بابا.. اتذكر تماما هذه الكلمة التي كنت ارددها متغنية بها دوما بكل اعتزاز واذكر كم كان هذا الاعتزاز يغدو زهوا عندما اراك مرتديا ذلك الزي المميز!
مازال ذلك اليوم بكل تفاصيل سعادته عالقا بذهني برغم صغر سني كنت يومها عائدا لتوك من العمل بخطوات مسرعة اسرعت نحوك قائلة: بابا احتاج لادوات رسم من المكتبة واجبتني سأرافقك فورا, نادتك امي انتظر حتى تغير ملابس العمل فاجبتها ولكني لا يمكنني ان انتظر كثيرا حتى ارى رسمة ابنتنا فنانة المستقبل.
ذهبنا الى المكتبة كل من بها كانوا ينظرون لك باعجاب لانك ترتدي زي جندي الوطن اظنهم تمنوا لو كان لديهم مثل هذا الزي المميز! وهناك يوم آخر بكل تفاصيل ألمه وغصاته عالق في ذهني.. يومها كانت تحتضنني امي بكل ألم ودموعها تذرف!! احسست بحاجة ماسة لمهاتفتك! فأنت من تحل مشاكلنا دوما لانك ابي. ازحت ذراع امي التي كانت تضمني اسرعت للهاتف ادرت رقمك كان رجل يقول ان الهاتف المطلوب لا يمكن الاتصال به الآن يمكنك الاتصال فيما بعد, لكني اريد ان اخبرك الآن ان امي تبكي! انك الحنون من لا يرضى ان ترى دمعة في عين اي منا. رفعت رأسي لاجد اناسا يدخلون من الباب منهم من تضم امي ومنهم من يضمني, صدقني لا اذكر وجوههم تماما بقدر ما اذكر جملهم, التي كانوا يرددونها, انه شهيد!! انه كان يحمي الوطن.. عندها فهمت انك من اجل ان يظل الوطن آمنا.. وينعم الاطفال مثلي بالامان كنت تحارب رجلا شريرا اسمه (ارهاب)!! بقدر ما احبك يا ابي اكره ذلك الرجل المسمى (ارهاب)!! يقال انه كان يحمل مسدسا وسكينا, مسكين ربما لم يكن له اب حنون يفهمه ان المسدس لحمايتنا عندما يعتدى علينا.. والسكين لنقطع بها التفاح اللذيذ وليس لقطع اعناق الناس!!.. هل حقا ان ذلك الرجل الشرير المسمى (ارهاب) يريد ان يقتلع الابتسامة بكل وحشية وقسوة من جذور وجوهنا؟ تبا له.
ابي نسيت ان اخبرك لقد فهمت معنى الآية التي كنت تقرأها بصوتك الوقور: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا).. سورة النساء - الآية 94.
هل تذكر ماذا اجبتني عندما سألتك عن معناها؟
قلت لي: يا بنيتي.. نحن دين السلام منه اصبح اسم ديننا الاسلام.. عندما يروننا من هم ليسوا مسلمين نتمتع بأخلاق رائعة حتما سيدخلون الإسلام بكل قناعة واعجاب وليس بالقسوة, ابي علمتني الكثير الكثير.. وعلمتني ان نكرم الضيف دوما ولا نقول له ابدا كلمة (لا) الا عندما نقول: (لا إله إلا الله) بادوات الرسم التي كنت قد اشتريتها لي سأرسم علم بلادي عاليا خفاقا بلونه الاخضر.. لون التفاؤل والحياة حاملا راية التوحيد. وباليد الاخرى سأكتب رسالة مني ومن كل اطفال بلادي الابرياء نقول فيها: ايها الرجل الشرير: لا والف لا... لا للارهاب. ورغما عنك ستظل بلادي التي تشرفت بالبيت العتيق آمنة من الشر.. حاميا لها رب البيت من كل معتد!! وكلما احن لسماع صوتك يا ابي سأهتف بصوت عال لا اللارهاب.
طفلة سعودية صغيرة
خيرية علوي الجراش