صباح الخير.. أعزائي هناك سلوكيات غريبة كشفها لي بعض الأطفال والبالغين الذين التقيت بهم عند اشارات المرور في مدينتي الدمام والخبر. ولحساسية الموقف بالنسبة لهم ولي رفض جميعهم التصوير.. وقلت حساسية الموقف بالنسبة لهم لانهم يخشون على أنفسهم من أن تظهر صورهم وتسبب لهم المشاكل ولأنهم دائما ما يعتقدون أن من يحمل كاميرا أو (يدردش) معهم بأنه من ادارة مكافحة التسول. كما تعلمون ان التسول يعتبر ظاهرة دولية تقوم على أساسيات وآليات للعمل تختلف باختلاف الدول والمناطق والمدن.. ففي المدن الصاخبة والتي تتسم بالازدحام وتنوع الجنسيات تجد شخصية الشحاذ جريئة و(لصقه) بحيث لا يمل اذا تم رفضه وانما يصر على اخراج أي شيء من الزبون! وبالعكس تماما ففي المدن الصناعية والعملية تجد الشحاذ هادئا نظرا لهدوء سكان المدينة كونهم أشخاصا يحبون العمل وهذه السلوكيات تدخل ضمن نظام العمل بين الشحاذين.
شئنا أم أبينا.. فإن التسول أصبح مهنة ناجحة في دول عربية واستثمر هذا النجاح هنا وبالخطط والأنظمة نفسها باختلاف أمور بسيطة راجعة للمكان الذي تمارس فيه. أحد الأطفال الشحاذين أسر لي بمعلومة عن نفسية الشحاذ (المعلم) والاضطرابات التي يمر بها يوميا التي يتسم بها.. وقد يكون المعلم والد الشحاذ وقال: (والدي عكس ما يراه الناس فهو يظهر امامهم بشخصية المستضعف المسكين حتى يكسب عطفهم لكنه يظهر بشخصية عصبية في تعامله معنا).. شديد! شاب آخر (بالغ) يحاول كسب عطف المارة باصطحابه فتاة صغيرة معه قد تكون شقيقته أو موظفة في المهنة نفسها يقول: (والدي يهددني بالطرد اذا لم أعطه ايرادا معينا في اليوم كنوع من العقاب لذلك تجدني هنا بين الاشارات وهذه أختي ولولا حاجتنا لما خرجت بهذه الصورة).. صدقتك! حمد اليامي له رأي مختلف قد يتفق الكثير منكم معه ويعد حديثه من الأسباب الواضحة حاليا لممارسة تلك الفئة لهذه المهنة حيث قال: (أتوقع ان هؤلاء يمتهنون التسول لأني أصبحت الاحظ وجودهم بكثرة عند بوابات المساجد والمجمعات وعند اشارات المرور وقد أصبحوا يطرقون أبواب المنازل لممارسة مهنتهم وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير في الدمام وأصبحت عصابات قائمة بذاتها).
ويستطرد حمد بقوله: (الظاهرة اصبحت منتشرة بشكل كبير وهذا يعني ان مكافحة التسول مقصرة في عملها والمطلوب منها متابعة هذه الحالة ومطاردة الاطفال الشحاذين وغيرهم وحتى الباعة عند الاشارات ومعرفة اسباب تفشي هذه الظاهرة للقضاء عليها بالاضافة الى دراسة بعض الحالات الصادقة ومحاولة ايجاد الحلول لها). تلك كانت رسالة من حمد.. ولكنه سيذكر موقفا مؤسفا حيث قال: (كنت عند ماكينة صرف المال فقدمت الى امرأة مغرية في شكلها ولديها أربعة أطفال.. طلبت مني مالا.. وعند سؤالي عن السبب قالت انها تريد وأطفالها مشاهدة مباراة في مطعم معروف في الدمام).. سوالف حريم! ولأن الطفل دائما ما يكسب تعاطف الآخرين بسرعة كما حدث معي ـ تذكر ريم وندى موقفا صعبا حصل لهما مع طفل شحاذ فقالتا: (جاء طفل يرجونا اعطاءه شيئا ويبكي بشكل يحزن وما ان اعطيناه المال حتى ذهب والابتسامة على محياه ونعتقد أن الشحاذة قائمة على نظام عمل معين).. البكاء أحد أخطر الأسلحة التي يستخدمها معظم الشحاذين!
قصص كثيرة تسمعونها من الشحاذين مثل (ابي متوفى، ليس لدى اخوان كبار، علينا ديون وايجارات) قد تحمل شيئا من الصدق ولكنها لا تبرر تشويه سمعة المجتمع.