بلغت اعداد التلاميذ العراقيين الذين تسربوا من المدارس خلال الاحتلال الامريكي للعراق ارقاما لم تشهدها المدارس العراقية في تاريخها مع تدهور الوضع الامني وخاصة بين الطالبات حيث تحجم الكثير من العائلات العراقية عن ارسال بناتها الى المدارس خوفا من الاختطاف او عمليات العنف المستمرة فيما عزا بعض الخبراء تسرب التلاميذ بدافع العوز الاقتصادي لعائلاتهم ولجوئهم الى سوق العمل بغية توفير لقمة العيش لعائلاتهم حيث تحول آلاف الموظفين الحكوميين وعناصر الجيش السابق الى صفوف العاطلين عن العمل بعد حل وزاراتهم وخاصة وزارتي الاعلام والدفاع اضافة الى فصل آلاف البعثيين من وظائفهم بعد سقوط النظام السابق .
يذكر ان وزير حقوق الانسان العراقي بختيار أمي كان قد اعلن أن هناك ما يقارب من مليون طفل متسرب من المدارس في العراق، ونفس العدد من الأطفال المعاقين والنازحين. وأشار الى أن 80 بالمائة من المدارس في العراق بناياتها غير لائقة تماما لممارسة العملية التربوية، كما أن 50 بالمائة من المدارس تعاني شح المياه الصالحة للشرب ولا تتوافر فيها الخدمات الأساسية الضرورية كالقاعات الدراسية المناسبة والمرافق الصحية والتشجير. وما زاد تسرب التلاميذ هو العمليات العسكرية التي شنتها القوات الامريكية ضد مدن عراقية ما اوقف دوام المدارس فيها مثل مدينة الفلوجة التي لم تسلم منها اية بناية مدرسية بسبب القصف الامريكي الذي تعرضت له ، ونزوح آلاف العائلات الى الاماكن القريبة منها والسكن في مدارسها وتحولها الى مخيمات .
وما زاد من عدد تسرب التلاميذ هو تحول الكثير من بنايات المدارس الى مراكز انتخابية ما عرضها الى هجمات المسلحين ورفع اعداد الطلبة المتسربين بشكل كبير جدا فيما كانت آلاف المدارس قد تعرضت الى الدمار خلال الحرب ولم تجر عمليات اعادة بناء او تأهيل الا القليل منها . ويؤكد العاملون في المجال التربوي والمواطنون أن المدارس في العراق قد جرت فيها حملة لاعادة الاعمار بعد الحرب وتم تخصيص مبالغ ضخمة من الأموال العراقية وباشراف قوات الاحتلال مباشرة، الا أن اعمال الصيانة والتعمير كانت شكلية حيث اكتفي المقاولون الذين أوكلت تلك القوات لهم هذه المهمة بصبغ بنايات المدارس وعمل بعض الاصلاحات الشكلية مقابل مبالغ ضخمة تكفي لبناء مدارس جديدة وبمواصفات أفضل، حتى أطلق العراقيون على تلك العملية (حملة صبغ المدارس) بدل اعمارها وذلك بسبب الفساد الاداري والمالي وهدر الأموال العامة. أما عن تسرب الاطفال من المدارس فإن هذه الظاهرة هي إحدى افرازات الاحتلال والانفلات وعدم المتابعة الجدية من قبل أجهزة الحكومة، حيث كانت قوانين العراق قبل الحرب تلزم رب العائلة باستمرار أبنائه في الدراسة وتفرض عليه عقوبات تصل الى السجن اذا تسرب ابناؤه ولم ينتظموا في الدراسة، أما الآن فلا توجد أية متابعة من الحكومة مطلقا .