لاشك ان مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هو صاحب الريادة في المنطقة العربية والشرق الاوسط وقد وصل الى مرحلة النضج ببلوغ الدورة 28 من دوراته الناجحة وصار احد اهم 10 مهرجانات على المستوى العالمي وان كان هذا لا يمنع من وجود سلبيات له لم يتخلص منها حتى الآن وهو ما دفع البعض الى التقليل من قيمته خاصة مع تنامي وتزايد عدد المهرجانات في الوطن العربي التي يعقد بعضها في توقيت متزامن مع هذا المهرجان ومنها مهرجان مراكش ومهرجان دبي الذي بدأ دورته الاولى والذي يأمل ان يصبح مهرجاناً عالمياً ولهذا الغرض رصد له صانعوه كل امكانيات امارة دبي وجعلوه تحت رعاية ولي العهد ووزير دفاع دولة الامارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وتمت دعوة نخبة من نجوم السينما العالمية لكي يبدأ المهرجان قوياً عملاقاً!
وفي ظل هذه المنافسة القوية بين المهرجانات العربية.. هل سيتمسك مهرجان القاهرة بازدهاره وتقدمه محافظاً على كونه المهرجان الاهم وصاحب الهمة العليا بين المهرجانات العربية ومحط انظار الجميع في المنطقة؟ ام سيتراجع دوره وتسحب المهرجانات الوليدة البساط من تحت قدميه؟
هذا ما نلقي الضوء عليه في التحقيق التالي:
الدولي الوحيد
يبلغ عدد المهرجانات السينمائية العربية اكثر من 15 مهرجاناً اهمها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وهو اقدم هذه المهرجانات حيث بدأ عام 1977 برئاسة السينمائي والصحفي كمال الملاخ وشهد عدة تقلبات ادت الى سحب الشرعية الدولية منه حتى اعادها الراحل سعد الدين وهبة عام 1996 وصار يمنح جوائز معترف بها دولياً من قبل الاتحاد الدولي للمنتجين الجهة المسئولة والمشرفة على كل المهرجانات الدولية وصار ترتيبه يتأرجح بين الثامن والعاشر على المستوى الدولي بعد المهرجانات الكبرى مثل كان، برلين، موسكو، كارلوفيفاري، مونتريال، فينيسيا.. وهو المهرجان الوحيد بين باقي المهرجانات العربية الذي يتمتع بهذه الميزة والمكانة الدولية.. ورغم التقدم الكبير الذي طرأ على باقي المهرجانات العربية خاصة قرطاج ودمشق وتطوان ومراكش واغادير وظهور مهرجانات واعدة جديدة مثل مهرجان دبي الا انها لا تحمل الصفة الدولية ولا تمنح جوائز لها هذه الصبغة الرفيعة رغم ما يتوافر لها من امكانيات مادية وبشرية هائلة اهمها دعم حكومات دول هذه المهرجانات دعماً مادياً ومعنوياً هائلاً.
ضعف الامكانيات والدعم الحكومي
ضعف الامكانيات المادية وتضاؤل الدعم الحكومي مادياً ومعنوياً وبشرياً هي اهم الاسباب التي يعانيها مهرجان القاهرة منذ سنوات عديدة خاصة في عهدي الفنان حسين فهمي وشريف الشوباشي وهو ما اكده كل منهما في عدة مناسبات فدعم وزارة الثقافة المادي للمهرجان يتراوح ما بين 250 الفا و 500 الف جنيه فقط لاغير. وهو يكاد لا يذكر ويحاول المهرجان قدر الامكان الاعتماد على مساهمة رجال الاعمال والاعلانات لتيسير احوال المهرجان، ويعترف الشوباشي بان عهد سعد الدين وهبة هو العهد الذهبي للمهرجان الذي كان يحقق ارباحاً كبيرة من عروض المهرجان في دور العرض باختيار نوعية معينة من الافلام التي تجذب الجمهور والتي لم يلجأ اليها هو ولا سلفه حسين فهمي ومن ثم تكبد المهرجان خسائر كبيرة.
مهرجان مراكش السينمائي ومهرجان دبي السينمائي الاول يعقدان مع مهرجان القاهرة في ديسمبر وهما تحت رعاية كبار مسئولي الدولة، الاول تحت رعاية الملك محمد السادس والثاني تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم ولي عهد دبي. الاول شهد 65 فيلماً من 20 دولة منها 19 فيلماً بالمسابقة الرسمية وتم تكريم النجمة الايطالية لوديا كاردينالي والنجم العالمي شين كونري والمخرج المصري يوسف شاهين وحضرت هذا التكريم النجمة يسرا وهو ما جعلها تتغيب عن فعاليات مهرجان القاهرة.
اما مهرجان دبي السينمائي في دورته الاولى التي شهدت تظاهرة كبرى من النجوم العالميين والعرب وهو ما يعكس الاهتمام الكبير لصانعي هذا المهرجان لكي يولد عملاقاً ويستمر بهذا الشكل فقد عرض به 75 فيلماً روائيا طويلاً وتسجيلياً ووثائقياً وافلاماً حصلت على جوائز عالمية، كرم النجم المصري العالمي عمر الشريف بعرض 4 من اشهر افلامه مثل "دكتور زيفاجو، فتاة مرحة، لورانس العرب"، والمخرج المصري داود عبد السيد في قسم "مخرجون في دائرة الضوء".