شهد الاقتصاد السعودي خلال العقود الثلاثة الماضية (1970 - 2000) تحولا كبيرا في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية. وقد ساهم في ذلك بشكل اساسي قيام الدولة ضمن اطار خطط التنمية, باستثمارات واسعة النطاق لارساء التجهيزات والبنى الاساسية المادية والاجتماعية والمرافق الصناعية شملت انشاء شبكة واسعة من الطرق والجسور والسدود والمطارات والموانئ والارصفة البحرية ومرافق الكهرباء والتحلية ونظم الاتصالات. كما تم انفاق مبالغ كبيرة على برامج التعليم والتدريب والصحة بما في ذلك انشاء المدارس والكليات والجامعات وكذلك المستشفيات العامة والتخصصية للقطاعين المدني والعسكري. وفي القطاع الصناعي, استثمرت الدولة موارد كبيرة في انشاء المدن الصناعية في المدن الرئيسية وكذلك المدينتان الصناعيتان الكبيرتان في الجبيل وينبع المزودتان بمرافق متطورة لاحتواء الصناعات الثقيلة مثل الصناعات البتروكيماوية الاساسية وصناعة الحديد والصلب ومصافي النفط العملاقة التي انشأتها الدولة بمشاركة عدد من الشركات العالمية, والقطاع الخاص.
كما تم تمديد شبكة انابيب ضخمة شرق المملكة ووسطها ومن الشرق الى الغرب لنقل النفط الخام والغاز لتزويد مصافي النفط ومصانع البتروكيماويات بالجبيل وينبع باحتياجاتها من النفط والغاز وكذلك محطات التصدير بالمدينتين لتصدير النفط الخام والغاز ومشتقاتهما. ووفرت الدولة, ايضا قروضا ومنحنا كبيرة لدعم الصناعات التحويلية والمشروعات الزراعية ومشروعات الاسكان للمواطنين. وقد حققت جهود التنمية تغيرات ملحوظة في هيكل الاقتصاد السعودي خلال العقود الثلاثة الماضية تمثلت في الاتي:
- سجل الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة لعام 1414/1415هـ (1994م) معدل نمو سنوي يقدر بنحو 4.7% في المتوسط خلال الفترة (1970 - 2000).
- حقق القطاع النفطي معدل نمو سنوي يقارب 4.1% في المتوسط خلال الفترة غير ان متوسط نصيبه في الناتج المحلي الاجمالي انخفض الى ما بين 29.0 الى 32.0% خلال السنوات الخطة السادسة مقابل اكثر من نصف الناتج المحلي الاجمالي (55.5%) خلال خطة التنمية الاولى, نتيجة لتوسع وتنوع النشاط الاقتصادي غير المرتبط مباشرة بالقطاع النفطي.
- حقق القطاع غير النفطي معدل نمو سنوي اعلى يقدر بنحو 5.8% في المتوسط وارتفع متوسط نصيبه في الناتج المحلي الاجمالي من حوالي 45% خلال الخطة الاولى الى حوالي 68% خلال الخطة السادسة.
- سجل القطاع الخاص معدل نمو سنوي يقارب 6% في المتوسط وارتفع متوسط نصيبه في الناتج المحلي غير النفطي الى حوالي 73% في حين بلغ متوسط نصيب القطاع الحكومي حوالي 27%.
- ارتفع متوسط دخل الفرد السعودي السنوي (نصيبه في الناتج المحلي الاجمالي) خلال الفترة بنحو ستة امثال ونصف من حوالي 3750 ريالا الى حوالي 24150 ريالا.
- ارتفع تقدير حجم العمالة السعودية من نحو 1.2 مليون شخص عام 1969 الى نحو 3.2 مليون شخص عام 1999م, بمعدل نمو سنوي يقارب 3.3% في المتوسط.
- ارتفعت اعداد العمالة الاجنبية من حوالي 0.5 مليون عام 1975م الى حوالي 4.0 مليون عام 1999م ممثلة حوالي 55.5% من اجمالي القوى العاملة.
