أخبار متعلقة
سعى الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الذى عقد بمقر الجامعة بالقاهرة امس الى بلورة موقف عربى موحد ازاء التعامل مع الوضع فى دارفور وكيفية تقديم الدعم للحكومة السودانية. وشارك فى الجلسة الافتتاحية رئيس مفوضية الاتحاد الافريقى الفا عمر كونارى ووزير الدولة النيجيرى للشؤون الخارجية أبو بكر تانكو - الذى تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الافريقى- والممثل الخاص للسكرتير العام للأمم المتحدة بان برونك ووزير خارجية السودان الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وناقش الاجتماع موضوعا واحدا هوالدور العربي في التعامل مع ازمة دارفور سياسيا وامنيا وانسانيا وترأس الاجتماع وزير الدولة المغربي عباس الفاسي باعتبار المغرب الرئيس الحالي لمجلس الجامعة العربية. وأوضح مسؤول ملف السودان في الجامعة العربية سمير حسني ان الامين العام للجامعة قدم تقريرا شاملا حول الجهود العربية المبذولة سياسيا وانسانيا في دارفور والمساعدات التي قدمتها عدد من الدول العربية ومؤسسات العمل العربي والمجتمع المدني لدارفور وسبل دعم حكومة السودان لتنفيذ اتفاقها مع الأمم المتحدة والعمل على تجنيب السودان مواجهة أي عقوبات دولية قد تفرض عليه. واضاف حسني الذي رأس بعثة الجامعة التي زارت اقليم دارفور في مايو الماضي ان الموقف العربي من ارسال قوات اجنبية الى دارفور واضح وهو الرفض التام لهذه الفكرة .
ذكرمسؤول ملف السودان في الجامعة العربية سمير حسني ان المطروح عربيا على المجلس الوزاري هو دعوة الدول العربية الى المشاركة في بعثة مراقبي الاتحاد الافريقي وقوات حمايتها ومشاركة الجامعة العربية في جهود الوساطة ولجنة وقف اطلاق النار بهدف التوصل لتسوية سلمية للازمة في دارفور. وأشار حسني الى ان وزير خارجية السودان الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل قدم تقريرا شاملا حول جهود حكومته لتحسين الاوضاع في دارفور والخطوات التي اتخذتها لتنفيذ اتفاقها مع الأمم المتحدة في يوليو الماضي بما في ذلك الخطوات التي اتخذتها لنزع أسلحة مجموعة (الجنجاويد) والجماعات المسلحة الاخرى الخارجة عن القانون. وذكر ان التقرير تضمن الأمن والاستقرار في دارفور بما يمكن من تسهيل تدفق العون الانساني وعودة النازحين واللاجئين لقراهم ومزارعهم وكذلك الاجراءات المتخذة لتقديم المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان الى العدالة واستعداد حكومة السودان لمواصلة الحوار للتوصل الى حل سياسي شامل للازمة مع الجماعات المتمردة. وناقش المجلس مذكرتين يمنية واخرى سودانية تتضمن عدة مقترحات للتعامل مع أزمة دارفور كما يستعرض المجلس مذكرات حول المساعدات التى قدمتها بعض الدول العربية للأقليم المنكوب. وتوافد على القاهرة منذ الساعات الاولى من صباح امس عدد من وزراء الخارجية العرب للمشاركة فى الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة فيما سيطرت تطورات الوضع فى دارفور على اللقاءات التى تسبق الاجتماع بشأن الدور العربى فى التعامل مع ازمة دارفور سياسيا وامنيا وانسانيا فى ضوء قرار مجلس الامن الاخير .
