تشهد أسواق النفط الدولية وفرة في المعروض رغم اتفاق أوبك على خفض إمداداتها بمقدار مليون برميل يوميا من الأول من الشهر الحالي، حيث اتفق منتجو أوبك الشهر الماضي على خفض الإمدادات في مسعى لوقف هبوط أسعار النفط العالمية. ويخشى بعض وزراء أوبك من ان توقعات لبناء المخزونات في غير موسمها أثناء الشتاء في النصف الشمالي من العالم ستدفع الأسعار إلى مزيد من الانخفاض وقالوا: ان المنظمة ربما تحتاج الى خفض الحصص الإنتاجية عندما يجتمع وزراؤها في الثلاثين من يناير.
وقال وزير الطاقة القطري عبدالله العطية: ان سوق النفط العالمية تشهد فائضا في المعروض قدره 1.5 ملايين برميل يوميا، وأيده بذلك وزير النفط الايراني بيجن زنغنه.
وهبطت اسعار النفط بأكثر من 12 دولارا أو 23 بالمائة من مستوياتها القياسية المرتفعة التي سجلتها أواخر اكتوبر الماضي، بعد ان سجلت صعودا بنسبة 34 بالمائة في 2004 مدعومة باستهلاك متزايد في الصين والهند والولايات المتحدة.
وضخت أوبك أعلى مستوى لها من النفط في 25 عاما لتلبية الطلب وهو ما تركها بلا طاقة إنتاجية فائضة تذكر للتغلب على مشكلات العروض.
وقال عدنان شهاب الدين القائم بأعمال الأمين العام لأوبك: ان الزيادات في إنتاج أوبك العام الماضي ساعدت في تهدئة أسعار النفط المرتفعة بشدة التي بدأت تعود الى مستويات تعكس توازن العرض والطلب. مشيرا إلى إن أوبك تتوقع ان ينمو الطلب العالمي على النفط بنسبة 4.1 بالمائة أو 1.6 ملايين برميل يوميا هذا العام مقارنة مع نمو بنسبة 4.9 بالمائة في عام 2004. ومضى قائلا: ان من المتوقع ان يبلغ متوسط انتاج دول اوبك حوالي 28 ملايين برميل يوميا اذا صحت تقديرات نمو الطلب.
ويذكر ان أسعار النفط الأمريكي للتعاقدات الآجلة في بورصة نايمكس قفزت نهاية الاسبوع الماضي فوق مستوى 45 دولارا للبرميل، وارتفع سعر الخام الخفيف للعقود تسليم فبراير حوالي دولارين الى 45.40 دولار للبرميل. وفي بورصة البترول الدولية بلندن قفز سعر خام القياس الاوروبي مزيج برنت لعقود فبراير حوالي دولارين الى 42.50 دولار للبرميل.
ومن جانبه اكد الناطق الاعلامي باسم منظمة (أوبك) الدكتور عبد الرحمن الخريجي أن استقرار السوق النفطية سيظل يعتمد على المنظمة بشكل أساسي نظرا لالتزامها بضمان الإمدادات النفطية إلى العالم بأسعار معقولة ودعم نمو الاقتصاد العالمي. مبينا ان وجود أكبر مخزون استراتيجي نفطي في العالم لدى دول أوبك الذي يصل حوالي الى 65 بالمائة من حجم المخزون النفطي العالمي من شأنه أن يدعم دورها في تحقيق الاستقرار في السوق والمحافظة على الموازنة بين العرض والطلب العالمي على الخام.
ووصف الخريجي أداء المنظمة خلال عام 2004 بانه كان متميزا مشيرا الى أنها تدخلت وبشكل مستمر لكبح جماح الأسعار المرتفعة التي تجاوزت 55 دولارا للبرميل في شهر اكتوبر الماضي.
وعزا أسباب التراجع الأخير في الأسعار إلى اعتدال حالة الطقس في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وارتفاع حجم المخزون الاحتياطي النفطي في الولايات المتحدة وسحب دول أوبك مليون برميل من السوق يوميا بناء على قرار وزرائها في القاهرة مطلع شهر ديسمبر الماضي.
وعن التدابير الاحترازية التي ستتخذها منظمة الأوبك لمنع انهيار الأسعار في حال استمرار التراجع الحاد بأسعار النفط الخام قال الخريجي: انه لا يمكن أن نطلق على التراجع الحاصل بأسعار النفط في السوق العالمية الآن بانه تراجع حاد بل هو تراجع متوقع وليس مستغربا لاسيما اذا أخذنا في الاعتبار ان جميع البيانات والإحصاءات الدولية الموثوق بها تؤكد وجود كميات كبيرة من النفط تكفي بل وتزيد على الاستهلاك العالمي.
وذكر ان اوبك ستعقد اجتماعها الاستثنائي المقبل في فيينا نهاية الشهر الجاري في اطار متابعتها لتطورات العرض والطلب والاسعار لافتا الى أنه في حالة تراجع الأسعار الى ما دون مستوى نطاق الآلية السعرية المعمول بها في الأوبك منذ أوائل عام 2000 فان المنظمة ستتخذ موقفا آخر لضبط الأسعار عند مستويات مقبولة. وقال الناطق الاعلامي لاوبك: إن من السابق لأوانه الحديث الآن عن تخفيض جديد أو اضافي في انتاج الأوبك أو عقد اجتماع طارىء قبل موعد المؤتمر الاستثنائي المقرر في الثلاثين من شهر يناير الجاري. مشيرا الى ان مجموع سقف الإنتاج الحالي الرسمي والمعلن لمنظمة الأوبك في ضوء اتفاق القاهرة الأخير يبلغ 27 مليون برميل في اليوم وهو مجموع حصص الدول العشر في المنظمة باستثناء العراق.
ونفى ما تردد عن وجود خروقات كبيرة للحصص الانتاجية واصفا تلك التقارير بأنها غير صحيحة ومبالغ فيها، غير انه اقر بوجود تجاوزات محدودة سمحت بأنها منظمة الأوبك خلال الأشهر الماضية وخصوصا عندما وصلت أسعار النفط الخام الى مستويات غير مسبوقة بهدف المساهمة في الحد من هذا الارتفاع. و قال الخريجي: ان الأجهزة المعنية في الأمانة العامة لمنظمة الأوبك تعكف على دراسة وإعادة تقييم آلية النطاق السعري لسلة خامات المنظمة التي بدأت العمل بها اعتبارا من مارس عام 2000 وبما يتلاءم مع الواقع الفعلي في السوق النفطية. مبينا أن أوبك حققت نجاحا خلال الأعوام الأربعة الماضية في اطار تطبيق الآلية السعرية وتفعيلها بهدف استقرار الأسعار عند معدلات معقولة ومقبولة من جميع الدول المنتجة والمستهلكة للنفط على حد سواء. الا انه استبعد اجراء أي تغيير جذري في الآلية السعرية الحالية للأوبك خلال الأشهر القليلة المقبلة لأن هذه القضية تحتاج الى المزيد من المشاورات على مختلف المستويات.
وخلص الناطق الإعلامي باسم أوبك إلى القول إن أداء دول منظمة أوبك كان أداء متميزا وجسد إرادتها في تسخير الطاقة لمصلحة شعوبها ولخير البشرية جمعاء.