DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

أرخص .. أرخص

أسواق "البالة" في عمان واقع يقضي على ثقافة العيب

أرخص .. أرخص
أخبار متعلقة
 
البالة او الملابس الأوروبية المستعملة، هي اسماء لمسمى واحد بات اليوم منتشرا في اسواق العاصمة الاردنية عمان وغيرها من المدن الأخرى، في محلات صارت متخصصة ببيع هذا النوع من البضاعة، يأتي اليها المواطنون من كل مناطق العاصمة، رغم ان بعض هذه المحلات انتقلت بدورها الى الاحياء السكنية لتكون قريبة من المواطنين ولتوفر عليهم مشقة الذهاب الى السوق. غير ان الحركة التجارية في سوق وسط البلد، حيث تنتشر محلات البالة، تظل في اوجها وعلى مدار ساعات النهار، ولم يؤثر على هذه الحركة وصول جزء من المحلات الى مناطق السكن. يقول محمد سليمان عيسى ان وجود محل او محلين لبيع الملابس المستعملة في الحي السكني، لا يمنع ابناء هذا الحي من التوجه الى مركز المدينة بسبب كثرة هذا النوع من المحلات وتنوع وفارق الاسعار ايضا، فأنت عندما تذهب الى سوق يضم عشرات المحلات تختار الذي تريد وبالسعر الذي تريده ايضا، لان مجال المنافسة موجود، وهذا لن يكون متوافرا حسب ما تريده في المحلات الموجودة في مناطق السكن، لانها قليلة ولا مجال فيها للمنافسة والاختيار. ويقول سلطان قاسم محمود صاحب احد محلات البالة الموجودة في وسط البلد في العاصمة عمان، وهو السوق الذي يعرف بين اوساط العامة بسوق اليمنيين، لانه اقيم على مساحة كانت فيما مضى يستعملها الاشقاء اليمنيون لترويج بضاعتهم، يقول: هناك تجار كبار "تجار الجملة" متخصصون في استيراد البالة وبيعها لاصحاب المحلات، نحن لا نتعامل مباشرة مع هؤلاء التجار، لانهم بدورهم صار لهم وكلاء منتشرون في كافة انحاء البلاد، ونحن نقوم بشراء بضاعتنا من هؤلاء الوكلاء. ويضيف تأتي رزم مربوطة ومغلفة من مصادرها، ولا يفوتنا ان نقوم بتفتيش جيوبها للتأكد من خلوها من بعض المحتويات، وكثيرا ما وجدنا فيها اوراقا نقدية بفئات متفاوتة من عملات بعض الدول الاوروبية، او بعض الاوراق والرسائل الخاصة والصور والفواتير وغير ذلك مما يمكن ان تحتويه جيوب الملابس عادة. وعند سؤاله عن اهم زبائنه اجاب اعذروني عن ذكر الاسماء، لانني اعتقد ان ذلك يمكن ان يسبب لهم حرجا اجتماعيا، لكنني اؤكد ان زبائني كثيرون، منهم كتاب وادباء وصحفيون وفنانون، باختصار ان شرائح المجتمع كلها تأتي الى البالة، وعندما تأتي بضاعة جيدة اقوم بالاتصال ببعض الزبائن المهمين لاعطائهم فكرة عنها، وعادة ما يكونون اول من يشتري، لانني بت اعرف اذواقهم ومقاساتهم واحتياجاتهم ايضا. سليم صادق الزيات صاحب محل كبير تبدو عليه النظافة يقول ان محلي متخصص ببيع الملابس النسائية فقط، فقد اتفقنا، أخي وانا، على هذا الشيء، ان يكون هو متخصصا ببيع الملابس الرجالية، وان اكون انا متخصصا ببيع الملابس النسائية، وهأنتم ترون ان المحل مليء بالسيدات من مختلف شرائح المجتمع، الى درجة انني أصبحت اعرف بعضهن معرفة شخصية، واعرف ايضا بنات من هن، او زوجات من، وقد يتفاجأ البعض عندما اقول ان اباءهن وازواجهن رجال معروفون في المجتمع. وقبل ان نسأله قال سليم الزيات ان التعامل مع السيدات اصعب بكثير من التعامل مع الرجال، فالنساء يدققن كثيرا في القطعة التي يردن شراءها، إضافة الى مساومتهن في السعر، وهذا لا يعني ان الرجال لا يدققون ولا يفاصلون، لكن ذلك يأتي بدرجة اقل. في البداية كانت السيدات يخجلن من وجودهن في محلات البالة او ترددهن عليها، لكن طبيعة البضاعة الممتازة، وتلبية مثل هذه البضاعة لرغباتهن، مع الأسعار المناسبة، جعلتهن يأتين باستمرار الى هنا، وفي كل مرة تأتي واحدة منهن بصديقتها بعد ان تكون قد أطلعتها على ما اشترته او أخبرتها بسعره. ويضيف لأنني اعرف دور المرأة في الأسرة فانني ادركت انها ترغب في توفير احتياجات اطفالها ايضا من الملابس، لذلك فقد خصصت جانبا من المحل لملابس الأطفال، باعتبار ان المرأة هي الاكثر قدرة على تحديد حاجة اطفالها، وكثير من النساء يأتين الى هنا للشراء لانفسهن ولاطفالهن. ويضيف وتأتي الى المحل نساء كثيرات ومختلفات في انتماءاتهن العمرية والطبقية، فهناك طالبات في المدارس والجامعات والموظفات وهناك سيدات المجتمع، والكبيرات في السن ايضا، فلكل من هؤلاء حاجتها في المحل الذي يتسع لكل شيء.