يؤكد خبراء اقتصاديون أن الاقتصاديات الاسيوية تواجه مع نهاية العام الحالي وبداية عام جديد تحديا خطيرا يتمثل في تراجع قيمة الدولار الامريكي وما له من تداعيات على التجارة العالمية وأنه على هذه الاقتصاديات البحث عن أساليب جديدة لمواجهة الحقائق الجديدة للتجارة العالمية في ظل انخفاض قيمة الدولار بأكثر من ثلاثين في المئة منذ بداية العام الحالي. ورغم أن الاقتصاد العالمي حقق خلال العام الحالي أقوى معدل نمو له خلال ثلاثين عاما تقريبا فإن الخبراء يتوقعون ألا تأتي الرياح بما تشتهي سفن الاقتصاد العالمي وبخاصة الاقتصاد الاسيوي العام المقبل. ففي التقرير ربع السنوي لفريق بنك ستاندارد شارترد عن الاقتصاد الاسيوي قالوا إن تغيير الاساليب سوف يقلص المخاطر التي تهدد نمو الاقتصاديات الاسيوية وإن مثل هذا الوضع السيئ يمكن أن ينطوي على بعض الايجابيات. فقد لجأت الولايات المتحدة إلى ترك الدولار ينخفض لمواجهة العجز الكبير في ميزانها التجاري من خلال زيادة القدرة التنافسية لصادراتها. فقد زادت قيمة الدولارين السنغافوري والتايواني والباهت التايلاندي والروبية الهندية بنسبة تتراوح بين 8 و10 في المئة أمام الدولار. كما ارتفعت قيمة الوون الكوري الجنوبي بنسبة 17 في المئة وارتفعت قيمة الين الياباني بنسبة 26 في المئة عما كانت عليه عام 2002. أما في أوروبا فقد زادت قيمة اليورو بنسبة ستين في المئة عما كانت عليه عام 2002 عندما بلغت قيمته أدنى مستوى لها وهو 83 سنتا أوروبيا. وفي ظل هذا الانقلاب الذي شهدته أسواق الصرف خلال الشهور الماضية يرى خبر اء الاقتصاد في بنك ستاندارد شارترد أن آسيا امامها فرصة للدخول إلى مرحلة جديدة من التنمية. وأضافوا أنه بدلا من التركيز على القدرة التنافسية في الخارج فإن التراجع الكبير في قيمة اليورو يسمح للبنوك المركزية الاسيوية بالتركيز على زيادة الطلب المحلي من خلال تخفيض أسعار الفائدة أو على الاقل عدم زيادتها.
ووفقا لتوقعات هيئة التجارة الخارجية اليابانية (جيترو) فإن معدل نمو اقتصاديات شرق آسيا باستثناء اليابان سوف ينخفض إلى 3ر6 في المئة في العام المقبل مقابل معدل نمو متوقع للعام الحا لي ككل قدره 6ر7 في المئة. وينطلق النمو الاقتصادي لدول شرق آسيا بفضل الاقتصاد الصيني المنتعش والنمو القوي الذي يحققه اقتصاد هونج كونج وكوريا الجنوبية وتايوان بالاضافة إلى أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وبخاصة إندونيسيا وتايلاند وماليزيا وفيتنام والفلبين. وتقود الصين مسيرة النمو في منطقة آسيا حيث يصل معدل نموها الاقتصادي خلال العام الحالي إلى 6ر9 في المئة في حين يتراوح معدل النمو المتوقع لسنغافورة بين 8 و 5ر8 في المئة بعد تقليص التوقعات التي كانت تتراوح بين 8 و9 في المئة بسبب تراجع الاداء خلال الربع الثالث من العام الحالي.
يذكر أن الدول الاسيوية تتبني منذ الازمة المالية الاسيوية عامي 1997/199 سياسة تعتمد على إبقاء قيمة عملاتها المحلية منخفضة لتكوين احتياطي نقدي من العملات الاجنبية من ناحية ودعم القدرة التنافسية لمنتجاتها في الاسواق العالمية من ناحية أخرى. ولكن الخبراء يتوقعون تغييرا في استراتيجية هذه الدول في ضوء التراجع الكبير لقيمة الدولار الامريكي بحيث يتجه التركيز على تنشيط الطلب المحلي بدلا من التصدير والاسواق الخارجية. المعروف أن الطلب المحلي يشكل الجانب الاكبر من اقتصاديات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة واليابان ودول الاتحاد الاوروبي في حين يشكل الطلب الخارجي الجانب الاكبر من الاقتصاديات الناشئة. ويعني دخول دول آسيا إلى مرحلة الاعتماد على الطلب المحلي بداية مرحلة جديدة من مراحل التطور الاقتصادي لهذه الدول.