أعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في تقرير سري انها رصدت ممارسات مسيئة للاسرى يمكن اعتبارها شكلا من اشكال التعذيب في منشأة عسكرية اميركية في غوانتانامو في كوبا، طبقا لما اوردت صحيفة نيويورك تايمز امس الثلاثاء.
وفي زيارة الى السجن في حزيران يونيو عثر فريق من اللجنة الدولية للصليب الاحمر يضم موظفين وخبراء طبيين على نظام يهدف الى كسر ارادة السجناء من خلال اعمال مذلة وعزل انفرادي وتعريض السجناء الى درجات حرارة منخفضة جدا او مرتفعة جدا، واستخدام اوضاع مؤلمة.
وقالت الصحيفة ان وضع مثل هذا النظام الذي يهدف الى استخلاص المعلومات لا يمكن اعتباره سوى نظام متعمد لمعاملة وحشية وغير عادية ومهينة وشكل من اشكال التعذيب.
وجاء في التقرير الذي ارسلته اللجنة الى الحكومة الاميركية في تموز يوليو، وهو عبارة عن مذكرة مفصلة حصلت عليه الصحيفة مؤخرا، ان الاسرى عرضوا كذلك الى اصوات ضجيج وموسيقى مرتفعة ومتواصلة ولفترات طويلة من البرد.
وجاء في التقرير ان الاسرى تعرضوا كذلك الى بعض الضرب، طبقا للصحيفة. وقالت ان التقرير لم يذكر كم من الاسرى الـ 550 الذين يعتقلون حاليا في غوانتانامو يتعرضون لمثل هذه المعاملة.
وتستخدم الولايات المتحدة غوانتانامو لاحتجاز اشخاص من كافة انحاء العالم في حربها ضد الارهاب لمدد غير محدودة ودون محاكمة.
وطبقا للتقرير فقد وجد فريق الصليب الاحمر ان بعض الاطباء والعاملين الطبيين في غوانتانامو يقدمون معلومات عن الحالة العقلية للاسرى ونقاط ضعفهم وهو ما وصفه احد خبراء حقوق الانسان بانه انتهاك للمعايير الاخلاقية العالمية.
وقالت الصحيفة انه جاء في بيان للبنتاغون ان المزاعم بان الملفات الطبية للاسرى تستخدم لايذاء المعتقلين غير صحيحة، معتبرا أن الولايات المتحدة تدير عملية اعتقال امنة وانسانية ومحترفة في غوانتانامو توفر معلومات قيمة في الحرب.
واضاف البيان ان الاشخاص الذين يعملون في غوانتانامو يمرون في دورات تدريبية مكثفة ومحترفة للتاكد من انهم يفهمون الاجراءات لحماية حقوق وكرامة المعتقلين.
ويقبع العديد من الاسرى في غوانتانامو منذ حوالى ثلاث سنوات دون ان يكون لهم الحق بالاتصال بمحامين. وقد تم نقل هؤلاء الاسرى من سجون عسكرية في العراق وافغانستان.
ولم توجه التهم سوى لاربعة منهم اذ ان الحكومة الاميركية تقاوم بشدة حملة قانونية حول طريقة تعاملها مع معتقلي القاعدة وطالبان الذين تعتقد ان اتفاقيات جنيف حول الاسرى لا تطبق عليهم.
وفي هذا الصدد، أعلن عدد من المحامين الالمان في برلين انهم تقدموا بشكوى امام القضاء الالماني ضد وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد ومسؤولين اميركيين اخرين يتهمونهم بارتكاب جرائم حرب واعمال تعذيب في اطار ما تعرض له المعتقلون العراقيون في سجن ابو غريب.
واوضحت مجموعة المحامين في بيان ان الشكوى التي قدمت الى النيابة العامة الالمانية تستند الى مبدا شمولية حقوق الانسان. واوضحت المجموعة التي تمثل مركز الحقوق الدستورية ومقره نيويورك ورابطة المحامين الجمهوريين في برلين القانون الالماني يسمح بمبدا ملاحقة الانتهاكات الدولية للقانون الدولي في اي مكان في العالم.
واشارت الى ان الشكوى تستهدف اساسا رامسفلد وايضا كلا من المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) جورج تينيت والقائد السابق للقوات الاميركية في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز اضافة الى سبعة موظفين اخرين في الحكومة والجيش الاميركي.
وقدمت الشكوى باسم خمسة من العراقيين ضحايا التعذيب وسوء المعاملة عندما كانوا معتقلين لدى القوات الاميركية.
وتتحدث الشكوى التي تقع في 160 صفحة عن الطريق المشؤومة التي تصل بين اعتداءات الحادي عشر من ايلول سبتمبر وابو غريب.
وتبين الوثيقة كيف ان عمليات الاستجواب في الجيش الاميركي انتقلت من قاعدة غوانتانامو الاميركية الى ابو غريب في العراق.
ولاحظ المحامون ايضا ان هناك جنودا اميركيين يتعرضون حاليا للملاحقة من قبل القضاء الاميركي، لكنهم اوضحوا ان ليس هناك ما يشير الى امكان ملاحقة رؤسائهم. وقال رئيس مركز الحقوق الدستورية مايكل راتنر من الواضح ان الحكومة الاميركية لا تريد فتح اي تحقيق مع هؤلاء المسؤولين بشان هذه الادعاءات.
وكانت صور فضيحة ابو غريب حيث قام جنود اميركيون بتعذيب المعتقلين العراقيين انتشرت في انحاء العالم في الربيع الماضي واثارت موجة سخط عالمية عارمة.