في إدارة رفعت لواء القوة، كانت مقدرة باول على مصارعة البقاء مقلصة، وعندما أدرك أن الخط الدبلوماسي الذي حاول قيادته لن ينجح، قرر تنفيذ الوعد الذي قطعه أمام زوجته... لم يغادر كولن باول البيت الأبيض، صافقاً الباب خلفة بشدة، لكنه كان يمكن تلمس خيبة الأمل التي شعر بها إزاء ما يحدث هناك. لقد استسلم الصوت المعتدل الوحيد في إدارة بوش، استسلم الرجل الذي اعترف أنه يشعر كالحمامة داخل قفص صقور.
خلال الأشهر الأخيرة، تجول باول ببطن حاملة على الإدارة. لقد تذمر، خلال محادثات خاصة، من قرار الولايات المتحدة خوض الحرب في العراق اعتمادا على معلومات استخبارية ضعيفة، وبدون حليف دولي، تقريباً. واحتج على تسبب السياسة الخارجية الأميريكية بتوحيد العالم العربي في جبهة كراهية ضخمة للولايات المتحدة، جبهة يعتقد باول أن تفكيكها يحتاج إلى 50 عاماً.
لكنه في عهد بوش كان (المحافظون الجدد)، تلك المجموعة البلطجية، برئاسة تشيني ورامسفيلد، هم الذين يحددون اللهجة. ووجد باول، الذي يؤمن بالدبلوماسية كوسيلة ناجعة لحل الأزمات، نفسه في موضع أقلية خلال فترة طويلة. ومن وراء ظهره، ألصق به خصومه لقب (ليبرالي أكثر مما يجب)، والذي يعتبر من أكثر الألقاب المخزية في القاموس الجمهوري.
في إدارة رفعت لواء القوة، كانت مقدرة باول على مصارعة البقاء مقلصة، وعندما أدرك أن الخط الدبلوماسي الذي حاول قيادته لن ينجح، قرر تنفيذ الوعد الذي قطعه أمام زوجته، قبل أربع سنوات، بالاستقالة بعد فترة ولاية واحدة. وقبل قيامه بتقديم كتاب استقالته إلى الرئيس، تضاحك باول مع مستشاريه قائلاً إنه سيكون لديه، منذ الآن، الوقت الكافي لعمل ما يحب: قيادة السيارات الرياضية المتوقفة في ساحة منزله.
من جهته، لم يحاول بوش حتى ثني باول عن قراره، وبدا كمن انتظر هذه اللحظة. ففي ولايته الثانية يفضل الرئيس بوش وزير خارجية يفكر مثله. وعليه، يتوقع أن تكون كوندوليسا رايس، التي تعتبر مخلصة لبوش، وزيرة الخارجية المقبلة.
في الأيام الأخيرة، قال باول إن وفاة عرفات توفر فرصة لاستئناف الحوار الإسرائيلي - الفلسطيني. باول سيبدأ العمل - حيث سيلتقي بممثلي الأطراف، الأسبوع المقبل- لكنه لن يستكمله.
* عن يديعوت أحرونوت الإسرائيلية