DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

المشهد الذي لن ينسى

قراءة أمريكية في تداعيات أحداث سبتمبر على العرب والمسلمين

المشهد الذي لن ينسى
المشهد الذي لن ينسى
أخبار متعلقة
 
اليوم.. تحل الذكرى الثالثة لأحداث 11 سبتمبر، التي راح ضحيتها آلاف بالولايات المتحدة، ودفع العرب والمسلمون ثمنا باهظاً لها ماديا وبشريا وسياسيا، ولم يقتصر الأمر على من هم خارج الولايات المتحدة، بل طال أيضاً أمريكيين تعرضوا لحملة تمييز ديني كـــان مثار جــدل شـــديــد. الـعـالـــم تغـيـر بعــد هــذا الـتـاريــخ.. سقطت حكومة طالبان التي اتهمت بمسؤوليتها المباشرة عن الأحداث، ونظام الرئيس صدام حسين كنتيجة غير مباشرة، واحتلت عاصمة عربية هي بغداد، ودخل العرب في دوامة أخرى لا يعلم بنهايتها غير الله. تباينت الجهود الحكومية لحماية الأشخاص من أعمال العنف التي تُرتكب بدافع التحيز من ولاية إلى ولاية، ومن مدينة إلى مدينة في الولايات المتحدة. وقد وجدت بحوثنا تبايناً في الممارسات فيما يتعلق بالإجراءات الحيوية الخاصة بالجرائم التي تُرتكب بدافع التحيز، مثل النظم الخاصة بالتحقيق في جرائم الكراهية، والمحاكمة، ومتابعة ورصد جرائم التحيز، والتواصل مع المجتمعات المحلية. وكان أنجح الجهود لمكافحة ردود الفعل العنيفة ـ كما كان الحال في ديربورن بولاية ميشيغان حيث لم يقع سوى حادثي اعتداء عنيفين مرتبطين بالحادي عشر من سبتمبر في المدينة التي يقطنها 30 ألفاً من العرب الأمريكيين ـ مقترنة بالإدراك المسبق لأن هجمات رد الفعل على العرب، والمسلمين، والسيخ، والقادمين من جنوب آسيا مشكلة متكررة؛ ومقترنة كذلك بإفساح مجال واسع أمام الطوائف المعنية للاطلاع على عملية التخطيط لأعمال تنفيذ القانون واتخاذ القرارات الخاصة بها والمشاركة في هذه العملية. وكل ذلك يُضاف إلى الجهود الموحدة للسلطات على المستوى المحلي ومستوى المقاطعة والولاية والسلطات الاتحادية. ويجابه المسؤولون تحدياً معقداً في سعيهم لمنع أعمال العنف التلقائية غير المنظمة التي تُرتكب بدافع التحيز. وتكشف الخبرات التي نناقشها فيما يلي الأهمية القصوى للالتزام الجاد بالعمل الحاسم، سواء قبل تفجر مثل هذا العنف، أم خلاله، أم بعده. كما تكشف عن فعالية خطوات محددة اتُخذت في بعض المناطق وقد تصلح نموذجاً يُحتذى في المناطق الأخرى. الإدانة العلنية جرائم الكراهية هي أفعال رمزية تفيد بمعنى أن الطائفة الدينية، أو العرقية، أو العنصرية التي ينتمي إليها الضحية ليست موضع ترحيب. ويعبر العداء للعرب، والمسلمين، ومن يُظن أنهم من العرب أو المسلمين، عن اعتبار أبناء هذه الطوائف أجانب وليسوا أمريكيين خلصاء ويرتبطون ارتباطاً متأصلاً بعدو عربي وإسلامي. وقد صاح الرجل الذي قتل بالبيرسينغ سودهي قائلا:ً أنا أمريكي. والشخص الذي حاول أن يدهم فايزة إعجاز بسيارته هتف أنه يفعل ذلك من أجل بلاده. وردد المحتجون عند مسجد بريدجستون الأحرف الأولى من اسم الولايات المتحدة الأمريكية. ويصف البروفيسور ليتي فولب الظاهرة بقوله: كثيرون ممن استُهدفوا عنصرياً، بمعنى أنهم كانوا أهدافاً للعنف بدافع الكراهية، أو طُردوا من الطائرات، هم رسمياً من مواطني الولايات المتحدة، سواء من خلال المولد أو التجنس. لكنهم لا يُعتبرون مواطنين من حيث الهوية. وقد كانت التصريحات العلنية التي تحتضن الملايين من العرب والمسلمين الملتزمين بالقانون كجزء من المجتمع الأمريكي والتي تفيد بأن ارتكاب جرائم بدافع الكراهية لن يكون مقبولاً من أنجع الإجراءات التي جابهت العنف المرتبط بالحادي عشر من سبتمبر وتمكنت من احتوائه. ويعتقد النشطاء العرب والمسلمون أن الرسائل المناهضة لردود الفعل العنيفة التي وجهها بعض الساسة وزعماء المجتمع المدني البارزين ساعدت في تقليص عدد هجمات رد الفعل. وكان أبرز شخصية عامة استنكرت جرائم الكراهية المرتبطة بالحادي عشر من سبتمبر هو الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش. ففي 12 سبتمبر قال الرئيس بوش في تصريحات أدلى بها في حديث هاتفي لرئيس بلدية نيويورك رودولف جولياني ونُشرت بعد ذلك: أمتنا يجب أن تضع في اعتبارها أن هناك آلافا من الأمريكيين العرب ممن يعيشون في مدينة نيويورك ويحبون علمهم بقدر ما نحبه و... أنه ونحن نسعى لكسب الحرب علينا أن نعامل العرب الأمريكيين والمسلمين بالاحترام الذي يستحقونه. وبعد أقل من أسبوع من هجمات 11 سبتمبر قام الرئيس بوش بزيارة حظيت بقدر كبير من التغطية الإعلامية للمركز الثقافي الإسلامي في العاصمة واشنطن، وقال في كلمة ألقاها هناك: بلغني أن البعض يخشون الخروج من منازلهم؛ والبعض لا يريدون الذهاب لشراء حاجات أسرهم؛ والبعض لا يريدون ممارسة أنشطتهم اليومية العادية لأنهم يخشون أن يتعرضوا للترهيب لأنهم يرتدون غطاء للرأس. هذا لا يمكن أن يستمر في أمريكا ولن يستمر. من يرون أن بإمكانهم ترهيب مواطنينا للتنفيس عن غضبهم لا يمثلون أفضل ما في أمريكا، بل يمثلون أسوأ ما في البشر، ويجب أن يخجلوا من مثل هذا السلوك.. وأدلى بتصريحات مماثلة كل من وزير العدل جون أشكروفت ومساعد وزير العدل للحقوق المدنية رالف بويد ووُزعت تلك التصريحات على الصحافة في لقاءات عامة مع مجموعات من العرب، والمسلمين، والسيخ، والجاليات التي ينتمي أبناؤها إلى دول جنوب آسيا. وفي شتى أنحاء البلاد، وفي كل مدينة شملتها البحوث لإعداد هذا التقرير، ظهر حكام الولايات ورؤساء البلديات علناً مع الطوائف التي كان من بين أفرادها ضحايا لإدانة جرائم الكراهية في إطار رد الفعل العنيف، وقالوا بوضوح: إن مرتكبي هذه الجرائم سيُحاكمون. وقال زعماء الطوائف المعنية إن استعداد المسؤولين العموميين لإدانة جرائم الكراهية بصورة مباشرة جعل هذه الطوائف تشعر بمزيد من الأمان خلال وقت يشيع فيه الخوف الشديد، وتركت انطباعاً مهماً لدى الجمهور بأن جرائم الكراهية غير مقبولة وأن مرتكبيها قد أساءوا التقدير. وبالإضافة إلى التصريحات العلنية للمسؤولين الحكوميين الأفراد أدانت الهيئات التشريعية أيضاً جرائم رد الفعل. وأصدر مجلس النواب الأمريكي يوم 15 سبتمبر عام 2001 قراراً يدين جرائم الكراهية ضد العرب، والمسلمين، والقادمين من جنوب آسيا. كذلك لاحظ مجلس الشيوخ الأمريكي تعرض السيخ المعممين لعدد من الهجمات يفوق ما تعرض له غيرهم من الطوائف، وأصدر قراراً اقترحه عضو المجلس ريتشارد دوربين يدين جرائم الكراهية المرتكبة ضد السيخ في الولايات المتحدة ويدعو إلى منعها ومحاكمة مرتكبيها. كما تحركت الهيئات على مستوى المدن؛ فعلى سبيل المثال أصدر مجلس مدينة سياتل قراراً يستنكر جرائم الكراهية في سياتل، ويدعو المواطنين إلى إبلاغ السلطات الحكومية بحوادث جرائم الكراهية. وبرغم أن الأغلبية الساحقة من الشخصيات العامة في الولايات المتحدة أدانت أعمال التحيز بعد 11 سبتمبر . فقد كانت هناك قلة ممن أعربوا عن ازدرائهم للعرب والمسلمين أو تحيزهم ضدهم. فبعد أسبوع واحد من أحداث 11 سبتمبر قال عضو مجلس النواب جون كوكسي لمحطة إذاعية في لويزيانا: إذا رأيت من يأتي مرتدياً قماطاً على رأسه وسير مروحة ملفوفاً حول القماط على رأسه، فهذا الشخص لا بيد من استيقافه. كذلك قال عضو مجلس النواب سي. ساكسبي تشامبليس أثناء حديثه للمسؤولين عن تنفيذ القانون في جورجيا أطلقوا العنان *للشريف* واجعلوه يقبض على كل مسلم يعبر حدود الولاية. واعتذر كل من عضوي مجلس النواب كوكسي وتشامبليس في نهاية الأمر عن تصريحاتهما. وبالإضافة إلى ذلك عبر بضعة معلقين دينيين بارزين علناً عن عدم ثقتهم في المسلمين أو غضبهم منهم؛ فوصف فرانكلين جراهام ابن بيل غراهام الإسلام بأنه دين شرير، وعنيف، وقال التلفزيوني الإنجيلي بات روبرتسون أيضاً متحدثا عن الإسلام: لقد انتقدت رئيسنا المبجل فيما يتعلق بموقفه الذي يقول: إن الإسلام دين يدعو للسلام... إنه ليس كذلك. واستُخدمت أيضاً الإعلانات العامة بنشاط كوسيلة لمنع وقوع جرائم الكراهية في المستقبل. فقبل أسبوعين من الذكرى السنوية الأولى للحادي عشر من سبتمبر شرع مكتب المدعي العام لمقاطعة سان فرانسيسكو في حملة للنهوض بالتسامح من خلال تعليق ملصقات مناهضة للكراهية على الحافلات العامة في المدينة ومحطات الحافلات. وتضمن الملصق وجوه أربعة من العرب، أو المسلمين، أو الأشخاص الذين يُظن أنهم من العرب أو المسلمين، تحت العنوان نحن لسنا العدو وقد نُظمت الحملة بسبب بواعث قلق بخصوص احتمال أن تؤجج ذكرى 11 سبتمبر من جديد نار رد الفعل المعادي للعرب والمسلمين وأعمال العنف ضد الجاليتين العربية والإسلامية. ويقول المدعي العام لمقاطعة سان فرانسيسكو تيرنس هالينان: مع استعار الحرب في الشرق الأوسط نحن نوجه ضربة وقائية ضد أي رد فعل عنيف ضد العرب الأمريكيين والمسلمين. ووُضع 800 ملصق على الحافلات العامة في سان فرانسيسكو من الداخل والخارج. وبالإضافة إلى النهوض بدعوة التسامح، تشجع هذه الملصقات المواطنين أيضاً على إبلاغ مكتب المدعي العام لمقاطعة سان فرانسيسكو بجرائم الكراهية. رسائل مختلطة في الوقت الذي أقر فيه زعماء الجالية العربية والمسلمة بأهمية الإدانة الرسمية لجرائم الكراهية والرسائل المؤيدة للتسامح، فقد أعربوا أيضا عن قلقهم من الرسائل المختلطة التي جاءت من الحكومة الفيدرالية. فالتصريحات