إن على الرئيس الأمريكي القادم مواجهة التحدي الماثل في تأمين العراق مع تزايد التهديدات المحدقة به.
السبب أن التفجيرات وعمليات جز الرؤوس وهجمات المسلحين العراقيين فضلا عن تزايد أعداد الضحايا، جميعها تؤكد أن الحرب في العراق تسير في الطريق الخاطئ بعد أن اعتقد الجميع أنها حققت نصرا عسكريا كاسحا. وانه بعيدا عن المعلومات الاستخبارية الخاطئة التي حذرت من أسلحة الدمار الشامل العراقية التي لم تتواجد في الأساس، لم يخفق الرئيس بوش وقيادة وزارة الدفاع الأمريكية في التخطيط بعناية لما بعد حرب العراق وحسب، بل أساءوا كذلك الحكم على الأحداث منذ البداية متجاهلين حتى نصائح وانتقادات الأصدقاء لسياستهم . النتيجة هي طريق وعر نحو استقرار وديموقراطية العراق اللذين تضمنتهما رؤية الرئيس بوش كنموذج يحتذى به في الشرق الأوسط.
المحزن هو تجاهل الرئيس بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد اجماع شريحة كبيرة من خبراء الحكومة قبل شن الحرب في العراق على أن تأمين العراق هو مهمة اشد عسرا من الانتصار في الحرب نفسها، واعتمادهما على استشارة احمد الجلبي المنفي العراقي السابق الذي تتهمه حاليا بالاحتيال. إن رامسفيلد رفض الإنصات إلى رأي قائد القوات الأمريكية في العراق السابق ريكاردوسانشيز بالحاجة إلى مئات الآلاف من القوات للضلوع بعملية تأمين العراق بعد الحرب، وقام بتهميشه. النتيجة هي إخفاق القوات الأمريكية في الحد من عمليات سلب ونهب المستودعات التي تقدر كمية الأسلحة والذخائر العراقية التي احتوتها بملايين الأطنان.
المهم أن الرئيس بوش ومستشاريه اعتقدوا أن العراقيين سوف يرحبون بهم كمحررين، وهو ما اتضح نقيضه بعد شن الحرب عندما نظر العراقيون للقوات الأمريكية على أنها قوات محتلة تسعى إلى حماية النفط اكثر من حماية المدنيين أو إعادة إعمار بلادهم. ان التعثر في العراق لم يقف عند هذا الحد وحسب، بل استمر بتسريح الجيش العراقي وتطهير أعضاء حزب البعث السابق من وظائف الحكومة، مما أثار سخط مئات الآلاف من العراقيين الذين وجدوا أنفسهم بلا عمل وسهل من جعلهم هدفا للتجنيد من قبل المسلحين العراقيين.
ونؤكد على صعوبة الموقف في العراق حتى مع زيادة عدد القوات الأمريكية عن تلك التي تواجدت عند سقوط بغداد، فأعداد قتلى وجرحى القوات الأمريكية هناك تتزايد بشكل مطرد بينما يخبو الأمل في أن يسود السلام أو أن تبدأ عمليات الإعمار.
و نرى أن زيادة التدخل الأمريكي في العراق سيزيد من إرهاق المصادر العسكرية والمالية الأمريكية، فأنها تشير إلى أن الانسحاب السريع من هناك يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية أو انتشار الفوضى والعبث اللذين يعدان تربة خصبة لنمو الإرهاب على حد تعبيرها.
مما يستلزم ضرورة مشاركة حلفاء الولايات المتحدة على الصعيدين المالي والعسكري في العراق على الرغم من إحجامهم عن ذلك حتى الآن. السبب أن الولايات المتحدة لم تنفق نحو 120 مليار دولار و تفقد اكثر من ألف جندي أمريكي حتى الآن في العراق وحسب، بل شتت كذلك الجهود عن سحق تنظيم القاعدة والإرهابيين على حد تعبيرها.
خلاصة القول إن الرئيس بوش يدعي بأن الحرية في طريقها إلى العراق غير أن أداءه السيء في قيادة البلاد نحو خراب يخلفه الاحتلال والعنف لا يبعث على التفاؤل أو الثقة