من المعلوم ان الدين الاسلامي دين الوسطية والاعتدال, ودين السماحة والاخلاق, يدعو الى التمسك بما ورد في الكتاب والسنة من العبادة والمعاملات والاخلاق, وفق مابينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطبقه في حياته الشريفة, وعلمه لصحابته - رضوان الله عليهم - بالقول والفعل والتقرير وسار عليه الصحابة من بعده, وعلموه للتابعين وتمسك به الائمة المجتهدون كابي حنيفة ومالك والشافي واحمد وغيرهم من ائمة الاسلام - رحمهم الله اجمعين - وهو المنهج الذي احياه الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - ونصره الامام محمد بن سعود - رحمه الله - ثم احياه من بعدهم الامام المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - رحمه الله - لا يزال ولاة الامر في المملكة يسيرون عليه الى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وهو المنهج الذي تسير عليه هيئة كبار العلماء في المملكة, ودار الافتاء, ويدعو اليه العلماء المشهود لهم.
والخروج عن هذا المنهج يترتب عليه الفساد, والضلال سواء كان خروجا عنه الى جهة الغلو والتنطع, ام كان خروجا عنه الى جهة التفلت والجفاء.
ويجب على الشعوب الاسلامية بعامة, والمملكة بخاصة ان ترسخ هذا المنهج الاسلامي المعتدل الوسط في عقول ناشئتها, ومعتقد شبابها, حتى يكونوا شبابا اسوياء نافعين لدينهم وامتهم غير مغالين ولا منحرفين.
ومن اهم الجهات التي يمكنها ترسيخ الوسطية والاعتدال في شباب الامة: الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم, بحكم انه ينضم اليها عشرات الالاف من خيرة شباب الامة يحدوهم الامل والرغبة في ان يكونوا من اهل القرآن الذين هم اهل الله وخاصته, وهم يتلون كتاب الله ويحفظونه ويتدبرونه, بمعنى انهم اكثر الشباب التصاقا بالقرآن الكريم الذي يدعو الى الوسطية والاعتدال, كما في قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا), كما ان هذه الحلقات هي التي تخرج الائمة والدعاة والخطباء, واذا تربى هؤلاء على الوسطية والاعتدال فانه سيكون لهم اثر بالغ في توعية غيرهم من الشباب والكبار.
وخلاصة القول ان للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم اثرا بالغا في ترسيخ هذا المنهج الاسلامي المعتدل المبني على الوسطية والاعتدال فلا افراط ولا تفريط.
والحق ان هذه الجمعيات تقوم بجهود مباركة في هذا المضمار والدليل على ذلك ان كبار العلماء, والخطباء, وائمة المساجد والحرمين الشريفين الذين يدعون الى منهج الوسطية والاعتدال هم ممن تخرجوا في هذه الحلق المباركة, وتربوا فيها على الوسطية والاعتدال, وصاروا دعاة الى ذلك. وهذا من الامور التي جعلت ولاة الامر يهتمون بهذه الجمعيات ويدعمونها حتى تؤدي رسالتها على الوجه الصحيح النافع للامة والوطن, ولا نشك في ان القرآن الكريم, وحفظه والعمل به لا يأتي الا بخير, بل هو الخير كله, وهو دستور الامة, ومصدر شريعتها الاول.
اسأل الله تعالى ان يوفقنا جميعا الى العمل بالقرآن , وهدي ربنا وشريعته فانه من اتبع ذلك فلا يضل ولا يشقى. سعود بن طالب وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد للشؤون الادارية والفنية