الرسمية التي تدعو العامة إلى عدم النظر إلى المسلمين أو العرب على أنهم مختلفون عن أي شخص آخر غيرهم تتناقض مع الإجراءات التي اتخذت في إطار حملة مكافحة الإرهاب التي ألقت بغلالة من الشك على كل العرب والمسلمين في الولايات المتحدة. فقد تضمنت هذه الإجراءات على سبيل المثال احتجاز حوالي 1200 شخص من أصول تكاد تقتصر على العرب والمسلمين ومنطقة جنوب آسيا بسبب احتمال وجود صلات بينهم وبين الإرهاب ، ومطالبة مكتب التحقيقات الفيدرالية بإجراء مقابلات مع أكثر من 8000 شخص من أصل عربي أو إسلامي، وقرار أخذ بصمات بعض القادمين لزيارة الولايات المتحدة من بلدان شرق أوسطية معينة. ويعتقد الناشطون أن هذه الإجراءات تؤكد على صورة العرب والمسلمين على أنهم قد يكونون إرهابيين أو متعاطفين مع الإرهاب. وفي هذا الصدد قال جوشوا سلام، منسق الحقوق المدنية بمجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية، في إشارة إلى تأثير هذه السياسات على صورة المسلمين والعرب في المخيلة العامة لعل معظم الناس يتساءلون صإذا لم تكن الحكومة تثق في هؤلاء الناس فلماذا نثق نحن فيهم؟ وتشير تصرفات مسؤولي الحكومة مؤخرا بعد القبض على ستة رجال مسلمين في ضواحي بافالو في نيويورك إلى الطريقة التي يمكن أن توفق بها الحكومة بين جهود مكافحة الإرهاب وواجبها في منع جرائم الكراهية. ففي أعقاب القبض على الرجال الستة، الذي اتهموا بحضور معسكر تدريب يديره تنظيم القاعدة في أفغانستان، التقى حاكم نيويورك جورج باتاكي بالقادة المسلمين المحليين وذكر في مؤتمر صحفي أن اعتقال هؤلاء الرجال يجب ألا يصبح ذريعة لارتكاب جرائم الكراهية. وبالمثل ذكر بيتر أهيرن، العميل الخاص المسؤول عن مكتب بافالو الميداني التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي، في تصريح علني أن جرائم الكراهية لن يتم التسامح معها. وعندما يعلن عن تحقيق تقدم في التحقيقات الخاصة بمزاعم الإرهاب في بافالو فإن ذلك الإعلان يقترن برسالة تستهجن التحيز، وهو ما ثبت أنه إجراء ذو فعالية. دور الشرطة نظرا للصعوبات القائمة في منع الأعمال التلقائية الفردية التي ترتكب بعيدا عن أي منظمة، فكثيرا ما لا تنجح الشرطة في جهودها الرامية لاحتواء رد الفعل المعادي الذي يتسم بالعنف كما تريد. ففي المدن التي أجرت فيها منظمة مراقبة حقوق الإنسان تحرياتها شهدت كل مدينة منها مستويات قياسية من العنف النابع من الكراهية ضد العرب والمسلمين، ومن يُتَوهَّم أنهم عرب أو مسلمون، بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001. وقد يكون أكبر نجاح للشرطة هو ما رأيناه في مدينة ديربورن في ولاية ميشيغان، وهي مدينة بها 30 ألفا من الأمريكيين العرب الذين لم يشهدوا سوى حادثتين فقط من جرائم الكراهية العنيفة المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر. فعلى العكس من مدن أخرى كثيرة كان للشرطة في ديربورن علاقات عمل سابقة مع الجالية العربية والمسلمة، الأمر الذي مكنها من التعبئة السريعة بعد الحادي عشر من سبتمبر. فكان المسؤولون في إدارة شرطة ديربورن قبل الحادي عشر من سبتمبر بوقت طويل يعرفون المجتمعات المحلية والمناطق المعرضة للعنف المترتب على رد الفعل المعادي، ومدركين تاريخ العنف النابع من رد الفعل العكسي ولإمكانية عودته في المستقبل. ولم يكن هذا المستوى من التعامل السابق مع قضايا رد الفعل المعادي متوافراً في إدارات الشرطة في جهات أخرى من الولايات المتحدة قبل الحادي عشر من سبتمبر ؛ ولذلك فإن دورها الشرطي تمثل أساسا في الاستجابة لجرائم رد الفعل بعد حدوثها. وتوضح التدابير التي نناقشها فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي استخدمتها الشرطة لاحتواء أعمال العنف التي وقعت كرد فعل لأحداث الحادي عشر من سبتمبر والتحقيق فيها. التخطيط لرد الفعل العكسي نظرا لإمكانية التنبؤ نسبيا بالعنف الموجه ضد العرب والمسلمين في إطار رد الفعل المعادي قبل الحادي عشر من سبتمبر ونظرا لدرجة شراسته، فقد دعا النشطاء والخبراء أجهزة تنفيذ القانون إلى وضع خطط طارئة لتخفيف أي رد فعل مناوئ محتمل في المستقبل. ولكن لم يقم أي من المعنيين بتنفيذ القانون أو من المسؤولين بإعداد أي خطة طارئة مكتوبة استعدادا للعنف النابع من رد الفعل العكسي، وذلك في المدن الكبرى التي زارتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان في سياق بحثها، وهي سياتل وفينيكس وشيكاغو ونيويورك ولوس أنجيليس. وعلى العكس من ذلك وفي كل من بورتلاند ومين نجد أن مركز منع العنف القائم على الكراهية يعمل بالتعاون مع مسؤولي المدينة لوضع