التوجهات الاخيرة للدولة فيما يتعلق بفائض الميزانية المتوقع في ميزانية هذا العام, التي صرح بها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني, ازالت الكثير من التساؤلات التي تناقلتها وسائل الإعلام الداخلية والخارجية عن هذا الفائض وحجمه والجهات التي يمكن ان تستفيد من هذا الفائض, وان كان هذا الفائض يظل واقعا غير ملموس باعتبار انه باق على صدور الميزانية العامة للدولة اكثر من ثلاثة اشهر, وهي كفيلة بتجدد امور قد تؤثر على هذا الفائض بشكل سلبي. وكما صرح معالي وزير المالية لجريدة (الرياض) بأنه من المبكر معرفة حجم الفائض او الايرادات من البترول حتى الآن.. وان الايرادات من البترول الآن اعلى من الايرادات المقدرة في الميزانية في بداية العام ولا يزال هناك اربعة اشهر قبل نهاية العام وهناك عوامل عديدة مؤثرة في سوق البترول وبعضها يكون له تأثير سريع.
اهم ما سمعناه عن الفائض في الميزانية انه سيستخدم في تسديد جزء من الدين العام الذي تعدى حاجز السبعمائة مليار ريال بمراحل من اصل للدين بالاضافة الى خدمة الدين. واتمنى الا يلومني احد اذا كانت تلك الارقام غير دقيقة, فالذنب ليس ذنبي لانه لا يوجد من يزودنا بها.
ارجع الى موضوع المقالة, فقد لوحظ ان استخدامات فائض الميزانية تصب جميعها في بناء مواطن قادر على التحدي والاستجابة, باعتباره الركيزة الاساسية للتنمية ومحورها ووسيلتها وغايتها.
لقد تم توجيه الفائض في مجالات هامة تشهد قصورا في الاداء, مما اثر بشكل مباشر على رفاهية المواطن فتوجه جزء من الفائض الى التعليم خاصة التعليم المتخصص والفني والذي يعاني اختناقات كبيرة, ادى ذلك الى عدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل, والشروط التعجيزية التي تضعها الجامعات في القبول واضحوكة اختبار القدرات, جميعها ساهمت في ضياع الكثير من الشباب ووقوعهم تحت شبح البطالة التي تتعدى حاجز الـ 26% للمرحلة العمرية بين 18 و26 سنة من الجنسين طبقا لتقديرات منظمة العمل الدولية, ونتيجة تلك البطالة مشاكل التطرف الفكري الذي سبب لنا الكثير من القلق.
كما سعدنا ايضا بتوجيه جزء من الفائض الى صندوق التنمية العقارية, الذي اصبح الحصول على قرض منه ضربا الخيال, اذ ان قائمة الانتظار فيه حاليا تصل الى اكثر من 20 عاما, مما يعني ان المتقدم للحصول على قرض قد يتوفاه الله قبل الموافقة على قرضه.
ولا ننسى ان نذكر اهمية توجه هذا الفائض الى مجالات هامة اخرى مثل الرعاية الصحية التي عانت خلال العشرين سنة الماضية ترديا واضحا فيها.. فالمستشفيات الحكومية لا تصرف ادوية سوى الاسبرين ومخفض الحرارة, كما ان طوابير الانتظار للعمليات وغرف غسيل الكلى تصل الى سنوات حتى في الامراض الخطيرة التي لا تتحمل التأخير مثل زراعة الاعضاء, ناهيك عن المستوى الرديء لمراكز الرعاية الصحية داخل الاحياء السكنية.
وهناك اهمية كبيرة جدا لتوجيه جزء آخر من الفائض الى الجهات الخدمية الاخرى مثل بنك التسليف الذي يعاني هو الآخر شح المادة, وكذلك الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي.
وهكذا اعزائي, تنوعت مجالات الصرف لتشمل جوانب التنمية الهامة لكي تحقق التوازن المنشود. وبهذا المفهوم توجهت الاموال الفائضة الى قطاعات مختلفة ومشاريع تنموية لكافة المرافق والخدمات التي تهم المواطن والتي عانى منها الامرين.
وبما ان هناك توقعات بأن اسعار البترول ستحافظ على مستوى مرتفع للعام القادم, نتمنى ان يوجه فائض العام القادم لمجالات اخرى هامة تحتاج ايضا الى دعم مثل تحسين الخدمات العامة المباشرة التي تمس الانسان بشكل مباشر مثل تحسين البيئة, وبرامج التعليم والتدريب والخدمات البلدية, وغيرها.
وفي النهاية اتمنى ايجاد آلية فاعلة لتطبيق ما جاء بتصريح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني مع وكالة الانباء السعودية وذلك بايجاد المرونة الكافية, والخطط الجاهزة, والمشاريع المدروسة التي ينقصها الدعم المالي للاستفادة المثلى من هذا الفائض. كما نرى ضرورة ان يصاحب عملية التنفيذ نظام صارم للمتابعة الشاملة والمراقبة الدقيقة والمحاسبة الشديدة للوصول الى افضل النتائج.
-*كاتب ومستشار مالي واداري