DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

العنف الذكوري ليس ظاهرة سعودية

العنف الذكوري ليس ظاهرة سعودية

العنف الذكوري ليس ظاهرة سعودية
العنف الذكوري ليس ظاهرة سعودية
أخبار متعلقة
 
في مسألة المرأة؛ تلتقي الأعراف الاجتماعية والتشريعات الدينية، أو لا تلتقي. وفي مجتمع مثل مجتمعنا قد يصل الأمر إلى أن يتصادم المورورث الاجتماعي بالثابت الديني الفقهي؛ إلى حدّ انعدام الرؤية، أحياناً، وطغيان الاجتماعي على الديني، ! نتيجة لمثل هذه الأخطاء الحضارية؛ تتشوّه كثير من الحقائق، وتتحوّل صورة المرأة، في المجتمع، إلى شكل من أشكال القهر والظلم وسلب الحقوق؛ الذي يتصوّر فيه الآخرون "عنفاً" أو "تمييزا"، أو "تمييعاً" لحق المرأة على نحو معمّم !هذه القضية الشائكة؛ أثارت لدينا الكثير من التساؤلات حول حالة التصادم المستمرة في واقع بعض المجتمعات الإسلامية.. التصادم بين (الفقه) الديني و(الواقع) الاجتماعي المعاش. إذ إن المسألة، في بعدها الحضاري، تتجاوز السلوكيات الفردية إلى وجود إشكالية نمط حياة في بعض المجتمعات، في الوقت الذي كفلتء فيه الثوابت الدينية بتشريعاتها ما يضمن للمرأة الحقوق والواجبات كما هو حال الرجل. استضفنا لمناقشة هذه القضية الدكتور علي العبدالقادر بوصفه باحثاً في قضايا المرأة السعودية، والأستاذة مريم بوبشيت وهي إحدى المتابعات والمعنيات بالقضايا الاجتماعية المحلية. تخالف الموروثاين..! بدأنا بهذا التساؤل: لماذا يمارس المجتمع أحيانا سلوكيات جماعية في عاداته وتقاليده مخالفاً الثوابت الدينية التي تعتبر أهم ضوابط سلوكيات المجتمع؟ والى أي مدى ينطبق ذلك على وضع المرأة؟ د. العبدالقادر: يتأثر العقل الاجتماعي المسؤول عن سلوك أفراد المجتمع بالمعطيات المتوارثة التي تغلغلت عبر حقب التاريخ في عقول الناس، وترسخت في وجدان الفرد، وعززها الانتشار بين الجميع بشكل واسع حاملة مصطلحات قوية التأثير، تثير الخوف والشك تارة، وتثير الرغبة في الاستسلام لتلك المعطيات تارة أخرى. فتكون العقول رهينة للموروث، بكل ما فيه من سلبيات، ويكون سلوك أفراد المجتمع وممارستهم خاضعة له. ويأتي التشريع الديني ليصحح مسارات الموروث الاجتماعي وينقيه وقد يلغي جزءاً منه أو معظمه ليحدث تغييراً إيجابياً في العقل الاجتماعي ويرقى بسلوك الأفراد والجماعات. لكن التشريع الديني قد يضعف تأثيره إذا لم يتم انتشاره بين طبقات وأفراد المجتمع، أو لم يتغلغل بوضوح في نفوس الناس وسلوكهم، أو لم يؤمنوا به وبقيمه ومبادئه عن فهم عميق وإدراك لمقاصده وغاياته، أو إذا لم تعززه قوانين المجتمع وسلطاته التشريعية والتنفيذية، فيصبح التشريع الديني في إطار النظريات غير الملزمة، ويتم اقصاؤه من دائرة التطبيق والممارسة السلوكية في المجتمع، لتصبح الغلبة للموروث الاجتماعي. وينطبق ذلك على وضع المرأة وفي معظم البلاد الإسلامية التي يهيمن على مجتمعاتها الجهل بالتشريع الديني المتصل بالحقوق الشرعية للمرأة اجتماعيا واسريا واقتصاديا، حيث تكون الهيمنة الذكورية مطلقة، ويكون