اعلن وزير خارجية السودان الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل حال وصوله الى القاهرة لحضور الاجتماعات ان اسرائيل تدعم المتمردين فى دارفور معربا عن يقينه بان الايام المقبلة ستكشف عن كثير من اتصالات اسرائيلية بهذا الشان. وقال حول أزمة دارفور أن المعلومات التى لدينا تؤكد ما تردد فى اجهزة الاعلام من وجود دعم اسرائيلى . واضاف انا متأكد من ان الايام القادمة ستكشف عن كثير من اتصالات اسرائيلية مع المتمردين وليس ادل على ذلك من ان سفير اسرائيل فى الامم المتحدة عندما تحدث عن الجدار الفاصل بدأ حديثه عن دارفور وماذا يفعله العرب فى دارفور اضافة الى تحرك الجاليات اليهودية واثارة الاقاويل عن أحداث دارفور. وتحدث اسماعيل عن وجود اصابع اسرائيلية وراء تصعيد الاحداث فى دارفور من خلال دعم بعض المتمردين واضاف انه سيطلب من الدول العربية فى اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارىء توفير الدعم السياسى اللازم للسودان لمنع فرض عقوبات عليه. وذكر ان بلاده تقدر اهتمام الدول العربية بما يجرى فى دارفور ومساندة بعضها الشعب السودانى وتقديم المساعدات الانسانية منوها بمبادرة مصر ارسال مساعدات الى دارفور وقيام وزير خارجيتها بزيارة معسكرات اللاجئين فيها. ورأى وزير الخارجية السودانى ان جهود الجامعة العربية تسير فى الاتجاه الصحيح وبمشاركة افريقية ودولية بما يدعم الحكومة السودانية فى جهودها المبذولة الآن سواء فى توفير الاحتياجات الانسانية او فى ضبط الامن والنظام والعودة الى وضعها الطبيعى او ايجاد حل سياسى لمشكلة دارفور. وعبر عن التطلع الى دعم سياسى من المجموعة العربية يؤدى الى ايقاف اى محاولة لاستهداف السودان او اصدار عقوبات عليه وان يقوم العرب بحث المجتمع الدولى على تقديم المساعدات المطلوبة وان يتعامل مع هذه القضية بفهم وواقعية. وذكر ان السودان يتوقع من الدول العربية ان تقدم الدعم المطلوب من مساعدات انسانية ولضبط الامن وتوفيره او فى مجال تقديم مشروعات التنمية بدارفور معتبرا أن مجرد عقد الاجتماع على هذا المستوى دليل واضح جدا يعكس اهتمام الدول العربية بما يجرى فى السودان. وحول ما تردد عن استعداد الحكومة السودانية لتقاسم السلطة مع متمردى دارفور قال اسماعيل من المتوقع ان تعقد مباحثات سياسية خلال الشهر الحالى والحكومة السودانية منذ بداية الازمة ترى ان العمليات العسكرية ليس لها مبرر وترى امكانية للحل السياسى. واشار الى ان الاتفاق الذى تم التوقيع عليه فى نيفاشا الذى يشمل القسمة العادلة للسلطة والثروة والتنمية المتواصلة لكل مناطق السودان المختلفة ستطبقه الحكومة السودانية على كل انحاء السودان بما فيها دارفور.
الحركة السياسية للسودانيين لا تتوقف لتوضيح وجهات نظرهم للعالم تجاه مشكلة دارفور ففى بيروت اعلن المتحدث باسم وزارة الاعلام السودانية، عضو الوفد السوداني الى مفاوضات دارفور امين حسن عمر، ان الخرطوم تأمل ان يشارك العرب في قوة مراقبة وقف اطلاق النار في دارفور، وفي تقديم مساعدات إنسانية لإغاثة اهالي الاقليم.
وقال عمر ان الحكومة السودانية تقر بوجود ازمة انسانية كبيرة في الاقليم تتجاوز امكانات الحكومة وقدراتها على احتوائها في وقت قصير، سواء على الصعيد الامني او الانساني.
وفي استعراضه لنشوء الأزمة قال عمر ان الخرطوم دهشت لتسارع التصعيد الاجنبي في هذه القضية الى حد إيصالها الى مجلس الامن خلال فترة قصيرة، في الوقت الذي ظلت فيه الالتزامات الدولية لاحتواء الازمة ضعيفة جدا. وقال ان القوى الاجنبية لم تسأل نفسها لماذا بدأت المشكلة؟ وقال ان تمردا بدأ في الاقليم بالاعتداء على مؤسسات الدولة، وقتل العشرات من رجال الشرطة، وتوسع هذا التمرد ليشمل الاعتداء على القبائل، حيث تحولت الازمة من خروج على الدولة الى نزاع أهلي.
واقر عمر بأن السودان كله يعاني مشكلة تنمية، وليس اقليم دارفور فقط، وذلك بسبب وجود اقليم كبير بموارد شحيحة.
وقال ان الاعلام الغربي سعى الى تبسيط الامور بهدف تسهيل تسويقها، وبالتالي ركز على ما يسمى بميليشيات الجنجويد وهو اسم أطلق على جماعات مسلحة من العرب، وحاول تصوير ان كل العرب هم من الجنجويد.
ورأى ان التصعيد الراهن سببه سياسي انتخابي، وخاصة في الولايات المتحدة حيث الصراع بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي على اصوات السود. وأشار الى زيارة وزير الخارجية الامريكي كولن باول الى السودان، وقال انه تم الاتفاق معه ومع الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان على برنامج الثلاثة اشهر لمعالجة الأزمة، وكنا نعلم ان المدة المعطاة لنا لن تتجاوز تاريخ 2 نوفمبر (موعد الانتخابات الرئاسية الامريكية ).
