أخبار متعلقة
أغلق الملف .. لم يغلق بعد .. هكذا بدا تفاعل الشارع السياسي اليمني تجاه الأحكام الصادرة بحق خلية تنظيم القاعدة المدانة بحادثة تفجير المدمرة الأمريكية كول في ميناء عدن في الحادث الذي جعل من اليمن محط أنظار المجتمع الدولي بوصفه بؤرة ناشطة للإرهاب ووضع هذا البلد الفقير في مواجهة مباشرة مع خطر الإرهاب . المسؤولون في الحكومة اليوم يرون أن الأحكام الأخيرة أغلقت الستار على فصل طويل من الحرب التي شنتها الحكومة على الإرهاب ..ويعتقد هؤلاء أن صدور أحكام بالإعدام بحق المتهمين الرئيسيين في قضية كول وهما عبد الرحيم الناشري الذي حوكم غيابياً والمعتقل لدى الولايات المتحدة الأمريكية وجمال البدوي وسجن أربعة آخرين مددا تتراوح بين 5ـ 10 أعوام ، مثل الفصل الأخير في ملف الحرب على الإرهاب التي كانت اليمن من أوائل الدول في خوضها قبل أحداث ايلول .
لكن بعض المحللين يؤكدون أن واشنطن لا تزال تنظر إلى اليمن باعتباره بؤرة خطرة لتركز الإرهابيين ومنطقة نشاط لا يزال بحاجة إلى الكثير من العمل ليكون آمنا . ويشير المحللون إلى أن الأحكام الأخيرة لم تطاول سوى 6 متهمين من بين 18 متهما كانت السلطات اليمنية أعلنت في وقت سابق أنهم يمثلون خلية القاعدة التي تولت التخطيط لتنفيذ هجمات على المصالح الأمريكية والغربية في اليمن منذ العام 1997 ومنها الهجوم على المدمرة كول ، كما لا يزال هناك الكثير من العناصر المتشددة من أعضاء القاعدة الذين لم يقدموا بعد للمحاكمات ،وبعضهم لا يزال فارا من وجه العدالة .
وقد جاءت المحاكمات الأخيرة التي طالت أولا خلية القاعدة المدانة بتفجير ناقلة النفظ الفرنسية ليمبورغ ، ثم خلية القاعدة المدانة بتفجير المدمرة كول بعد ثلاث سنوات من الملاحقات والمداهمات والاشتباكات مع أعضاء التنظيمات المتشددة المحظورة في اليمن تمكنت خلالها السلطات بحسب تأكيد رئيس الوزراء اليمني عبد القادر باجمال من تفكيك 90% من خلايا القاعدة والتنظيمات الإرهابية وتدمير واحد من اكبر الأوكار التي أنشأتها العناصر المتشددة في المعاقل الجبلية بمحافظة أبين جنوبي البلاد .
وبحسب التقارير الرسمية فقد اعتقلت صنعاء منذ احداث سبتمبر 306 عناصر من أعضاء تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن ، وعددا غير محدود من المشتبهين بالانتماء لتنظيمات إرهابية محظورة ، بينها الجهاد ، جيش عدن أبين الإسلامي ، جماعة التكفير ومن يطلق عليهم الأفغان العرب الذين جاءوا إلى اليمن بعد انتهاء الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفيتي السابق .
وأطلقت السلطات اليمنية خلال العام الجاري سراح 246 شخصا بعد حوارات أجرتها لجنة من علماء الدين شكلتها الحكومة لهذا الغرض في حين بقى 60 عنصرا رهن الاعتقال قدم منهم حوالي 20 للمحاكمات وهم المجموعة المدانة بتفجير ناقلة النفط الفرنسية ليمبورغ وآخرهم المدانين بتنفيذ الهجوم الانتحاري الذي استهدف المدمرة كول في ميناء عدن فيما البقية متهمون بالانتماء لتنظيم القاعدة والتورط بأعمال إرهابية .
وقد بدأت السلطات اليمنية محاكمات المتهمين بقضايا الإرهاب من خلايا تنظيم القاعدة وبعض التنظيمات المحظورة المعتقلين منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر ، بعد موجة انتقادات وجهتها دوائر حقوقية محلية ودولية للحكومة بسبب إبقائها المتهمين رهن الاعتقال دون محاكمات خلافا لما تنص عليه القوانين والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وإجراءات التعامل مع السجناء والمتهمين.
