لقد توصلت جهات كثيرة في إسرائيل، من بينها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، إلى الاعتراف بأن القوة لن تجيب على كل شيء. لكن هذا الاعتراف ليس كافياً...
من هو المحق في الخلاف السائد بين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أهارون زئيفي-فركش، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، آفي ديختر، حول فرص القضاء على الإرهاب؟
الإرهاب (يقصد المقاومة/ المحرر) الفلسطيني الذي بدأ فور انتهاء حرب الأيام الستة، وتتواصل موجاته حتى اليوم، لن يتوقف حتى إذا قمنا بتفعيل كل الوسائل العسكرية الأكثر تطوراً. ولن يتوقف حتى إذا نجح رئيس الحكومة بتنفيذ خطة الانفصال عن غزة. ولن تخمد جذوة الإرهاب حتى إذا توقف الدعم المادي والإرشاد وإرساليات الأسلحة والمواد الناسفة من الدول العربية والتنظيمات الإسلامية إلى الفلسطينيين. فاشتعال هذه الجذوة سيتواصل لأن الكثير من الفلسطينيين يعتبرون عمليات الإرهاب بمثابة عمليات دفاع ضرورية لمواجهة العدوان الإسرائيلي.
لقد يئس الطرفان، في هذه المرحلة، من إمكانية التوصل إلى اتفاق. الفلسطينيون يحلمون بقيام جهات دولية بإكراه إسرائيل على الانسحاب من غالبية المناطق، فيما يواصل الإسرائيليون استعداداتهم لإكراه غالبية الفلسطينيين على تركيزهم داخل جيوب مغلقة. وفي وضع كهذا سيزدهر الإرهاب ويتصاعد. سيتواصل طالما اضطروا إلى المرور بالحواجز أثناء انتقالهم من منطقة إلى أخرى (من رام الله إلى نابلس مثلاً)، وطالما تحتم عليهم الحصول على تصاريح إسرائيلية، وطالما تعرضوا إلى الضرب والإهانة من قبل الجنود.
لقد تسبب الجدار الأمني المقام حالياً، بالبطالة الطويلة لعشرات آلاف الشبان الفلسطينيين، من الضفة الغربية والقدس، الذين امتهنوا مختلف الأعمال اليدوية في إسرائيل. وفي غياب فرص الحصول على عمل في أماكن سكناهم، ينضم بعضهم إلى التنظيمات الفلسطينية المختلفة - من حماس والجهاد الإسلامي وحتى فتح. وبالإضافة إلى الأجور التي يحصلون عليها من تلك التنظيمات (التي تبقى ومهما كانت ضئيلة، أفضل من البطالة)، يحظون، أيضاً، بالاحترام وبمكانة الأبطال بين أبناء شعبهم. وسيزداد الوضع تفاقماً بعد الانتهاء من بناء الجدار، بعد أكثر من سنة، إذا سينضم آلاف الشبان الآخرين إلى دائرة الإرهاب، وفي الواقع، ليس أمامهم أي مفر آخر. وسيستبدل هؤلاء عشرات المطلوبين الذين تقتلهم قوات الأمن، صباحًا ومساءً.
الخلاف بين ديختر وزئيفي-فركش، لا يستنفذ الخلاف الجوهري. فالسؤال لا يتعلق بما إذا كانت الوسائل العسكرية تكفي لقطع دابر الإرهاب أو أنه يجب القيام بمبادرة سياسية، أيضاً. لقد تم إعلان مبادرة شبه سياسية (خطة الانفصال)، إلا أنها لا تجيب على المشكلة الأساسية البالغة: اعتراف الشعبين بأنه يمكن التوصل إلى اتفاق، بالإكراه فقط. فمن جانبهم يقول الفلسطينيون، إذا أردتم فرض اتفاق غير مقبول علينا، فسنرد بكل الوسائل المتاحة لنا، خاصة بالإرهاب.
لقد توصلت جهات كثيرة في إسرائيل، من بينها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، إلى الاعتراف بأن القوة لن تجيب على كل شيء. لكن هذا الاعتراف ليس كافياً. لقد تحدث شارون عن تنازلات بعيدة المدى، إلا أن ما يبدي هو ومؤيديه استعدادهم للتنازل عنه، لا يساوي شيئاً مقابل التنازلات المطلوبة لإنهاء الصراع. وإذا أبدينا استعدادنا لتقديم تنازلات كهذه في الضفة الغربية وفي بعض أجزاء القدس الشرقية، يمكننا التوصل إلى اتفاق حقيقي. وعندها، فقط، عندما يحصل الفلسطينيون على سبل الحياة داخل حدود سياسية واحدة، بدون تدخل سلطة غريبة، يمكن التحدث عن نهاية عهد الإرهاب. وإلا لن يتم ذلك أبدًا. * عن يديعوت احرونوت