خطة استجابة سريعة لتخفيف التمييز في إطار رد الفعل العكسي في حالة إلقاء اللوم على العرب أو المسلمين عن أي عمل إرهابي في المستقبل. وقد أشار ستيفن ويسلر، المدير التنفيذي للمركز ومؤلف تقرير عن العنف النابع من رد الفعل العكسي بعد الحادي عشر من سبتمبر ضد المسلمين في مين، إلى خوفه من أنه إذا حدث هجوم إرهابي آخر، فسنشهد اشتداد رد الفعل المناوئ تجاه المجتمعات المضارة... فإذا كان هناك أي شيء يمكن أن تقوم به الحكومة على سبيل الاستعداد، فسيكون ذلك خطوة كبيرة . ومن التدابير التي ناقشها المركز لاحتمال إدراجها في خطة الاستجابة السريعة 1- إصدار تصريحات علنية فورية من جانب مسؤولي الحكومة تدين التمييز فور وقوع أي حدث قد يثير رد فعل عكسي، 2- إعداد إعلانات خاصة بالمرافق العامة تحث على التسامح قبل وقوع أي رد فعل عكسي، بحيث يمكن إذاعتها فورا في حالة الطوارئ، 3- جمع المعلومات عن مناطق المدينة المعرضة بصورة خاصة للعنف النابع من رد الفعل العكسي، ووضع خطة لنشر ضباط تنفيذ الأمن سريعا في تلك المناطق في حالة وقوع أي طوارئ، 4- إنشاء برنامج للصداقة لجمع المتطوعين من الطوائف غير المسلمة للتنقل بصحبة المسلمين الذين يخشون التحرك وحدهم في فترات رد الفعل العكسي، خصوصا النساء اللاتي يرتدين الحجاب. نشر الشرطة من أفضل التدابير التي يمكن اتخاذها لمنع الاعتداءات على العرب والمسلمين بعد الحادي عشر من سبتمبر نشر ضباط الشرطة في المناطق التي يشتد فيها تركز الجاليات المعرضة للاعتداء. وقد كان هناك تفاوت بين المدن في سرعة نشر الشرطة للقيام بالدوريات اللازمة لحراسة الجاليات المعرضة للخطر، وهذه الاختلافات تعكس دائما مدى التفاعل بين إدارة الشرطة مع المجتمعات المهددة قبل الحادي عشر من سبتمبر. وتعد إدارة الشرطة في ديربورن نموذجا مثاليا للانتشار الفوري لضباط الشرطة في المناطق الحساسة في ديربورن عقب الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر. فحسبما ذكر زعماء المجتمع المحلي، ظلت الشرطة تجوب الأحياء والمساجد العربية بعد ظهر الحادي عشر من سبتمبر ، كما تمركز رجال الشرطة في المناطق التي يمكن أن تتعرض للهجوم وبدأت سيارات الشرطة تجوب الأحياء العربية في يوم الحادي عشر من سبتمبر والأيام التالية. وبفضل وجود ضابط شرطة مختص بالجالية العربية معين خصيصا قبل الحادي عشر من سبتمبر للشرطة أمكن الحصول على معلومات هامة عن المناطق التي يمكن أن تكون عرضة للخطر في ديربورن. وذكر زعماء الجالية العربية أن معظم أبناء الجالية في الأسابيع التي تلت الحادي عشر من سبتمبر/أيلول شعروا بقدر أكبر من الأمان في ديربورن عن أي مكان آخر خارجها بفضل تزايد الوجود الملحوظ للشرطة في أحيائها. وعلى الرغم من أن إدارات الشرطة في نيويورك وفينيكس ولوس أنجيليس لم تكن لها علاقات سابقة مع الجالية العربية والمسلمة، فقد أرسلت هذه الإدارات بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ضباط شرطة لحماية دور العبادة الإسلامية أو السيخية أساسا والمناطق التي يتركز فيها السكان العرب أو المسلمون أو السيخ أو مواطنو جنوب آسيا. وفي اليوم التالي للحادي عشر من سبتمبر ، وبعد التشاور مع أعضاء الجاليات العربية والمسلمة في فينيكس، نظمت الشرطة دوريات أمام المساجد الموجودة بالمنطقة على مدى ساعات اليوم الأربع والعشرين. وشهدت وحدة جرائم التحيز بإدارة شرطة فينيكس للقائمين في الإدارة على الاتصال بالجالية الإسلامية بالفضل في تقديم معلومات عن الجالية العربية والإسلامية في فينيكس اعتمادا على التفاعل المسبق مع هذه الجاليات قبل الحادي عشر من سبتمبر. وفي لوس أنجيليس أخطرت لجنة مقاطعة لوس أنجيليس المعنية بالعلاقات الإنسانية إدارة الشرطة في الحادي عشر من سبتمبر بالمواقع المعرضة للخطر مثل المساجد والمتاجر المملوكة للعرب؛ ونتيجة لذلك أُرسلت قوات من الشرطة لحماية بعض هذه المناطق المهددة. وفي مدينة نيويورك أفاد زعماء طائفة السيخ أن ضباط الشرطة بدأوا يتحركون في دوريات راجلة في المنطقة بد تخريب أحد المعابد السيخية في الحادي عشر من سبتمبر واستمرت متواجدة حول المعبد لمدة أسبوع. كما اصطحبت شرطة مدينة نيويورك عددا من الحافلات التي تقل مجموعة من السيخ لحمايتهم أثناء انتقالهم من منطقة كوينز إلى مانهاتن يوم 15 سبتمر لحضور تجمع ليلي أقامته الجالية السيخية لتأبين ضحايا الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر. التصنيف المبدئي للجرائم في بعض الوقائع التي أعقبت الحادي عشر من سبتمبر نجد أن القرارات التي اتخذها ضباط الشرطة بعدم تصنيف الجرائم على أنها جرائم