وبالإضافة إلى أهداف أخرى ، سعت صنعاء من خلال إطلاقها المحاكمات وجولات الحوار الفكري مع العناصر المتشددة إلى إغلاق بعض الملفات العالقة التي تصر واشنطن على ابقائها مفتوحة ،ومنها ما يخص بعض الشخصيات العسكرية والدينية الكبيرة التي اوردتها واشنطن في تقارير سابقة بشأن الإرهاب ، والتي حاولت صنعاء عدم الخوض فيها نظرا لخطورتها وحساسيتها الشديدة .
مناورات وتجاذبات
وعلى مدى السنوات الماضية ظلت التحقيقات في قضية تفجير المدمرة كول مثار خلاف بين صنعاء وواشنطن لكن الأخيرة قبلت تاليا باجراء محاكمة للمتهمين وضمنت دعواها في القضية إلى الدعوى التي قدمها ممثل الادعاء العام في اليمن في حين اتجهت صنعاء لمطالبة واشنطن تسليمها منسق هجمات سبتمبر رمزي بن الشيبة الذي اعتقل في باكستان وعبد الرحيم الناشري الذي اعتقل في دولة الإمارات العربية المتحدة ، بوصفهما العقلين المدبرين لعملية الهجوم على المدمرة.
وتمت إحالة جميع المتهمين إلى المحكمة المتخصصة ، على أساس توزيع المتهمين على مجموعات بحسب القضايا و النظر في كل قضية في جلسة خاصة ومستقلة عن الأخرى وذلك بناء على القرار الجمهوري الذي اصدره الرئيس اليمني على عبدالله صالح نهاية ابريل الماضي القاضي بإنشاء محكمة جزائية متخصصة وشعبة جزائية متخصصة بقضايا الإرهاب ،بعدما بدت صنعاء رافضة تماما للمطالب الأمريكية القاضية بتأجيل محاكمة المتهمين بالهجوم على المدمرة كول ،باعتبار أن ملف التحقيق في القضية لم يستكمل.
وشمل ملف المتهمين في حادثة تفجير المدمرة كول كلا من قاسم عبيد ، محمد عبدالله الفقير ، عمر القسمي ، مراد على أحمد، محمد ناصر أفضل، سامي محمد صويع ، السيد المرمدي، صالح محمد الواحدي، و القار ياسر قاسم، و مازن سالم عبدالله ،جمال البدوي ، فهد القصع إضافة إلى خلدون محمد ناشر ومحمد عبدالله درامة دهمان اللذين سلما نفسيهما طواعية منتصف مارس الماضي لسلطات الأمن وكذا سمير عبدالله البلاكي ( متهم غير رئيسي في الحادث وضبط متخفيا بلباس امرأة ومعه شخص آخر عندما كانا يستقلان سيارة في طريقهما إلى محافظة شبوه شرق صنعاء ).
كما شملت مجموعة كول أيضا عبد الرؤوف نصيب الذي كان الناجي الوحيد من العملية التي نفذتها القوات الأمريكية العام الماضي في مأرب بواسطة طائرة بدون طيار واستهدفت 6 من عناصر القاعدة في اليمن بزعامة ابو على الحارثي احد العناصر الرئيسية في قضية تفجير المدمرة كول .
واتهم نصيب بالوقوف وراء عملية تهريب 10 من المعتقلين على ذمة حادثة تفجير المدمرة الأمريكية كول ،من سجون الأمن السياسي (الاستخبارات ) بعدن العام الماضي.
وتمكنت قوات الأمن والجيش اليمني من إلقاء القبض على بعض المتهمين في حادثة كول ، بعد حملة دهم وملاحقات واسعة النطاق شنتها في مارس الماضي على المعاقل الجبلية للجماعات المتشددة في محافظة أبين ، ، فيما سلم البعض الآخر أنفسهم طواعية لقوات الأمن عن طريق جهود الوساطة المشيخية التي تدخلت لمنع نشوب قتال مسلح بين الجيش والعناصر المطاردة التي تحصنت في جبال أبين مطلع العام الجاري .
وطبقا لتأكيدات المسؤولين في وزارة الداخلية فقد كان لخلايا القاعدة العديد من المخططات التي تستهدف المصالح الغربية والأمريكية في اليمن .. لكن الكثير منها لم ينفذ بعدما بدأت السلطات اليمنية بالتنسيق مع مكتب التحقيقات الفيدارالي الذي افتتحته واشنطن في سفارتها بصنعاء ، ملاحقة العناصر المتشددة وتضييق الخناق عليهم ومن ثم اعتقال العشرات منهم .
أبو علي الحارثي زعيم القاعدة في اليمن اغتالته المخابرات الأمريكية بواسطة طائرة بدون طيار مع 6 آخرين شرقي اليمن