وحول هذا الموضوع تقول ام اشرف انني اتردد على محلات البالة منذ اكثر من عشر سنوات، في البداية وجدت رفضا مطلقا من الزوج والابناء وخصوصا البنات، وقتها لم نخبر احدا من الاقارب والاصدقاء اننا نقوم بشراء بعض الاحتياجات من هنا، اما اليوم فإن الصورة تختلف تماما، فأنا احضر الى هنا مع بناتي وصديقاتي، ولم يعد الامر محرجا لان "عدوى" التسوق من البالة انتقلت الى الجميع. يقول صبحي حمد صاحب احد المحلات المعروفة في مركز المدينة ان للاحذية سوقها وروادها ايضا، ولدينا مصادرنا التي نحصل من خلالها على بضاعتنا المرغوبة كثيرا من المواطنين، وذلك لاكثر من سبب، فهي مصنوعة في اغلبها من الجلد الطبيعي، اضافة الى ما تعنيه الصناعة الاوروبية بشكل عام والايطالية بشكل خاص بالنسبة للمشتري حين يقارن هذه البضاعة مع مثيلاتها المحلية. اهم شيء في عملنا الا تكون البضاعة "مضروبة"، وهذا ما يقوله صاحب المحل، وما عدا ذلك نتكفل به بحيث تبدو بضاعتنا مرغوبة ومقبولة من حيث النظافة والمتانة والشكل. ويضيف لدينا ورشة تصليح داخل المحل ايضا، نقوم من خلالها باجراء بعض التعديلات التي غالبا ما تكون طفيفة على الاحذية، لكن الاهم هو تلميعها وصباغتها بحيث تبدو في نظر الزبون مقبولة. وهناك العديد من المشاكل التي يواجهها اصحاب بيع الملابس والاحذية المستعملة، هذا ما يؤكده اصحاب هذه المحلات، وهم يتفقون في الغالب على التفاصيل، حيث يؤكدون ان كثيرا من الزبائن يعتقدون اننا نحصل على بضاعتنا مجانا او بأسعار رمزية جدا، الامر الذي يطلبون معه الشراء باسعار اقل كثيرا من كلفة المتوسط من هذه البضاعة. اننا ندفع ـ يقول اصحاب هذه المحلات ـ اضافة لسعر البضاعة الذي يزداد شهرا بعد اخر، اجرة محلاتنا واجرة عامل او اكثر لدينا، واجرة تنظيف الملابس وكيها او تلميع الاحذية وتصليحها، كل هذه المصاريف مع ما يستحق علينا من ضرائب، يضاف تلقائيا لسعر البضاعة، هذا عدا عن استحقاقنا المادي ومصروفنا ومصروف عائلاتنا. لكن الجميع يؤكدون ـ باعة ومشترين ـ ان زبائن محلات بيع الملابس المستعملة الاوروبية ليسوا من الفقراء او ذوي الدخل المحدود فقط، فان اماكن انتشار هذه المحلات لم تعد مقتصرة على الاحياء الشعبية، بل امتدت لتغزو ارقى الاحياء واحدثها في العاصمة، لكن الشيء المختلف حتما بين هذه المحلات او تلك، ليس في نوعية البضاعة فحسب، بل في اسعارها ايضا، فالقطعة التي يمكن ان تباع بخمسة دنانير في الاحياء الشعبية قد يصل سعرها الى اكثر من عشرين دينارا في الاحياء الراقية. وفتحي ابراهيم صاحب احد المحلات في واحد من هذه الاحياء يقول: ان ابناء وبنات الاحياء الراقية لا يحبون شراء البضاعة الرخيصة حتى لو كانت نوعيتها جيدة، فحتى تبيع بضاعتك لابد من رفع سعرها. لم تعد البضاعة الرخيصة الاوروبية هي وحدها المسيطرة على سوق الملابس والاحذية المستعملة في السوق الاردنية، بل اصبح لها الان منافس واضح، حيث انتشرت مؤخرا الكثير من المحلات التي ترفع على واجهاتها لافتات تقول "الملابس الأمريكية" كنوع من المنافسة والتميز عن السائد الذي تعود عليه التاجر والمشتري معا، واذا كان القول بان ثمن البضاعة وكلفة شحنها من اوروبا الى هنا، قد يكون اقل من مثيلاتها في اميركا. اذن ما الذي يجنيه التاجر او يستفيد منه، اذا لم يكن منافسا حقيقيا للبضاعة الاوروبية. الاجابة تظل واضحة في حجم المحلات والبضاعة الاوروبية المنتشرة في كل مكان. ثم ما الذي يمنع صاحب المحل الذي يرفع لافتة تقول الملابس الاوروبية من بيع الملابس الأمريكية دون اعلان عن ذلك، المهم ان البضاعة رائجة جدا والمستهلك هنا لا يهمه مصدر البضاعة.. بقدر ما يهمه ثمنها ونوعيتها.. وهذا وحده يكفي.