بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي التي أودت بحياة أكثر من 2700 شخص، بدأ العمل مجددا في الموقع الذي كان يشغله أعلى برجين في حي منهاتن. وعلى الرغم من بدء العمل إلا أن ثمة تساؤلات عديدة بشأن مدى إمكانية تنفيذ التصميم الاصلي الذي اختير لما يحمله من دلالات رمزية ليحل محل مركز التجارة العالمي والذي أعده المهندس المعماري الشهير دانيال ليبسكيند وأطلق عليه برج الحرية .
ويتساءل النقاد: إلى أي مدى سيكون المبنى في شكله النهائي مماثلا للخطة الاصلية مشيرين إلى قرار المحكمة الاخير الذي خفض سقف مبالغ التأمين المتاحة لمستأجر الموقع لاري سيلفرستاين من سبعة مليارات دولار إلى ما بين أربعة وخمسة مليارات دولار. وكتبت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر أمس الاول: لا يستطيع أحد من الذين تجمعوا للمشاركة في الاحتفال- لا الحكام ولا العمدة .. أن يقول على وجه اليقين إلى أي مدى ستتحقق الرؤية الحالية لمركز التجارة العالمي الجديد . وعلى الاقل فإن الخطوات الاولى كانت ناجحة. فبالأمس تم وضع حجر الاساس للبرج الجديد وهو عبارة عن لوح ضخم من الجرانيت يزن 20 طنا اقتطع من جبال أديرونداك التي تقع شمالي ولاية نيويورك. واتفقت النخبة التي شاركت في الاحتفال وضمت ممثلين كبارا عن الجاليات المسلمة والمسيحية واليهودية علاوة على عدد من كبار الساسة على أن الاحتفال بوضع حجر الاساس يمثل نقطة تحول. وقال حاكم ولاية نيويورك جورج باتاكي إن يوم الاحتفال بوضع حجر الاساس- الرابع من يوليو والذي يصادف يوم استقلال أمريكا- اختير ليذكر الارهابيين بأن روح الحرية لم تمت في هجمات 11 سبتمبر . وسيكون ارتفاع برج الحرية وفقا للخطة الموضوعة 1776 قدما (550 مترا تقريبا) في إشارة ترمز إلى العام الذي صدر فيه إعلان الاستقلال الامريكي. وبحسب التصميمات الهندسية فإن البرج سيكون أعلى مبنى في العالم عندما يتم الانتهاء من تشييده عام 2009. وقالت نيويورك تايمز إن التنبؤ بمستقبل المشروعات الضخمة طويلة المدى لعبة سخيفة مؤكدة أن نجاح مثل هذا النوع من المشاريع يتوقف على عوامل متداخلة تتمثل في الارادة السياسية والتأييد الشعبي وحالة السوق والتمويل وهو مزيج عرضة لتغيرات حادة دون سابق إنذار. وسيكون لاري سيلفرستاين الذي وقع عقدا لتأجير مركز التجارة العالمي لمدة 99 عاما قبيل شهور من هجمات 11 سبتمبر صاحب القرار بشأن سير تنفيذ المشروع. وتكبد الرجل خسائر مالية فادحة بسبب المعارك القضائية المطولة مع شركات التأمين على برجي المركز المنهار. ويعني تراجع الوضع المالي لسيلفرستاين أنه سيتعين تأجير مزيد من المساحات للمكاتب والمحال التجارية في برج الحرية والمباني الاربعة الاصغر المجاورة له الامر الذي سيضفي على المشروع صبغة تجارية لم يكن الكثيرون يتمنونها. وعبرت بعض الجماعات التي تمثل (2749) هم ضحايا هجمات 11 سبتمبر عن تحفظاتها بشأن الإجراءات التي تهدف لخفض تكلفة تشييد برج الحرية والبعض الآخر يرى ترك الموقع كما هو دون أي تطوير أو بناء ليبقى شاهدا على ما حدث. وتعالت أصوات أخرى وأبدت مخاوفها من احتمال التخلي عن بعض العناصر الاساسية في التصميم الاصلي للمعماري دانيال ليبسكيند لتحقيق المزيد من المصالح التجارية. وليبسكيند البولندي المولد والذي صمم المتحف اليهودي ببرلين نأى بنفسه عن المشروع مفضلا أن تكون تعاملاته وعلاقاته مع الشركة المنفذة من خلال أحد مكاتب المحاماة حسبما أوردت صحيفة نيويورك تايمز. كما يتردد أن علاقاته مع سيلفرستاين أيضا يشوبها التوتر حيث أفادت أنباء بأن قطب العقارات يريد أن يدفع للمهندس المعماري 125 ألف دولار فقط كأتعاب له رغم اتفاقهما أصلا على أتعاب قدرها 800 ألف دولار. ونقل عن سيلفرستاين قوله إن ليبسكيند لم يقدم له الوثائق والمستندات السليمة التي تثبت الوقت الذي أمضاه المهندس ومساعدوه وعددهم حوالي 20 في إعداد التصميم الخاص بالمشروع.