يطلع علينا منظمو فعالية المسرح بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية كل عام بشروط جديدة، و تطلعات لا تتسق مع الواقع المسرحي السعودي، فآخر ابتكاراتهم الشرط الذي استغربه كثير من المسرحيين وهو شرط اللهجة المحلية للنصوص المشاركة بالفعالية، ومكمن الاستغراب في التناقض الحاصل بين تطلعهم ليكون مهرجان نخبة وبين هذا الشرط الذي يغرق العروض في المحلية، فلا يمكن بالتالي أن تتخطى حدودها الاقليمية، فالمملكة تمتلك طبيعة تتعدد فيها العادات والتقاليد واللهجات. وتكريس اللهجة المحلية من أدوار المسرح التجاري، بينما يركز المسرح الملتزم على النوعية وعلى الطرح بغض النظر عن لغة الحوار.
في مهرجان تنظمه دولة خليجية كل عام، فاجأنا تشددهم في قضية اللغة العربية الفصحى وتمكن الممثل منها، فقد كان من ضمن شروط المشاركة، أن يرافق التدريبات مدقق لغوي، لملاحظة سلامة النطق، وهذا ما يتفق مع المنطق والتطلع إلى أن تصل عروضهم إلى كل أذن عربية.
سيصطدم كاتب النص المسرحي السعودي الذي يكتب بالعربية الفصحى مع هذا الشرط ويقيد إبداعه ويهمش وجوده في مهرجان ينتظره المسرحيون السعوديون، ويسعى لأن يضاهي مهرجانات مسرحية عربية، وهذا مما لايمكن أن يتحقق في وقت لا تحظى الفعالية باهتمام القائمين على المهرجان، فإضافة لإبعاد صالات العروض المسرحية عن التواجد المكثف للضيوف، فإن المسرحيين هم الوحيدون الذين لا يحظون بحق المكافآت المالية من ميزانية المهرجان، ولا يحظون بدعم إعلامي يتابع عروضهم.
فعالية المسرح لا تبعد أن تكون نشاطاً تكميلياً لا تمتلك حضوراً في أجندة منظمي المهرجان، بل لا تعدو ان تكون (برستيجاً) تتطلبه شمولية الجنادرية، إذ يحتاج ليثبت وجوده وأهميته أن يتفحص حاجة المسرحي السعودي، وألا يغرق في الحلم، فمسرحنا يحتاج إلى استراتيجية عمل واضحة، ويحتاج إلى مساحة احتكاك مع تجارب مسرحية عربية ومسرحيين عرب لا يجدهم المسرحي في أروقة المهرجان كما يجد الشاعر والكاتب والأكاديمي من أبناء الوطن العربي، ويحتاج أن يستشعر المهرجان وجوده وهواجسه.
المحــــــرر