- زاد عدد الملتحقين بالمؤسسات التعليمية من نحو 0.6 مليون طالب وطالبة عام 1969م الى حوالي 4.7 مليون طالب وطالبة عام 1999م بمعدل نمو سنوي مقداره 7% في المتوسط.
وقد تأثر اداء الاقتصاد السعودي خلال عام 2001م بالتراجع في اسعار النفط عندما تباطأ معدل النمو الاقتصاد العالمي خاصة في البلدان الصناعية, مما ادى الى انخفاض الطلب على النفط وانخفاض اسعاره بنسبة 14.0 في المائة. فقد تراجع متوسط سعر النفط العربي الخفيف الى حوالي 23.1 دولار للبرميل مقارنة بنحو 26.8 دولار للبرميل في عام 2000م, وانخفضت قيمة الصادرات النفطية بنسبة 8.8 في المئة, مما انعكس سلبا على وضع الميزانية العامة في المملكة التي سجلت عجزا يقدر بنحو 27 مليار ريال.
وعلى الرغم من تراجع اسعار النفط والكميات المنتجة منه في عام 2001م الا ان الاقتصاد السعودي سجل تطورات ايجابية بارزة تمثلت في محافظته على معدل تضخم منخفض واستمرار النمو المرتفع للقطاع الخاص غير النفطي, وزيادة الكفاءة في اداء القطاع المصرفي وفقا للمعايير الدولية. وتواصل الاصلاحات الهيكلية, والتنظيمية, وتعزيز دور التخصيص. اما خلال العام 1422/1423هـ (2002م) فقد واصل الاقتصاد السعودي تحقيق معدلات نمو ملحوظة, وسجل الناتج المحلي الاجمالي معدل نمو ايجابي, وسجل الحساب الجاري لميزان المدفوعات فائضا للعام الرابع على التوالي, واتسم وضع الاسعار بالاستقرار بشكل ملحوظ, وسجل عرض النقود نموا مرتفعا واكبه معدل نمو مرتفع في الناتج المحلي الاجمالي للقطاع الخاص غير النفطي, وحقق النظام المصرفي تقدما مطردا محافظا على معدلات كفاءة حسب المعايير الدولية, واستمرت عملية التخصيص والهيكلة الاقتصادية لجوانب عديدة من الانشطة الاقتصادية والاجتماعية وتشير البيانات الاولية لمصلحة الاحصاءات العامة الى ان الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية في عام 2002م قد سجل نموا نسبته 2.8% ليبلغ 705.8 بليون ريال (188.2 بليون دولار), كما سجل الناتج المحلي للقطاع غير النفطي نموا نسبته 3.1% ليبلغ 436.7 بليون ريال (116.5 بليون دولار) مشكلا نسبة 62.5% من اجمالي الناتج المحلي. وقد ارتفع معدل نمو ناتج القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 4% ليبلغ 286.1 بليون ريال (76.3 بليون دولار), في حين ارتفع ناتج القطاع الحكومي غير النفطي بنسبة 1.4% ليبلغ 150.6 بليون ريال (40.2 بليون دولار). اما ناتج القطاع النفطي فقد ارتفع بنسبة 2.5% في عام 2002م, مقارنة بانخفاض نسبته 11.6% في عام 2001م. من جهة اخرى تشير مؤشرات النظام المصرفي في المملكة الى متانته وقوة ادائه, حيث لايزال يسجل اعلى معدلات الاداء وفقا للمعايير الدولية, كذلك زادت المصارف من ادخال التقنية المصرفية في اعمالها فارتفع عدد اجهزة الصرف الالي ونقاط البيع واصدار البطاقات, مما رسخ الوعي المصرفي لدى الجمهور وساهم في انخفاض النقد المتداول خارج المصارف الى ادنى مستوى له حتى بلغ 13.8% من اجمالي عرض النقود. وشهد عام 2002م انخفاض اسعار الفائدة على الودائع بالعملة المحلية لمدة 3 اشهر وبلغت ادنى مستوى لها لتبلغ 2.23% ومن اهم الاجراءات والقرارات التي كان لها دور في استمرار تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني ما يلي:
صدور التصنيف الائتماني للمملكة حيث حصلت على درجة (+A) بالنسبة للعملة المحلية ودرجة (A) بالنسبة للعملة الاجنبية من وكالة ستاندرد اند بورز. (S&P). وتعد نتائج هذا التصنيف ممتازة في ظل الاوضاع الاقتصادية الدولية والامنية, مما يعكس مدى الثقة ومتانة الاقتصاد السعودي, وستعزز هذه النتائج - باذن الله - المكانة الاقتصادية للمملكة خصوصا انه اول تصنيف تحصل عليه من واحدة من اكبر مؤسسات التصنيف الدولية. وقد ارجعت شركة ستاندرد اند بورز اسباب منحها هذه الدرجة المتقدمة من التصنيف الى الاستقرار الاقتصادي الكلي (المالي والنقدي) على الرغم من التذبذب الكبير في اسعار البترول والنزاعات الاقليمية, اضافة لاستقرار اسعار الصرف, وانخفاض معدل التضخم, ووجود قطاع مصرفي قوي, والجهود الطموحة لدعم الانفتاح الاقتصادي وجهود القطاع الخاص.