كراهية محتملة كان مؤداها عدم إجراء المزيد من التحقيقات حول دافع التحيز المحتمل. فعلى سبيل المثال، أشار كريبا أوبادياي، منسق برنامج مكافحة التمييز وجرائم الكراهية التابع لشبكة جنوب آسيا، إلى حادث احتجاز اثنين من مسلمي بنجلاديش تحت تهديد السلاح بينما انهالت عليهما عبارات السباب العرقية. وعلى مدى عدة أشهر لم يتم إجراء أي تحقيق في احتمال كون التحيز دافعا لهذه الجريمة لأن الضباط الذين تعاملوا معها اختاروا تصنيفها على أنها جريمة سطو. ولكن عندما رفعت شبكة جنوب آسيا الأمر إلى المحقق المعني بجرائم التحيز في مقاطعة لوس أنجيليس تم تسجيل المسألة والتحقيق فيها على أنها جريمة كراهية محتملة. كما اتبعت إدارات الشرطة في المدن المختلفة معايير مختلفة حسبما تراءى للضباط المتعاملين مع الجرائم فيما يتعلق بتصنيف مسألة ما على أنها جريمة كراهية محتملة. وفي نيويورك عندما يرى أحد ضباط الشرطة أن جريمة ما قد تكون من جرائم الكراهية، فعليه أن يبلغ الضابط المنوب في مقر إدارة الشرطة. فإذا رأى الضابط المنوب أيضا أن الجريمة قد تكون مدفوعة بالتحيز فعندئذ تحال المسألة إلى الفريق العامل المعني بجرائم الكراهية التابع لإدارة الشرطة للتحقيق فيها باعتبارها جريمة كراهية محتملة. وذكرت ليندا وانسل، رئيسة مكتب الحقوق المدنية في نيابة بروكلين، أن التحقيق في قضية ما على أنها جريمة كراهية محتملة أو غير ذلك من جانب الشرطة مرهون بتصنيف الضابط المنوب لها على أنها جريمة كراهية... ولكننا نختلف أحيانا مع الضابط المنوب لعدم قيامه بتصنيف قضايا معينة على أنها جرائم كراهية محتملة . وفي سياتل أعرب العاملون بمكتب الحقوق المدنية عن شعورهم بالإحباط لأن الشكاوى التي تلقوها حول الأعمال الإجرامية المدفوعة بالتحيز لم تسجل في التقارير الشهرية عن جرائم الكراهية التي تصدرها إدارة الشرطة. إذ يرى هؤلاء العاملون أن حرية التقدير المتروكة للضباط في تعاملهم مع الجرائم وتصنيفها على أنها جرائم كراهية محتملة أو غير ذلك توجد إمكانية التحقيق في جرائم كثيرة على أنها جرائم كراهية محتملة على الرغم من وجود دليل على أنها قد تكون مدفوعة فعلا بالكراهية. من ناحية أخرى طالبت شرطة فينيكس الضباط المتعاملين مع الجرائم بأن يثبتوا في محضر الشرطة ما إذا كان الضحية أو الضابط المختص يعتقد أنها مدفوعة بالتحيز. ومتى نشأ هذا الاعتقاد بوجود جريمة قائمة على التحيز، مهما كان التحيز يدو هينا بالنسبة للضابط المختص، فيجب إحالة المحضر إلى شعبة جرائم التحيز في فينيكس، حيث يقوم ضباط مدربون تدريبا خاصا على التحقيق في جرائم الكراهية بتحديد ما إذا كان هناك أي دافع تحيز وراء الجريمة أم لا. وحدات جرائم الكراهية والدعم المؤسسي للتدريب على جرائم الكراهية ذكرت جميع إدارات الشرطة في كل المدن التي أجرت فيها منظمة مراقبة حقوق الإنسان تحقيقاتها أنها تدرب ضباطها على التعامل مع العناصر الأساسية لجرائم الكراهية. وبهذه الإدارات جميعا، عدا ديربورن وميشيغان، ضابط واحد على الأقل مختص بالتحقيق في جرائم الكراهية فحسب. وفي إدارات الشرطة في سياتل وفينيكس وشيكاغو ونيويورك يوجد ضابط بوحدة جرائم التحيز مسؤول عن التحقيق في أي حادثة يظهر فيها دليل على وجود دافع التحيز. ويقول السيرجنت جيري هيل، رئيس شعبة جرائم التحيز بإدارة الشرطة في فينيكس، إن فائدة بروتوكول التحقيق في جرائم التحيز تتمثل في أنه يضمن قيام شخص من ذوي الخبرة في جرائم الكراهية بالتحقيق في المسألة. وهذا ما يخفف الضغط على الضابط المتعامل مع الواقعة في تحديد ما إذا كانت تعتبر جريمة من جرائم الكراهية أم لا . إلا أن الكثير من إدارات الشرطة المحلية لم تكن لديها الموارد أو الحالات الكافية من جرائم الكراهية لتبرير تدريب كل الضباط على كيفية التحقيق في جرائم التحيز، أو لتعيين محقق متخصص في جرائم التحيز. ففي مين، حاول مكتب النائب العام التعامل مع هذه المشكلة من خلال مطالبة جميع الهيئات المسؤولة عن تنفيذ القانون في مين بتعيين مسؤول معني بالحقوق المدنية لمراجعة كل محاضر جرائم الكراهية لتتبع مؤشرات دوافع التحيز، على شرط أن يحال أي محضر يتضمن إشارة إلى التحيز إلى مكتب النائب العام لإجراء المزيد من المراجعة ولإصدار التوجيهات اللازمة. وذكر توماس هارنيت، وهو أحد رجال الادعاء بمكتب النائب العام، أن هذا النظام يسمح للمكتب بمساعدة الهيئات المحلية المعنية بتنفيذ القانون على التحقيق في جرائم التحيز، كما أنه يسمح بقدر من المراجعة لعملها.