اذا كانت بريطانيا والولايات المتحدة تعتقدان ان الأوضاع كانت سيئة في العراق فانها ازدادت سوءا بشكل مفاجئ مع وصول علي السيستاني الى لندن للعلاج. ويعود الفضل للسيستاني (73 عاما) في التوصل الى الهدنة التي وضعت حدا للقتال المرير الذي وقع في النجف منذ شهرين.. لكن من المضلل الاعتقاد بان السيستاني معتدل فهو حريص مثل اي عراقي على ان تغادر القوات الأمريكية البلاد. لكن الاختلاف يكمن في الأسلوب الذي يتبعه. وكانت مساهمته الرئيسية في استقرار الاوضاع هي معارضته اعمال العنف ومحاولة التفاوض للتوصل لحل سلمي لمشاكل العراق.. وكان ذلك يعني ان الشيعة ظلوا الى حد كبير بعيدا عن الثورة ضد الولايات المتحدة فيما يطلق عليه المثلث السني في الغرب وفي بغداد نفسها، لكن مع غياب السيستاني وسفره الى لندن بسبب المرض وبدء الحديث عن خليفته فان مقتدى الصدر يواجه الان اختبارا لاول مرة. واندلع القتال بعد ان هاجمت قوات حكومية عراقية مدعومة من القوات الامريكية جيش المهدي التابع للصدر في مدينة الصدر الذي يتخذ منها جيش المهدي مقرا له.
وما زال هناك خلاف بشأن الطرف الذي بدأ في استفزاز الآخر.
ورغم الخسائر الكبيرة في صفوف المسلحين العراقيين الا ان حجمها لم يتضح بعد وقال متحدث باسم الصدر: "هذه ثورة ضد قوات الاحتلال حتى نحصل على الاستقلال والديمقراطية." ووصفت رسالة قرئت خلال صلاة الجمعة في الكوفة، حيث يعيش الصدر، الولايات المتحدة "بالعدو". لكن ايا كان الطرف الذي بدأ القتال فقد اصبح من الصعب توقف الاشتباكات. وما زالت الاساليب القاسية التي يتبعها الجيش الامريكي تثير عداء الشباب العراقي الذي يتجه ايضا لاعمال العنف نتيجة استمرار المشاكل الاقتصادية ولذلك فان اي اشتباكات تندلع تكون اكثر سوءا من تلك التي تسبقها.
وقالت شيلا ارماني من BBC "ان أسوأ شيء يمكن ان يحدث بالنسبة لبقية الشيعة هو الشعور بان الصدر التزم بوقف إطلاق النار ورغم ذلك هاجمته الولايات المتحدة. بعد ذلك سيزيدون في حماية أخيهم في الدين. وبعد ذلك سيكون ما حدث في الفلوجة والمثلث السني قتالا بسيطا مقارنة مع ذلك." وحاول رئيس الوزراء العراقي المؤقت اياد علاوي، تسوية الخلافات مع الصدر، لكن قراره برفع امر الحظر عن صحيفة الصدر تعرض للسخرية عندما ظهر الصدر لاول مرة في صلاة الجمعة في مسجد بالكوفة في نهاية يوليو. وتظهر استطلاعات الرأي ان الصدر والسيستاني يتمتعان بتأييد كبير بين العراقيين. ومع ابتعاد السيستاني عن الساحة ولو مؤقتا من المتوقع ان يزيد الصدر شعبيته في ضواحي ضاحية كبيرة في بغداد يطلق عليها اسم والده وفي المدن الجنوبية التي يزيد فيها نفوذ جيش المهدي.. وبالاضافة الى تجدد القتال في النجف تواجه القوات البريطانية زيادة في أعمال العنف في البصرة
* مراسل بي بي سي للشؤون العالمية