تقيم الدول المتقدمة ماديا أهمية كبرى لمؤسسات البحث العلمي وتعول على مخرجات أبحاثها في نهضتها في شتى المجالات، وإطلاله سريعة على أرقام الدعم المالي الذي تقدمه تلك الدول لتمويل هاتيك الأبحاث تغنينا عن كثير الكلام، دولنا العربية بالمقارنة لا تنفق شيئا يذكر وهذا ما حدا بها إلى أن تكون - كما هو معلوم- في مؤخرة الركب، قد يقول قائل ان الدول العربية عندها أولويات تستنزف كثيرا من مواردها كالانفاق العسكري وتحسين الخدمات الضرورية أو ما يدعى بالبنى التحتية والانفاق على التعليم في بيئات عانت طويلا من الجهل وهلم جرا، أقول هذا كلام في محله لو أن مواطننا العربي لا يرى كثيرا من الأموال التي تفوق على امور لا يمكن اعتبارها من الضروريات بشكل مبالغ فيه خصوصا وأن ما يرصد لها من أموال تفوق بكثير بل لا وجه مقارنة مع ما يصرف ويبذل في سبيل تشجيع البحث العلمي، هذا جانب، وجانب آخر يدل على عدم معرفتنا أو لنقل تجاهلنا بأهمية البحوث ومدى دفعها للعملية التنموية، ألا وهو عدم الاستفادة من البحوث المجراة في اروقة جامعاتنا من قبل وزاراتنا ومؤسساتنا المدنية، فلم نسمع أو يعلن على الملأ في صحيفة مثلا أن نتيجة بحث ما قد استفادت منه احدى الوزارات فطورت عملها أو أفادت من جديد اثبته البحث، نعم، عندنا بحوث طبية وبيطرية وهندسية وإدارية وغيرها، فما جدوى هذه البحوث إن لم تستفد منها جهة الاختصاص المدنية التي تعنى بتقديم الخدمات في ذات التخصص للمواطن وللبلد، ثم، ما مدى اسهام وزاراتنا في تحديد مواضيع بحثية كأولويات بالنسبة لها - وهذا مفترض أن يتم بصورة دورية- ثم تطرح تلك المواضيع على طلبة الدراسات العليا في جامعاتنا مع تقديم دعم مالي مناسب للباحثين ولتهيئة اجواء علمية مناسبة للبحث، وتكون النتائج المتحصل عليها في آخر المطاف من حق الوزارة الداعمة، وهو بالتأكيد ما سيعود على عملها بالتقدم للأفضل، ولا أظن ذلك بالأمر الكبير على مؤسساتنا خصوصا وان ما ينفق على أمور مناسباتية من الممكن أن يستغني عنه لأمور بحث هي من أولويات دول تريد النهوض ومقارعة الدول العظمى، لاشيء ولا شيء غير ذلك يحول بينها وبين الوصول عدا النوايا الصادقة والإرادة القوية، فهل نحن فاعلون؟