وفي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر استخدم هذا النظام لإحالة وقائع التحيز المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر إلى مكتب النائب العام في مين للمراجعة والتشاور بشأن ما يلزم اتخاذه من إجراءات. تحريك الدعوى القضائية بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 بدأ ممثلو الادعاء في شتى أنحاء الولايات المتحدة يحرصون على استخدام سلطاتهم لتقديم مرتكبي جرائم الكراهية إلى العدالة. فأصدر العديد من المحامين العموم للولايات ووكلاء نيابات المقاطعات تصريحات تدين جرائم العنف ضد العرب والمسلمين، وقاموا بزيارة للجاليات المضارة وبتشجيعها على الإبلاغ عن جرائم الكراهية للسلطات وتعهدوا بمقاضاتها بكل قوة. وقد وجدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان أثناء بحثها أن ممثلي الادعاء يتعاملون بجدية مع جرائم الكراهية الخطيرة التي وقعت في دوائر اختصاصهم. ومن الملاحظ أن عدد جرائم الكراهية المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر التي تم فيها تحريك الدعوى القضائية أقل من عدد بلاغات الجرائم المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر ، وهذا ليس بغريب. لكن نسبة الجرائم المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر التي صدر فيها قرار اتهام وأحيلت للمحاكمة يبدو أنه لا يختلف كثيرا عن المعدلات العادية لقرارات الاتهام والمحاكمة في الأنواع الأخرى من الجرائم. وهناك متغيرات كثيرة تؤثر على معدلات تحريك الدعوى القضائية، منها قدرة الشرطة على تحديد هوية المشتبه فيه، ونوعية الدليل المقدم ضده، وخطورة الجريمة، والموارد المتاحة لتحريك الدعوى القضائية. وإذا كان بحثنا لم يكشف عن أي وقائع أحجمت فيها النيابة عن أخذ جرائم الكراهية مأخذ الجد، فإن بعض النشطاء في المجتمعات المحلية أعربوا عن قلقهم من أن النيابات لا تعطي الأولوية الكافية لمقاضاة جرائم الكراهية. وقد قامت وزارة العدل بتحريك الدعوى القضائية في 12 جريمة من جرائم الكراهية المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر وبالتعاون مع النيابات على مستوى المقاطعات المحلية في مقاضاة حوالي 80 حالة أخرى. ويعتبر تحريك الدعوى القضائية في 12 جريمة كراهية في خلال عام واحد هو أكبر عدد من حالات التقاضي في جرائم الكراهية التي تحركها وزارة العدل منذ دخول القانون الفيدرالي الخاص بجرائم الكراهية حيز التنفيذ في عام 1964. وهذا الرقم أكثر من ضعف المتوسط السنوي لحالات المقاضاة في جرائم الكراهية التي ترفعها وزارة العدل كل عام. وعلى المستوى المحلي قامت نيابة الولاية في مقاطعة كوك بتحريك الدعوى القضائية في ست جرائم كراهية متعلقة بالحادي عشر من سبتمبر. بينما قامت نيابة مقاطعة لوس أنجيليس بتحريك الدعوى القضائية في ثلاث جرائم متعلقة بالحادي عشر من سبتمبر. وفي مقاطعة ماريكوبا، التي تقع فيها فينيكس، تم تحريك الدعوى القضائية في ثلاث جرائم متعلقة بالحادي عشر من سبتمبر. إلا أن جرائم التحيز التي وقعت بعد الحادي عشر من سبتمبر لم تتم مقاضاتها جميعا بصفتها جرائم كراهية في ظل قوانين الولايات أو القوانين الفيدرالية الخاصة بجرائم الكراهية. فمثلا من بين الجرائم الاثنتي عشرة المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر التي حركت فيها وزارة العدل الدعوى القضائية، لم يوجه الاتهام بموجب القوانين الفيدرالية المتعلقة بجرائم الكراهية إلا في نصفها فقط. ويلاحظ أن تحريك الدعوى القضائية في جريمة ما على أنها جريمة كراهية يشكل عبئا إضافيا على الادعاء، لا من حيث إبراز الدليل الذي يثبت للمحكمة وجود العناصر المعتادة للجريمة فحسب، بل من حيث إثبات وجود دافع التحيز أيضا. ويلاحظ أنه من الصعب إقامة هذا الدليل إلا إذا كان المتهم قد اعترف بالدافع، أو إذا كان قد أدلى بأقوال في أثناء الجريمة تثبت التحيز المباشر، أو إذا كان قد عبر عن رأيه بوضوح بأي شكل آخر. وفي حالة غياب الدليل القوي على وجود التحيز، كان الادعاء غالبا يفضل الالتجاء إلى القوانين الخاصة بالجرائم العادية للوصول إلى الإدانة. الإعلان عن تحريك الدعوى القضائية لم تؤد حالات المقاضاة في جرائم الكراهية المرتبطة بالحادي عشر من سبتمبر إلى إقامة العدل بالنسبة لبعض الضحايا فحسب، لكنها عبرت أيضا عن رفض المجتمع لهذه الجرائم. وقد أرسلت حالات تحريك الدعوى القضائية في الجرائم المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر رسالة مفادها أن التعصب العنيف ضد العرب والمسلمين لا يمكن التغاضي عنه، وأن المسؤولين عن تنفيذ القانون يتعاملون بجدية مع التزامهم بحماية كل أفراد المجتمع وبتقديم مرتكبي الجرائم للعدالة. وكما