- تم في بداية هذا العام تطبيق الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعتبر مرحلة مهمة من مراحل التكامل الاقتصادي وسيتم خلال الفترة القادمة استكمال اجراءات اخرى تعزز هذا التكامل.
- في مجال الاستثمار الاجنبي في قطاع الغاز تم مؤخرا توقيع اتفاقية بين كل من شركة شل الهولندية وشركة توتال الفرنسية وشركة ارامكو السعودية للتنقيب عن الغاز غير المصاحب وتطويره وانتاجه في منطقة جنوب الربع الخالي, كما تم طرح مناطق اخرى للاستثمار ستظهر نتائجها قريبا.
- ومن ابرز التطورات في مجال مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار في البنية الاساسية ما توصلت اليه شركة ارامكو السعودية مع مستثمرين من القطاع الخاص لانتاج المياه لمعاملها في رابغ واقامة اربع محطات لانتاج الكهرباء والبخار بطاقة كهربائية اجمالية تبلغ (1050) ميجاوات لاستخدامات الشركة وفقا لاسلوب البناء والتملك والتشغيل والتحويل (BOOT).
- طرح 30% من اسهم شركة الاتصالات السعودية للاكتتاب, وكان الاقبال كبيرا على الاكتتاب حيث بلغت التغطية ما يقارب اربعة اضعاف, وكان ذلك اثر ايجابي على نشاط وحجم التداول في سوق الاسهم. وقد بلغ المؤشر العام للاسهم بنهاية يوم 17/10/1424هـ الموافق 11/12/2003م (4384) نقطة مقابل (2518) نقطة في بداية السنة المالية (2003) 1423/1424هـ بنسبة زيادة بلغت 74% كما بلغت قيمة الاسهم المتداولة في نهاية الشهر الحادي عشر من العام الحالي 537 بليون ريال مقارنة بـ134 بليون ريال لكامل العام الماضي.
- تم خلال عامي 2002م, 2003م الموافقة على العديد من الانظمة التي من شأنها تعزيز البيئة الاستثمارية ومن اهمها نظام السوق المالية, ونظام ضريبة استثمار الغاز الطبيعي, ونظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ونظام تبادل المنافع بين نظامي التقاعد والتأمينات الاجتماعية, ونظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة. وينتظر ان يقر قريبا نظام الضريبة على المستثمرين الاجانب والذي سيكون له - باذن الله - تأثير ايجابي في جذب الاستثمار.
وتتلخص التطوارت التي شهدتها بعض المتغيرات في الاقتصاد السعودي في عام 2002م بالمقارنة مع عام 2001م, والتي منها: ارتفاع عدد السكان بنسبة 3% وارتفاع حجم قوة العمل بنسبة 1.37%, وارتفاع الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية بنسبة 2.86% وبالاسعار الثابتة لعام 1999 بنسبة 1.03%, وارتفاع عرض النقود بنسبة 15.2% والارتفاع في قيم كل من الصادرات السلعية والواردات, والارتفاع في مؤشر اسعار الاسهم المحلية.