من الطبيعي ان يمص الطفل ابهامه، وهو مازال جنينا في بطن أمه، او رضيعا في شهوره الأولى، ولكن إذا تكررت هذه الظاهرة بعد ذلك بسبع سنوات، تكون غير طبيعية.
يقول (هنري بول) وهو محلل نفساني ومؤلف العديد من الكتب التربوية: (يمارس الاطفال هذه العادات لأنها تعد مصدرا للإحساس بالراحة) وقد أثبتت الابحاث بالفعل، ان الحركات الايقاعية المتكررة، مثل المص او المضغ تخلق تغيرات كيميائية تؤدي الى زيادة افراز (السيررتونين) منظم الحالة المزاجية في الدماغ.
لذلك فمن غير المفاجئ ان نرى انتشار هذه العادات بين طلاب المدارس الابتدائية، خاصة في الصفوف الاولى، لان هذه الصفوف تكون عادة مثقلة بمشاعر القلق والخوف، خاصة الصفين الاول والثاني إذ يعقبان مباشرة خروج الطفل من (عش الحضانة الدافئ) ثم يعقبهما الصفان الثالث والرابع، وفيهما يفاجأ الطلاب بحمل أكاديمي اضافي والتزامات اجتماعية تزداد تعقيدا مع مرور الايام.
وعادة لا تحدث هذه العادات اية اضرار بمن يمارسها، الا انها تسبب القلق لمن حوله، وهذا القلق يكون عادة اقل من القلق الذي تسببه ممارسة الخصال الاخرى غير الظاهرة والتي يسببها الضغط العصبي ايضا، (وهي الحركات الفيزيائية اللا إرادية، مثل هز الرأس او الرمش السريع في العين) وهي غالبا حركات مؤقتة قد تظهر وتختفي في غضون اسابيع وفي حالات نادرة جدا، قد تتحول الى اضطراب عصبي مزمن يطلق عليه (متلازمة توارت) ولكن في 70 الى 90% من الحالات، تختفي هذه الخصال والعادات، مع نهاية مرحلة المراهقة، فاذا استمرت اكثر من ذلك، يجب استشارة طبيب أطفال.
قلق الأهل
ويكمن سر قلق الاهل، من ممارسة أبنائهم هذه العادات القبيحة (مثل قضم الأظفار.. الخ) في أنها قد تصبح ملازمة لهم في المستقبل، ولكن هذه الفرضية لم تدعمها الابحاث او الاحصاءات حتى الآن يقول د. ول (هذه السلوكيات يمارسها الاطفال الذين ينتابهم قلق النجاح).
وهناك نوع آخر من القلق ينتاب اهل الطفل الذي يمارس مثل هذه العادات، ويتمثل في انتقال الجراثيم عبر هذه العادات، على سبيل المثال، نجد اطفالا يمارسون عادة قضم الاظفار بعد اللهو في التراب او الرمال، دون القيام بغسل ايديهم وهو ما يتنافى مع ابسط قواعد النظافة، وحتى اذا كان الغسيل المتكرر للايدي بالماء والصابون، يساعد على الحد من احتمالات الاصابة بالعدوى وانتقال الجراثيم، الا ان الماء والصابون لا يتوفران دائما، اضافة الى ذلك، فان الاظفار المقضومة والانف (المحفور) قد يسببان العدوى كما ان مص الابهام، لاي مراحل متأخرة من الطفولة، يمكن ان يؤدي الى حدوث تشوهات في الحنك، او تباعد غير منتظم بين الاسنان.
اضافة الى ذلك، قد يرى الاهل ان هذه العادات غير المستحبة، تنعكس سلبا عليهم وتنال من كفاءتهم كآباء وامهات لذلك فمن الطبيعي ان يبذل الآباء والامهات، كل ما في وسعهم لمنع ابنائهم من ممارسته.
معظم الاختصاصيين يؤكدون ان هذا التدخل يؤتي ثماره، اذا كانت العادة التي يمارسها الطفل تسبب المشكلات، مثل عادة قضم الاظفار في حالة الاصابع الملوثة.. الخ.
الإقلاع عن العادات القبيحة
وتزداد احتمالات نجاح الاهل في مقاومة هذه العادات اذا حرصوا على ضم ابنائهم الى صفوفهم، هناك ايضا بعض الوسائل التي تساعد على الاقلاع عن هذه العادات اثناء الطفولة على سبيل المثال، الاغطية البلاستيكية التي تستخدم لتغطية الابهام، ولا تحرم الطفل متعة المص، وفي الوقت نفسه، تساعد على تجنب اضراره (الجراثيم، العدوى) ويمكن طلب هذه الاغطية من اطباء الاسنان، يمكن ايضا لفت انتباه الطفل بربط خيط حول ابهامه، يحول دونه وممارسة هذه العادة، بدهن الابهام مواد لاذعة او ذات مذاق كريه.
رغم ذلك، يعتقد العديد من الخبراء، ان هذه الخدع نادرا ما تجدي، اذ سرعان ما يعتاد بعض الاطفال على المذاق الجديد، خاصة اذا كانوا ممن يمارسون هذه العادات بشكل مكثف. والشيء الوحيد الذي يجتمع عليه الخبراء، هو ضرورة تجنب العنف مع الذين يمارسون مثل هذه العادات فالعنف في هذه الحالة لا يجدي.ومن الضروري في جميع الحالات علاج القلق او التوتر الذي يتسبب في لجوء المراهق الى مثل هذه العادات والذي قد يكون ناجما عن عدم القدرة على احتمال الضغوط المدرسية او العائلية او الاجتماعية.. الخ.. وفي حالات نادرة قد يحتاج المراهق الى علاج نفسي.