فئران المختبر مضطرة إلى استهلاك كل شيء، من المورفين إلى الجمرة الخبيثة، باسم التقدم العلمي، إلا أن حياة بعض الفئران في هونغ كونغ أسهل لأنها تشرب سائلا (بنيا) مصنوعا من جذور عشبة صينية صفراء اللون .
وتقول التقاليد: إن عشبة الجذور الصفراء المعروفة باسم (هوانغجي) يمكنها أن تقمع وتعيد نمو البشرة، ولهذا السبب جربها باحثون في الجامعة الصينية على فئران مصابة بقروح السكري في قوائمها قبل تجربتها على المرضى في مستشفيات محلية.
وتشكل التجارب جزءاً من توجيهات متنامية في الصين حيث تستعمل الأدوية العشبية منذ قرون دون أن يعترف بها الطب الغربي.
ويأمل ممارسو المعالجة بالأعشاب وصانعو العقاقير أن تحظى منتوجاتهم بالاحترام العالمي ـ وتحقق لهم أرباحاً كبيرة ـ من خلال نفس التجارب المعقدة التي تخضع لها الأدوية الغربية، بما فيها الاختبارات المخبرية والحيوانية والانسانية.
وقد استخدام الباحثون الفئران لتجربة ما يسمى أقراص باك فونغ المصنوعة من محتويات تشمل الجينسينغ وقرون الظباء وأكثر من 20 عشباً .
وقد درج استعمال الأقراص بين النساء الصينيات متوسطات العمر واللاتي وصلن إلى سن اليأس وهن يؤمن بأن حبوب (باك فونغ) هذه تعزز مناعتهن الطبيعية وتحسن الهضم، وتنظم هرمونات المبايض وتحد من خطر التعرض للأمراض القلبية.
ولم تظهر التجارب الأولية أي أثر على الفئران الفتية. ومن ثم أدرك الأطباء أن حيوانات المختبر الصحيحة لا تصلح كمقياس .
وكرر الأطباء التجربة على الفئران الأضعف والأكبر سناً، واكتشفوا أن الخلايا اللمفاوية المتراجعة ـ أحد المكونات الرئيسية لجهاز المناعة ـ عادت إلى مستوى شبيه بما هو عند الحيوانات الصحية حسب أستاذ الفيويولوجيا تشان هزيا تشانغ. وفي إطار تجارب تبدأ بالحيوانات ثم تنقل إلى البشر إذا ظهر أنها واعدة، يحاول باحثون فك شيفرة العديد من الصيغ التقليدية (بالتعابير العلمية واللغة الدولية).
ولايزال الطريق طويلا أمام الأدوية الشعبية لتحصل على موافقة السلطات والمراجع الغربية كإدارة الأغذية والأدوية. ويعترف صانعو الأدوية العشبية وممارسو الطب الصيني بأن الاحتمالات غير مؤكدة غير أنهم مصممون على متابة مساعيهم الصعبة أما الأطباء الصيدلانيون الغربيون فتساورهم الشكوك منذ وقت طويل حول فعالية الأدوية العشبية أصلاً، أو حتى إن كانت فعالة فهي سليمة وفعالة من وجهة النظر العلمية.
ويقول الدكتور شاو تشن المدير المشارك في مركز تقدير وأبحاث العقاقير لإدارة الأغذية والأدوية وإن الإدارة لم يسبق أن وافقت على أن دواء عشبي سواء كان صينياً أو غربياً .
والمعروف أن ثمة (40) تجربة سريرية قيد الإجراء في هونغ كونغ وتايوان وأماكن أخرى في إطار سباق محموم بين صانعي الأدوية العشبية الذين يسعون إلى احتلال المرتبة الأولى حسب تشن.
والاختبارات على المرضى البشريين تجري بأدوية عشبية قيل انها تشفي من كل شيء, من الفيروسات والسرطان والامراض الجلدية.
وفي حالات سابقة تتعلق بالادوية العشبية ذكرت ادارة الاغذية والادوية وجود مواد ملوثة فيها او حتى ذكر كافة المحتويات على الملصقات.
وفي العام (2000) منعت ادارة الاغذية والادوية استيراد اعشاب صينية من بعد حدوث حالات هبوط الكلى بين مستعمليها في بريطانيا وبلجيكا.
وقال تشن: ان العقاقير تدعمها حالات معظمها حالات فردية ولا تحتوي على معطيات ذات نوعية جيدة تتطابق مع المقاييس العصرية.
ويأمل الناشطون في ميدان العقاقير الصينية بتغيير هذا الوضع, وهم يقولون انهم يدخلون تحسينات على اساليبهم ويسجلون نجاحا محددا عن طريق تحسين اسس تصنيعهم.
وفي العام 2001 انفقت الشركة المسجلة في سنغافورة ما يوازي 2.6 مليون دولار لبناء معمل مزود بالتجهيزات التكنولوجية الراقية وخال من الغبار في هونغ كونغ.
ويقول مسؤولو الشركة. ان معلمهم يضاهي معامل الشركات الصيدلانية في الغرب.
وقد حصل المعمل على شهادة (ممارسة تصنيع سليمة) من دائرة السلع العلاجية الاسترالية التي تؤكد أن سلعها تصنع في اجواء نظيفة وخالية من عوامل التلويث.
وهذا يتيح للشركة ان تصدر بعض منتوجاتها الى الولايات المتحدة كاضافات غذائية, وهي تأمل ان تدخل قريبا الاسواق التايوانية والاوروبية الاتحادية.
ان شهادة مقاييس التصنيع هذه هي خطوة ضرورية, وان كانت صغيرة, كأحد المستلزمات للحصول على الترخيص للاعشاب كأدوية.