يقول توماس هارنيت، عضو الادعاء في مكتب النائب العام في مين، إن مرتكبي جرائم الكراهية يعتقدون أن أفعالهم تحظى بدعم المجتمع . ومن ثم فإن الإعلان عن تحريك الدعوى القضائية يكشف عن خطأ هذا الاعتقاد لكل من يحتمل أن يرتكبوا جرائم الكراهية وللمجتمع بصفة عامة. كما يرى هارنيت أنه من الأسباب التي جعلتنا نعلن عن القضايا وإجراءات تنفيذ القانون الناجحة *المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر* غرس الاعتقاد لدى المجتمع بضرورة الإبلاغ عن هذه الحوادث، وبأن الضحايا في حالة الإبلاغ يصبحون في مأمن، لا في معرض الخطر . وتؤيد ديبا أيار، العضو بمنظمة قادة الغد الأمريكيين من جنوبي آسيا ، الفكرة القائلة: إن الإعلان عن تحريك الدعوى القضائية يجعل أفراد الجاليات المضارة يدركون أن الحكومة ملتزمة بحمايتهم وأنها تشجع الضحايا على الإبلاغ عن جرائم الكراهية ضدهم. وفي لوس أنجيليس وفينيكس عقد وكلاء النيابة مؤتمرات صحفية وأصدروا بيانات صحفية أعلنوا فيها عن حالات المقاضاة البارزة المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر. وفي سياتل أصدرت نيابة مقاطعة كينغز بيانات صحفية عن حالات المقاضاة البارزة المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر. وعلى المستوى الفيدرالي أصدرت إدارة الحقوق المدنية بوزارة العدل الأمريكية بيانات صحفية عن معظم الحالات الاثنتي عشرة التي حركت فيها الدعوى القضائية فيما يتعلق بالحادي عشر من سبتمبر. إلا أن إدارة الحقوق المدنية لم تعقد أي مؤتمرات صحفية للإعلان عن الحالات التي أحالتها للقضاء، على الرغم من أن بعض منظمات المجتمع المحلي كانت ترى أن المؤتمرات الصحفية يمكن أن تؤدي إلى تغطية أوسع. لكن إدارة الحقوق المدنية أعلنت عن تحريكها الدعوى القضائية من خلال الاتصال المباشر بزعماء الجاليات العربية والإسلامية والسيخ ومواطني جنوبي آسيا عن طريق إرسال هذه الأخبار إلى قوائم البريد الإلكتروني الخاصة بالمجتمع المحلي. وعلى الرغم من أن هذه الرسائل لم تصل إلى الجمهور الأمريكي على نطاق واسع، فقد نجحت على الأقل في إطلاع الجاليات المضارة على جهود الحكومة الفيدرالية لمعاقبة مرتكبي جرائم التحيز. كما أعلنت إدارة الحقوق المدنية عن معظم الحالات التي حركت فيها الدعوى القضائية على موقعها على الإنترنت، وإن لم تكن أخبار هذا الموقع يتم تحديثها بصورة دائمة. وحدات مقاضاة مرتكبي جرائم الكراهية في بعض المدن الكبرى استفادت الجهود الرامية إلى تقديم مرتكبي جرائم الكراهية للعدالة من وجود مدعين مدربين تدريبا خاصا على التعامل مع جرائم الكراهية. فمثلا يوجد في كل من شيكاغو ولوس أنجيليس وفينيكس ومدينة نيويورك وكلاء نيابة متخصصون في مقاضاة مرتكبي الجرائم المدفوعة بالتحيز. وحسب ما جاء على لسان نيرا والش، رئيس وحدة جرائم التحيز بنيابة مقاطعة كوك، فإن وجود وحدة مقاضاة جرائم التحيز يسمح باكتساب الخبرة المتخصصة اللازمة للتعامل مع التحديات الفريدة التي تطرحها جرائم الكراهية. ومنذ الحادي عشر من سبتمبر تولت وحدة جرائم التحيز تحريك الدعوى القضائية في ست من جرائم التحيز المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر. كما ذكر المحققون بشرطة فينيكس أن العمل مع رجال الادعاء المتخصصين في مقاضاة جرائم التحيز أعطاهم مزيدا من الثقة في أن الجهود التي يوجهونها نحو التحقيق في جرائم التحيز ستؤخذ بجدية وفهم أعمق من جانب رجال الادعاء المدربين على فهم طبيعة جرائم التحيز. ويعتقد زعماء المجتمعات المحلية أن الوحدات المتخصصة تمثل بؤرة للاتصال ومن ثم أداة لبناء علاقات أفضل مع المسؤولين عن الادعاء في الولايات المتحدة. أما المقاطعات الصغيرة العديدة فلم تكن لديها الموارد اللازمة لتبرير إنشاء وحدات لمقاضاة جرائم التحيز، ولا الجاليات المعرضة للخطر التي يبلغ حجمها الحد الذي يستدعي إنشاء هذه الوحدات. ونظرا للصعوبات التي تعترض المقاطعات الصغيرة في مقاضاة جرائم الكراهية المتعلقة بالحادي عشر من سبتمبر فقد أنشأ النائب العام في ميشيغان فريقا مختصا بمقاضاة جرائم الكراهية في مايو 2002 لتعزيز قدرة ممثلي الادعاء المحليين في المقاطعات الصغيرة. ويقوم الفريق بتدريب ممثلي الادعاء المحليين على مقاضاة جرائم الكراهية ضد العرب الأمريكيين والمسلمين بالإضافة إلى أعضاء أي جماعة أخرى قد تكون هدفا للعنف المدفوع بالتحيز. كما يقدم الفريق أيضا المساعدة في مقاضاة عنصر التحيز في جرائم الكراهية أثناء المحاكمات. ويعتبر برنامج النائب العام لميشيغان فريدا من نوعه بين المدن والولايات التي زارتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان ؛ لأنه سمح لرجال الادعاء المحليين بالاستعانة بالخبرة الموجودة في مجال مقاضاة جرائم التحيز بدون الحاجة إلى نمو هذه الخبرة داخل الهيئات التي يعملون بها. الجرائم ذات الدوافع المختلطة لبعض الجرائم دوافع متعددة، منها التحيز ضد العرب والمسلمين، فمثلا يبدو أن قاتل علي المنصوب ، كان مدفوعا بالغيرة وبالتحيز الذي ظهر بعد الحادي عشر من سبتمبر. وفي الحالات التي اتسمت بوجود دوافع مختلطة، لم تحقق بعض إدارات الشرطة في الجريمة بوصفها جريمة يحتمل أن تكون مدفوعة بالتحيز. فمثلا ذكر المحقق المعني بجرائم التحيز في إدارة شرطة سياتل لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان أن الإدارة لا تود أن تتعامل مع العنف المدفوع جزئيا بالتحيز ضد العرب والمسلمين على أنه جريمة من جرائم الكراهية. وفي هذه الأحوال يسير الادعاء عادة وفقا للقانون الجنائي العادي، كما في قضية المنصوب . وحتى لو كانت قوانين الولاية تسمح بمقاضاة جرائم الكراهية عندما يكون التحيز هو الدافع الوحيد لها، فمن المهم أن تسجلها الشرطة على أنها جرائم كراهية عندما تكون هناك دوافع متعددة للجريمة، وذلك بغرض وضع مقياس لتحديد مدى تعرض أي فئة من السكان للخطر. ولذلك قامت ولاية إلينوي بتعديل قوانينها الخاصة بجرائم الكراهية حتى يمكن مقاضاة الجريمة بوصفها جريمة كراهية عندما يكون الدافع وراء أي جزء منها هو التحيز. وعلى الرغم من أن الغرض من هذا التعديل هو تسهيل استخدام القوانين الخاصة بجرائم الكراهية بولاية إلينوي في حالات الدوافع المختلطة، فمن فوائد هذا القانون أنه لم يعد يستبعد إمكانية تعقب الجرائم ذات الدوافع المختلطة. وتقول إليزابيث شولمان-مور، التي تعمل بلجنة المحامين للحقوق المدنية في شيكاغو، إنه نتيجة لهذا التعديل أصبح مسؤولو الحكم المحلي يعتبرون أن كل الجرائم التي يدخل فيها دافع التحيز مهما كان بسيطا جرائم مدفوعة بالتحيز. الاتصال بالجاليات المضارة قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر كان العديد من الهيئات الحكومية في المدن التي أجرت عليها منظمة مراقبة حقوق الإنسان بحثها على علاقات واهية بالجاليات العربية والمسلمة، حتى في المدن ذات التجمعات الكبيرة من العرب والمسلمين حتى على الرغم من التاريخ السابق للهجمات المدفوعة بالتحيز. إلا أن جهود الاتصال بهذه الجاليات نشط بعد الحادي عشر من سبتمبر ، وكان من بينها عقد اللقاءات في المساجد والمنتديات المقامة في المجتمعات المحلية وترجمة المطبوعات إلى اللغات التي تتكلمها الجاليات وإنشاء خطوط هاتفية ساخنة خاصة بجرائم الكراهية. العلاقة مع الجاليات المضارة قبل الحادي عشر من سبتمبر تتضح قيمة العلاقات السابقة بين الحكومة والجاليات التي يحتمل وقوعها ضحية للعنف في ديربورن وميشيغان أكثر من غيرهما، حيث ذكرت قيادات الجاليات لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان أنهم كانوا يعقدون اجتماعات منتظمة ودورية قبل الحادي عشر من سبتمبر مع مكتب عمدة ديربورن، ورئيس شرطة ديربورن، ونيابة مقاطعة وين، والمحامي الأمريكي عن المنطقة الغربية بميشيغان حول عدد من القضايا التي تؤثر على العرب والمسلمين في ديربورن والمناطق المحيطة بها. وتعتبر هذه الاجتماعات، حسب ما قاله زعماء الجاليات، ضمانا لإبقاء الأجهزة الحكومية مطلعة بشكل أو بآخر على اهتماماتنا حتى لو لم نتفق في جميع الأوقات . وقد سمحت قنوات الاتصال المفتوحة وارتفاع مستوى التفاعل بين مسؤولي ديربورن وأعضاء الجاليات العربية والمسلمة في ديربورن لزعماء هذه الجاليات بتعبئة المسؤولين فورا للتعامل مع رد الفعل العكسي المحتمل بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. كما كانت قيادات المدينة تستطيع الحصول على المعلومات اللازمة لتقييم احتياجات الجاليات العربية والمسلمة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقال عماد حماد مدير منطقة الغرب الأوسط بلجنة مكافحة التمييز ضد العرب الأمريكيين في ديربورن بميشيغان: تمكننا من الاتصال بمكتب عمدة المدينة في صباح الحادي عشر من سبتمبر بخصوص مخاوفنا من تعرض أبناء الجالية للاعتداء. وفي الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا اجتمعنا بالعمدة ومدير الشرطة لمناقشة احتمال وقوع رد فعل عكسي ضد جاليتنا، وفي الساعة الواحدة ظهرا ظهر العمدة على شبكة تليفزيون الكابل المحلية المفتوحة ليحذر الجمهور من ارتكاب جرائم كراهية ضد العرب في ديربورن، ثم بدأت سيارات الشرطة تجوب مناطق التسوق التي نرتادها والأحياء التي نقطنها.