لعل كل الاحداث التي توالت في الفترة الأخيرة قد علمت الرئيس بوش ان يحتفظ بحكمته واقواله لنفسه .. الم يكن هو القائل : إنني سأصل لأسامة بن لادن حيا أو ميتا ، وإنه سيخرج بن لادن من كهفه ، وهو أيضا من اعتقد انه ينجز مهامه بشكل جيد وبارع . وهو من يرفع وسط كل ما يحدث شعار دع الحرية تحكم وتسود .لقد كان المبدأ الذي دخلنا به حرب العراق اننا سنتحكم في الأمور ونخرج وها نحن لم نستطع ان نتحكم في شيء ولكننا خرجنا . لقد حمل بول بريمر اشياءه وخرج من بغداد بسرعة لدرجة انه لم ينتظر وصول السفير الجديد جون نيجروبونتي. إن السفير الامريكي في بغداد موجود في اخطر منصب دبلوماسي في العالم انه يحتاج لكل النصائح الامنية الممكنة طالما يمضي العراق نحو سيادة التطرف الديني والهجمات الإرهابية الشرسة . لقد تحولت الادارة الأمريكية من عملية الصدمة والرعب إلى الهلع والهروب .
- اهربوا أيها الرفاق -
إن بوش تظاهر امام الجمهور بان البلد "العراق" أصبح حرا وقادرا على تحمل مسئوليته . إن الرئيس يتصرف كما لو كانت العراق تحت السيطرة إلا ان ذلك غير صحيح فقواتنا لا تستطيع العودة للوطن لان العراق مازال خارج السيطرة. كل شيء يدعو للسخرية .. اولها الخروج السري لبول بريمر ..ثم المراسم السرية لتنصيب رئيس الوزراء الجديد إياد علاوي ، والتي قامت قوات التحالف خلالها بمصادرة التليفونات الخلوية للمراسلين والصحفيين لتأمين سريتها وعدم تسرب أخبارها .
فهل تحتاج امريكا لادلة اكثر لتثبت انها في نظر الجميع محتلة ويشمئز منها الكل وليسوا محررين أعزاء . لقد كان ديك تشيني واعوانه يأمل في وجود يوم يتم الاحتفال به في بغداد يسمى يوم الاستقلال ، ولاشك في أن مشهدا شبيها لما ارادوا قد تحقق ..وهويوم سقوط تمثال صدام وتجمع اناس كفرق المدارس الثانوية في العراق هللوا وهتفوا وتظاهروا بالشكر للرئيس بوش .. وكانت مفاجأة بوش الاخيرة وما سماها بالمهمة التي انجزت وتمت تشكيل حكومة ونقل السلطة والحقيقة انه ليس هناك سلطة ليتم نقلها . فهل صحيح انه نقل واقعي للسلطة وبنفس الطريقة التي تم تسليم صدام حسين بها للعراقيين .
الحقيقة الوحيدة هي ان الادارة الأمريكية لا تثق ابدا في قدرة قوات الامن العراقية في محاكمة صدام حسين او حتى تحقيق الامان في البلاد .
إن العراق تحتاج لرجل قوي يحكم زمام الأمور وينهي هذه الفوضى السياسية إن هروب السيد بريمر من المنطقة الخضراء كان امرا مزعجا وغير مريح .خاصة إن القوات الامريكية مازالت هناك في تلك المصيدة يتعرضون للقتل والخطف .. كما ان هناك 5 آلاف و600 جندي اضافي تم استدعاؤهم في مذكرة غير معلنة للذهاب للعراق .. لقد تظاهر البيت الابيض بان السلطة العراقية حقيقة فها نحن نرى الادارة الامريكية التي رفضت ان تعلن عن أي معلومات او اوراق رئاسية بشأن التقصي عن احداث 11 سبتمبر. هذه الادارة نجدها تنشر بشكل سريع صورة لمستندات من اوامر مكتوبة بخط الرئيس بوش مفادها لندع الديموقراطية تتحقق وتسود في تعليق له على ملاحظات كونداليزا رايس بشأن نقل السلطة .
واخيرا عندما عاد بول بريمر للوطن ووطأ بقدميه عشب حديقة البيت الابيض قال : أشعر بان حملا ثقيلا رفع عن كاهلي انني سعيد ومبتهج للعودة.
أه لو يستطيع جنودنا في العراق ان يقولوا نفس تلك الكلمات .