته بالقيام بدراسات علمية مبنية على أسس علمية واعادة هيكلة المناهج الدراسية وتفعيل فكرة استثمار المباني المدرسية والتأكيد على المحاضن التربوية لإلحاق الشباب بأماكن موثوق بها وتفعيل دور المدارس بالقيام بأهم وظيفة وهي التربية وتوفير برامج تدريب مبتكرة تلبي حاجات الشباب وتطوير الأساليب التربوية المستخدمة في التربية وتقديم خدمات استشارية في الجانب النفسي والتوعية الثقافية المكثفة عن طريق الكتب والمجلات.
الانحراف ليس ظاهرة في مجتمعنا
وقد تساءلت الحاضرات عن الانحراف الفكري هل يعد ظاهرة في بلادنا؟ فأجاب الهاجري بأنه ليس ظاهرة والحمد لله ولكن لو ترك المجال للشباب ولم تشغل أوقاتهم بما هو نافع فسيؤدي ذلك الى وجود هذه الظاهرة.
كما تحدث الدكتور عبد الله الملحم استشاري الطب النفسي بمركز الظهران الصحي (ارامكو) عن اسباب الانحراف وطالب بتخصيص مادة للمشاكل النفسية للطالبات موضحا وجود دراسة أجريت على بعض المراهقين والمراهقات عن المؤثرات التي تؤثر عليهم وقد ذكروا (13) سببا كان تأثير الآباء والأمهات هو الرقم(9) والسبب هو انشغال الآباء والأمهات بالعمل الزيارات حتى يتحول الأب إلى (وزير الدفاع) في المنزل والام إلى (وزير الداخلية) ويضيع الأبناء بينهما.
وقد وجد أن الفراغ العاطفي الذي تعيشه البنات هو الذي أدى بهن الى بعض الانحرافات ويمكن ملء الفراغ العاطفي بالاستماع إليهم ولو ساعة واحدة في الأسبوع واعطاء الفرصة للضمير كي يتحرك مع ملء أوقات الفراغ بما يفيد وبما يحبونه في نفس الوقت وكسب ثقتهم فمعظم من ينحرفون حساب الثقة بينهم وبين أمهاتهم قليل جدا ويمكن كسب ثقتهم بالكلمة الطيبة وبالهدية والحوار الناجح دون طلب مقابل.
عوامل الاستقامة
كما بين الدكتور الملحم أن اكبر عامل يجعل الأبناء يستقيمون هو ما يشاهدونه من الآباء والأمهات وهي (نظرية القدوة) جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها الملحم في الملتقى تحت عنوان(العوامل النفسية المؤثرة على سلوك الطالبات والتي تدفع للانحرافات السلوكية) ثم تحدث الدكتور ميسرة طاهر أستاذ الصحة النفسية والعلاج النفسي بقسم علم النفس في جامعة الملك عبد العزيز والاستشاري التربوي والنفسي عن (مفاتيح التواصل مع فتيات اليوم) ، ودور اللغة في عملية التواصل سواء كانت مسموعة ام مرئية كما أوضح ان الحاجات النفسية للفتيات حاجات طبيعية يومية كالحاجة للحب والحنان والحاجة للتقدير والحاجة للنجاح وللانتماء بدءا من الانتماء للأسرة وانتهاء بالانتماء الى الرفيقات مؤكدا على أن الانتماء نتيجة حتمية لتحقيق الاحتياجات السابقة.
وذكر د. مسيرة طاهر الحاجة الى الأمن في قمة هرم الحاجات النفسية محذرا الأمهات والمعلمات من كثرة التهديد من أجل ان الأخطاء التي ترتكبها البنات ناتجة عن فقدان الأمن النفسي وفي نفس الملتقى التربوي الذي يسلط الضوء على (ظاهرة الإرهاب) تحدث أسامة بن عبد الله الخنيني مساعد مدير عام تعليم البنات للشئون التعليمية بالمنطقة الشرقية عن (دور المدرسة في توجيه الطالبات وارشادهن وتنمية الوازع الديني بشكل سليم) موضحا خصائص النمو في كل مرحلة من المراحل واثر القدوة الصالحة في حياة الأبناء.
وتحدث مندوب التربية والتعليم للبنات بالخبر خالد بن احمد السبتي عن دور التربويين وعلماء الدين في علاج الانحرافات الفكرية ذاكرا لمحة تاريخية سريعة عن الانحراف الفكري وقوانين هامة في طبيعة الفكر موضحا دور العلماء في المعالجة بتقليل الفجوة بين العلماء والدعاة وبين الشباب والفتيات واحتذاء المنهجية في التربية العلمية المتعلقة بالامور الشرعية أو العلوم الإنسانية والنسبية في الرد على المخالفين حتى لا يحدث الصراع والنزاع حيث يتعلم الطلاب والطالبات (أدب الخلاف) وعدم التستر على الأخطاء حتى لا تتكرر مع عرض العلماء والمشائخ الإسلام وتمثله بصورته النقية ومراعاة المرحلة العمرية التي يمر بها الشباب عند طرح الحلول واصلاح الوسط الذي يعيش فيه الشاب ليصلح فكريا, كما أوضح السبتي دور التربويين في معالجة الانحراف بواسطة القدوة واياد الأنشطة الفكرية من خلال النشطة المدرسية وتجديدها.
وقد اختتم الملتقى التربوي الأول الذي حذر من وجود الانحراف الفكري في أوساط أبنائنا بمحاضرة للشيخ محمد الدويش المحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن (مقومات نجاح التربية الأسرية) ومفهوم الاستقرار الأسري والخبرة التربوية للزوجين والتوافق بينهما وأساليب التربية والتغيرات الحادثة في العصر وعدم وجود مخالفات شرعية في المنزل لأنها تسبب دخول الشياطين وعدم دخول الملائكة وابعادها سبب لنزول البركة والخير مؤكدا على أن الكثير من الانحرافات التي تحصل اليوم يعود سببها الى وجود خلل في المنزل.