وقال عمر ان الاعتراض السوداني على قرار مجلس الامن كان على لهجة التهديد، ولكن السودان كان قد وافق على التعاون مع الأمم المتحدة لحل الازمة من خلال الاتفاق مع انان وباول.
وعما يريده السودان من اجتماع وزراء الخارجية العرب قال عمر ان الخرطوم تأمل ان تشارك دول عربية في قوة مراقبة وقف النار في الاقليم التي أنشأها الاتحاد الافريقي، كما تعوّل على تلقي مساعدات اغاثة من الدول العربية.
وقال ان الحديث عن تحويل قوة المراقبين الى قوة حفظ سلام في الاقليم هو كلام غير عملي، لأن الاتحاد الافريقي لن يستطيع المجيء بقوات حقيقية. وأضاف ان السودان يريد رقابة فعالة من الاتحاد الافريقي، الذي تنقصه الاحتياجات اللوجستية لتدعيم قوة المراقبين، مشيرا الى ان الدول الغربية التي تتحدث عن تقصير السودان لم تكلف نفسها عناء توفير جزء من هذه المتطلبات اللوجستية.
وفى ذات الوقت الذى عقد فيه اجتماع القاهرة لوزراء الخارجية العرب كانت تنتظر بعثة من الامم المتحدة بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا لنتائج الاجتماع ومن المقرر ان تتجه اليوم الاثنين الى دارفور حيث اعلن رئيس فريق الامم المتحدة الذي سيتوجه الى اقليم دارفور لتقييم حاجات قوة الاتحاد الافريقي التي ستتمركز هناك ان الوفد سيتوجه الى المنطقة اليوم .
وقال باتريك كمايرت لا تعليق لدي حتى نصل الى دارفور لتقييم الاوضاع ميدانيا ومن ثم العودة الى اديس ابابا لنبحث مع الاخوة في الاتحاد الافريقي ما شاهدناه هناك. ووصل فريق الامم المتحدة الى العاصمة الاثيوبية ليل الخميس الجمعة واجرى محادثات مع كبار المسؤولين في الاتحاد الافريقي بينهم رئيس المفوضية في الاتحاد الفا عمر كوناري. وتابع كمايرت ان الفريق سيتوجه الى الخرطوم على ان يتفقد دافور اليوم. وتأتي زيارة الفريق الدولي الى الخرطوم الاحد بعد ايام على الاتفاق المبرم بين يان برونك ممثل الامين العام للامم المتحدة الخاص الى السودان ووزير الخارجية السوداني مصطفى اسماعيل.
ومساء الاربعاء اتفق بورنك واسماعيل على خطة عمل تطبق خلال 30 يوما في دارفور تنص على نزع اسلحة الميليشيات .
وفي 30 يوليو صوت مجلس الامن الدولي على قرار يمهل حكومة الخرطوم 30 يوما لوضع حد للفظاعات التي ترتكبها في دارفور الميليشيات المتمردة تحت طائلة التعرض لعقوبات . ومن جهتهم أكد نواب برلمانيون مصريون رفضهم المطلق لأي محاولات للتدخل الأجنبي في أزمة دارفور بالسودان وضرورة إتاحة الفرصة الكاملة للحكومة السودانية وبالتعاون عربيا وإفريقيا من أجل إنهاء الأزمة.
وأوضح النواب في أسئلة وجهوها لوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قبل الاجتماع أن أي تدخل أجنبي في مشكلة دارفور سوف يعقد من مسيرة الانفراج لها خلال هذه المرحلة خاصة أن الجيش السوداني اعتبر قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول دارفور بمثابة إعلان حرب وتأكيد المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية أن الجيش جاهز للحرب، ولن يستقبل الأمريكيين بالزهور.
وطالب النواب بأن يمارس وزراء الخارجية العرب ضغوطاً دبلوماسية عاجلة لتعديل مهلة قرار مجلس الأمن والتي تبلغ شهراً واحداً فقط، وإلى ذلك يسعى وزراء الخارجية العرب من خلال اجتماعهم اليوم إلى صياغة موقف عربي موحد يدعم حكومة السودان في جهودها لإنهاء الوضع المأساوي على أرض دارفور وفي ضوء قرار مجلس الأمن الأخير والتأكيد على أهمية منح حكومة السودان المهلة الكافية لتنفيذ متطلبات القرار.
مصطفى عثمان