كنت احسبه الانسان المحب للخير صاحب الفضل واليسار، صانع المعروف يده عليا. لما يتمتع به من مال وجاه وسلطان.. ولا ازكي على الله احدا. ولكن خاب ظني حينما سبرت غوره، وقرأت فكره ورأيت فعله عن كثب فاتضح لي أمره وتبين لي حاله انه في دنياه مغرور، وبماله مفتون، استهواه الشيطان وزين له سوء عمله فرآه حسنا فأوقعه في شركه فماتت فيه الفضيلة أمن مكر الله ولم يخشه، كفر بالنعمة وابحر مع تيار قارون وغرق في طوفان المادة. لهذا كانت الدنيا غرارة حقا والشيطان هو الغرور والانسان بهما مخدوع ومغرور.
فالغرور مرض عضال وداء فتاك. والناس فيه على طبقات فالكفار هم اشد الناس غرورا لانهم غرقوا في ملذات الشهوات المحرمة ونسوا الاخرة.. وقالوا ماهي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر. فغرتهم الاماني وخدعتهم الاحلام وفسقوا والنار مثوى لهم. والعالم الذي كتم علمه وبخل به على الناس ولم يعمل به ترفعا منه واستكبارا ظنا منه انه بلغ المنزلة والدرجة العليا يستهويه المدح والثناء ويعجبه الاطراء وهذا من اخطر الامور واسوأ الغرور قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه). ومن العباد من يقع في شرك الغرور فيتيه بعبادته ويظن انه عبد الله حق عبادته وان عمله مقبول واستحق به الجنة وما علم انه الفقير الى الله وربما انقطع عن الدنيا والناس. والعمل هذا في حقيقته جهل بالدين واتباع لهوى النفس والشيطان. (وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك). وطبقة أخرى من الناس هي طبقة العوام الذين فعل فيهم الشيطان فعلته يعبدون الله على غير هدى ولابصيرة لايسألون الناس في دينهم ويصرون على جهلهم. خدعهم الشيطان وسول لهم. فيقولون بان الله العفو الحليم، والغفور الرحيم ونسوا انه شديد العقاب. وما اقبح من يغتر بنسبه وحسبه وينسى قول الله تعالى: ان اكرمكم عند الله اتقاكم. والبعض الاخر يغتر بصلاح الآباء والامهات وما درى انهم لايغنون عنه من الله شيئا. فذاك نوح عليه السلام ماذا كان حال ابنه في الطوفان؟ (قال يانوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح). ويوم القيامة الا نقرأ قول الله تعالى: (يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه). فالمال والجاه والسلطان والعلم والقوة كل اولئك مراتع خصبة للغرور.فاذا استشعر الانسان في قلبه مرض الغرور فليقل ماشاء الله لاقوة الا بالله.. فيموت الغرور وتصلح النفس ويقوى الارتباط بالله عز وجل.. وهذا حسبنا من الانسان الصالح.
@@ علي صالح السنني