عزيزي رئيس التحرير
كل الدلائل والحقائق والاحداث وغيرها تثبت ان امريكا فشلت سياسيا وعسكريا واخلاقيا واقتصاديا في العراق.. ونحن نعلم ان الكثير من المحللين السياسيين في جميع انحاء العالم ينتقدون سياسة الرئيس الامريكي جورج بوش ومساعديه في جر قدم الولايات المتحدة الى العراق.. والزج بها في (حرب خاطئة فاشلة) ويشمل هذا الاجماع نسبة كبيرة من المواطنين الامريكيين والذين يرون ان ادارة بوش اساءت تحريك دفة السياسة الامريكية الخارجية. والحقت بها كوارث عدة، خصوصا منذ الحادي عشر من سبتمبر ويعتقد اصحاب هذا الاتجاه ببساطة ان امريكا لا يمكنها التراجع الان عن حربها (ضد الارهاب ونشر الديمقراطية) على ارض (بين النهرين) الان عن الطريق الذي اندفعت تجاهه بقوة ضاربة كل القرارات العالمية بما في ذلك قرار الامم المتحدة.. معتقدة ان تراجعها عن حربها في العراق سيسبب لها مغامرة خطيرة في مصداقيتها امام العالم اجمع.
الا ان بعض المحللين السياسيين الامريكيين يرون ان ثمن الانسحاب لامريكا من العراق اهون من خسائر البقاء.. وقد قرأت مؤخرا تحليلا سياسيا للمحلل السياسي الامريكي ويليام فاف.. ينتقد فيه سياسة المرشحين للرئاسة الامريكية.. الرئيس جورج بوش وكذلك السناتور كيري في مواقفهما من البقاء في العراق.. حيث يقول المرشح الديمقراطي كيري انه سيبدأ بزيادة عدد القوات الامريكية في العراق.. ويبدو بموقفه هذا انه يشاطر ثقة بوش في قدرة قوات الامن العراقية على فعل ما هو من شأنه ان يفرض حكومة مؤقتة تسميها واشنطن، وتظل تحت ادارة البيت الابيض.. ومن الواضح ان كيري هنا لا ينظر الى المقاومة العراقية على انها انتفاضة قومية.. شأنه في ذلك شأن جورج بوش الرئيس الحالي لامريكا والذي يعتقد انه قادر على القضاء على المقاومة العراقية والتي هدفها الاساسي انهاء الاحتلال الامريكي.. والانسحاب من التراب العراقي هو الشرط الاول, والاخير لوقف هذه المقاومة.
وقبل ايام قرأت دراسة تحليلية سياسية للباحث السياسي ستانلي هوفمان.. الذي يدرس بجامعتي هارفادر وباريس.. يقترح فيها حول كيفية وموجبات خروج الولايات المتحدة جاءت على النقيض من تصريحات كيري وبوش حول مسألة بقاء وانسحاب الولايات المتحدة تواجه ضرورة الانسحاب من العراق، في حين يعلن كيري في برنامجه الانتخابي عن نيته لابقاء امريكا هناك.. بزعم الحاجة الماسة الى دحر عناصر المقاومة واحلال الاستقرار في ارض بين النهرين..
ولنترك المحللين السياسيين باختلاف جنسياتهم وثقافاتهم وافكارهم.. وكذلك لنترك المرشحين جورج بوش والسناتور كيري وبرنامجهما الانتخابي حول البقاء او الخروج من العراق ونجيب عن السؤال الذي طرحناه لهذا المقال: ماذا لو لم تنجح امريكا في العراق؟ في اعتقادي شخصيا ان نجاح امريكا هذا يتطلب التنازل عن فكرة ان الولايات المتحدة امة لا يستغنى عنها العالم وهذه مسؤولية دولية كبيرة من الصعب ان تتنازل عنها امريكا في حرب تشنها في كل مكان من العالم ضد الارهاب.. والدول الفاشلة والمسؤولة عن تأسيس تحالف كوني.. ضخم وناجح.. قوامه نشر الديمقراطية.. والعدل والمساواة لجميع شعوب ودول العالم.. يدار بالريموت كنترول من البيت الابيض في العاصمة الامريكية واشنطن، كذلك لو نجحت امريكا في العراق (وهذا مشكوك فيه) فعليها التخلي عن كافة الموارد الطبيعية.. كالبترول مثلا وهذا التزام لا غنى لامريكا عنه لتحقيق نجاحها.
ولعل اكبر عائق امام نجاح امريكا في العراق هو ما يطرحه المرشحان الجمهوري والديمقراطي ـ بوش وكيري ـ في بقائهما في العراق بينما يطرحان فكرة الانتخابات العراقية وتسليم امرها الى الامم المتحدة.. لانها مهمة ضخمة سوف تتفاعل فيها الطوائف العرقية والدينية في العراق.. السنة والشيعة والاكراد.. وطوائف اخرى لابد من تأكيد مشاركتها فيها.. مما يجعل بقاء امريكا في العراق من اصعب المستحيلات.
لكن.. ماذا لو فشلت امريكا في العراق.. فان هذا الفشل سيضع الولايات المتحدة في موقف لن يختلف عن هزيمتها الكبرى في فيتنام والتي اصبحت، وصمة عار على جبين الامريكيين ولن يسمحوا بتكرار هذا الانهزام مرة اخرى.. فماذا نقول لامريكا عن العراق؟؟ وماذا نقول للعراقيين عن انسحاب او بقاء امريكا على ارضهم للابد؟ علم الغيب عند الله.
@@ د. محسن الشيخ آل حسان