على مدى تسعة أشهر اخذ معلم المدرسة الابتدائية كاظم كريمي يعكف على غزل سجادة فارسية فاخرة من الحرير معلقة في اطار في غرفته الامامية. ومع وصوله الى منتصف المهمة همس ضيف (ان الله مع الصابرين) لكن على بعد أميال على الطريق ينتج مصنع (نجم الصحراء) ثلاثة ملايين متر مربع من السجاد الفارسي سنويا.
ويجلس كريمي في منزله ببلدة زارش الصحراوية الواقعة على مسافة 390
كليومترا جنوب شرقي طهران على مثل هذا السجاد المصنوع بالآلات.
وقال المدرس البالغ من العمر 52 عاما فيما يقدم مشروبا باردا: من المؤسف ان عائلتي لم تعد تستطيع التمتع بالسجاد الذي تصنعه بأيديها. يتم تصديره كله او يباع لطهران./
لقد زين قبر قورش الاكبر مؤسس الامبراطورية الفارسية في القرن السادس قبل الميلاد بالسجاد.
وشجع شاهرخ ابن الفاتح المغولي تيمورلنك الذي علا نجمه في القرن الرابع عشر الصناعة بدعم المغازل البدائية.
وتنتشر ورش الغزل في زارش الشهيرة بالعمامات الخضراء اللامعة التي يرتديها سكانها وابراج الرياح التي تبرد البيوت من الداخل.
ويقول سكان البلدة ان هذه الورش لم تعد ذات جدوى اقتصادية في ظل المنافسة مع المصانع الكبيرة والتكاليف المرتفعة للتأمينات.
وتقليديا كان يتم صناعة السجاد في المنازل وكانت هي مهمة ربات البيوت بالاساس.
ويعترف سكان البلدة بانهم تخلوا عن الصوف المتوافر بكثرة في ايران من اجل الحرير الفاخر لان هدفهم الوحيد هو الربح من التصدير والبيع لاثرياء طهران الذين يشترونه كاستثمار.
ويوضح كريمي:يجدر ان أقول ان أغلب الناس في زارش تحولوا للحرير الآن.
انهم يشترونه من الصين أساسا. يباع سجاد الحرير بسعر أعلى كثيرا الا ان الصوف أسهل في الغزل.
ورغم تراجع الصناعة مازال كريمي واثقا من ان السوق ستبقى رائجة للخاصة.
وتابع: مهما كان المعروض منه قليلا فانه سيكون ممتازا ومطلوبا. وعبر الطريق مازالت طاهرة داروي وبناتها يعملن في مهنة رعي الخراف والماعز من اجل اصوافها بصناعة سجادة حائط ضخمة.
وتقول فيما تغزل بأصابعها هذا النوع من السجاد له طريقة خاصة في الغزل. السجاد المصنع آليا لا يدوم.
ويعطي مصنع (نجم الصحراء) ضمانا لمدة عامين. وتقول داروي ان منتجاتها من السجاد اليدوي يمكن ان تدوم لاكثر من قرن.
وهي واثقة من ان بناتها سيحافظن على هذه التقاليد ولن يهربن للمدن الكبيرة بعدما يتلقين تعليما لم يتوفر لها.
وقالت:انهن ماهرات مما يجعلهن أسرع مني في فهم نماذج الغزل. وقال مسؤولو الجمارك ان صادرات السجاد اليدوي انخفضت بنسبة 2ر4 في المئة خلال ربيع وصيف العام الماضي.
وقال محمد علي كريمي رئيس شركة السجاد الوطنية الايرانية ان النماذج الهندية والتركية والصينية من السجاد الايراني قلصت من حصة ايران في السوق العالمية.
ونقل عنه قوله في الصحافة الايرانية العام الماضي ان نصيب ايران هوى فجأة في السوق العالمية الى 28 في المئة وهي أول مرة فيما تعيه الذاكرة يقال فيها ان السجاد الايراني لا يحظى باكثر من نصف السوق.
ويعد السجاد هو ثاني أضخم صادرات ايران غير النفطية بعد الفستق المملح.
وقال احمد صادقيان مدير مصنع نجم الصحراء الذي يعمل فيه 850 موظفا أنه ليس ثمة ما يبرر الجزع بشأن صناعة السجاد اليدوي في ايران. ويوضح الناس في ايران تجلس على السجاد وتأكل عليه وتنام عليه. انهم يعيشون معه. هذا الاستخدام اليومي المكثف يجعل السجاد الآلي هو الانسب. السجاد اليدوي شيء للزينة. للجدران وليس لنسير عليه.