تؤطر العلاقة العائلية بالحب والمشاركة في السراء والضراء بين الأم والأب والأبناء جميعا الذكور منهم والإناث ولكن تبقى هناك مساحة خاصة يبحث فيها كل فرد منهم عن حقه مع نفسه ويحاول أن يتمسك به رغم ما يفرضه بعضهم من رقابة أو تطفل على الخصوصيات المراهقات لهن هموم كثيرة في هذا الجانب اخترنا هذه المرة أن نقترب من أحدها , دفاترهن الملونة التي تحفظ السر ويأتي من ينبش بين أحرفها دون مراعاة لأحقية صاحبته بالخصوصية حكايات وتعليلات تستحق القراءة.
أخي.. صدمتي الأولى
نوال 15 سنة: اعتدت أن اخصص لنفسي دفترا له شكل جميل وخاص اكتب فيه يومياتي من حين لآخر اكتب ما يزعجني ويفرحني أو بعض الأفكار التي لا أجد من يتحدث معي فيها واعتبر هذه الكتابات من خصوصياتي التي لا اسمح لأحد ان يطلع عليها , فوجئت يوما ونحن على مائدة الغداء بأخي الذي يبلغ عشر سنوات يقول بصوت عال . هل أقول لكم لماذا لا تريد نوال ان تذهب معنا الى بيت خالي .. وقبل أن انطق بكلمة كان قد أفشى بين الجميع بأحد أسراري الخاصة التي لن تقدرها والدتي وسيسخر منها والدي ولهذا لم اشرح الأسباب لأحد واكتفيت بالتحجج بأسباب أخرى كلما أرادوا الذهاب إلى بيت خالي وقد حدث ما توقعت نهرتني والدتي ووبختني وأخذت تشرح وتطيل القول حول الموضوع وضحك والدي: وقال: دعيها تكبر وتفهم , وهنا قلت نعم دعوني أعيش تجربتي بنفسي ولا تتدخلوا كثيرا ولكن أولا يجب ان تعلموا اخوتي احترام خصوصية الناس, ومنذ ذلك اليوم اصبح دفتري الخاص موضع سخرية من الجميع وأنا أسال لماذا .. أليس لي الحق في ذلك.؟
صديقتي فضحتني
أما رنا فقالت : لي أيضا دفتري الخاص الذي أضعه تحت وسادتي زارتني صديقتي يوما ورأته وطلبت أن تطلع على بعض صفحاته فسمحت لها لثقتي بها ولكن ما ان ذهبنا إلى المدرسة حتى وجدتها تحكي آرائي في بعض الزميلات أمام جميع طالبات الفصل وتسببت بذلك في مشاكل كثيرة لي وأكبر مشكلة أني لم اعد قادرة على الثقة بأحد بعد ان فعلت بي ما فعلته.
أرفض وبشدة
أما حصة فقالت انا البنت الوحيدة بين ثلاثة أولاد وهناك ما لا أستطيع التحدث معهم أو أمامهم فيه ولهذا ألجأ لدفتري تقريبا كل يوم اكتب فيه ما أريد ولو أني مزقت الصفحات فورا لما همني الأمر لأني أكون قد فضفضت لنفسي وكفى ولكن أن يأتي أحد يبحث من ورائي ويستهتر بأفكاري فهذا لا يرضيني واشعر انه غير عادل حتى لو كان من أمي أو أبي: الحمد لله هذا التلصص لم يحدث لي حتى الآن ولكني ارفض حدوثه نهائيا.
مطلق ابنته
للأمهات رأيهن المختلف من باب الحرص تقول وداد:
اعرف أن لابنتي يومياتها بل وتطلب مني أن اشتري لها الدفاتر التي تحبها من حين لآخر ولم أفكر يوما في التلصص على خصوصياتها فكثير منها اعرفه ولكن حدث يوما ان دخلت غرفتها ورأيت آثار الدموع على عينيها وعندما رأتني دست دفترها تحت الوسادة واستعدت للنوم, ورفضت ان تتحدث معي بل وأنكرت إنها كانت تبكي فأخافني هذا الموقف وبعد ان خرجت للمدرسة وجدت دفترها كما توقعت لم ينقل من مكانه وعندما قرأت ما كتبته أخذت ابكي أنا أيضا فابنتي تفتقد والدها الذي لم يطلقني وحدي بل طلقها أيضا ولم يسأل عنها وكانت تتعرض لإجراءات اجتماعية متعددة بسبب موقفه.
ومع هذا تحن إليه أحيانا وتفتقد وجوده بقربها ولهذا بكت ابنتي وترجمت بكاءها على الورق ولهذا أيضا خفت عليها واضطررت لقراءة ما كتبته.
وتقول وداد: نعم أنا مع أن نسمح لهن بحرية التعبير عن أنفسهن بعيدا عن تدخلاتنا إلا عندما نشعر بان شيئا يحصل يستحق منا التدخل.
سألناها: هل تحدثت مع ابنتك في الأمر؟ فقالت: نعم ولكن بعد يومين ودون أن أشعرها بأني قرأت ما كتبته فقد فتحت معها الموضوع بدءا بالقدر والإيمان بالله حتى وصلت إلى ضرب حالها مع أبيها كمثال.
أفتش كل مكان واقرأ كل شيء
أما السيدة هدى .. فكان لها موقف آخر فهي تقول: أنا لا انتظر حتى أراها تبكي .. نعم أتابع كل موقف صغير وكبير من أبنائي الذكور والإناث وأفتش أدراجهم وأقرا كل ورقة تقع عليها عيني وابحث في كل مكان ويساعدني في هذا أني لا اعمل في الصباح وارفض ان يقفل أحدهم غرفته بالمفتاح إلا أثناء تبديل الملابس.
ولكن ألا تظنين أن هذا يجعل الأبناء يخبئون ما يريدون بعيدا عن البيت لأنهم بالتأكيد يعرفون بتصرفك هذا, قالت ربما ولكن صدقوني التفتيش المستمر سيوقع المخطئ فلابد أن ينسى شيئا هنا أو هناك. وحينذاك أستطيع معالجة الموضوع بطريقتي الخاصة.