الوعي بأهمية المرأة وحقوقها الشرعية ضحية الموروثات والعادات القبلية الجاهلية، وضحية طغيان سلطة الذكور، وضحية الجهل والتجهيل بالتشريع الديني وتطبيقاته التي تمت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعهد خلفائه. فالموروث الاجتماعي عن المرأة يكرس مصطلحات الشك في كفاءتها وأمانتها وخلقها، بينما يعزز التشريع الديني الإسلامي مكانتها ويمنحها حقوقا كاملة على صعيد الأسرة والعمل واستثمار أموالها، ويحيطها بالتكريم والإجلال، ويرفع منزلتها في المجتمع، ويتيح لها المشاركة في الشأن العام، كما يحق لها التعبير عن رأيها في الشؤون العامة. ومن أسباب الجهل بحقوقها، تقصير طلبة العلم في تثقيف الناس وتعليمهم ما جاء في الشريعة الإسلامية مما له صلة بالمرأة مكانة وحقوقا، بل يلجأ البعض الى تهويل الشكوك فيها والتخويف من منحها حقها في المشاركة في الشأن الوطني العام، تكريساً لسلطة الذكور. بوبشيت: العادات والتقاليد تراكمية خلفتها الجماعات بحسب ما مرت به من متغيرات، وما عاشته من فترات تاريخية مختلفة، وتكتسب قوتها من القاعدة الشعبية للجماهير. وإذا ما تتبعنا عهود الجهل والظلام والتخلف والتشرذم في الجزيرة لعربية قبل العهد السعودي ندرك بعض أسباب مخالفة العادات والتقاليد للشريعة. أضف المتغيرات التي حدثت ما بعد النفط، فقد حدثت تحولات كبيرة شملت جميع مناحي الحياة، مع صراع القوى والمصالح. كلّ ذلك تسبب في تكوين سلوكيات جديدة ومنها ما هو خاطىء ومخالف للشريعة أيضا. التواطؤ المجتمعي ليس بوليد جديد، وقد يتفق المجتمع في ثقافته الجديدة على أن ذلك هو ما جاء به التشريع وأنه ليس بمخالف له، ثم يكتشف أنه على خطأ. أعتقد بأن المسألة ليست بالأمر السهل في ظلّ غياب الدراسات والبحوث الواقعية. وقضية " وضع المرأة " في المجتمع السعودي حيث نشأت وتمت وترعرعت به لا تنفصل عنه، هي تعيش المعاناة والغربة والتخبط ما بين أيدلوجيا واجتهادات مستجدة مستمدة من معتقدات خاطئة، ونزعة ذكورية. وهذا له الأثر فيما تعاني منه بعض النساء في المملكة العربية السعودية ـ بالذات ـ مقارنة بغيرها من نساء العالم إذ تعيش في بلد الإسلام ومنبعه وقبءـلته. وإذا ما تعرضنا إلى المنظور التاريخي للمرأة العربية المسلمة نجد أنّ الصراع بين ما هو تقليدي قديم وتجديدي عصري حديث مازال قائما، فصورة المرأة التقليدية وهذه الصورة قد توضع في إطار الجهل والأمية. وهذا غير صحيح فالمرأة المسلمة كأخيها الرجل في حرية التعلم، ولها أن تمارس كافة حرياتها وأنشطتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإن خصت بضوابط شرعية فذلك لا يمنع من ممارسة كافة الحريات مع المحافظة على عقيدتها وعفتها وكرامتها وتوجيه سلوكها وأدائها بما يحفظ لها ذلك. كيف يرانا الآخرون؟! الاعتبارات الدينية بدءاً بالمقولات الاعتقادية وانتهاءً بالمسائل الفقهية تعاملت مع المرأة من موقع التكريم. إلا أن هذه الاعتبارات المثالية بقيت بعيدة عن واقع الممارسة اليومية في المجتمع المسلم، سؤالنا: أليس الآخرون معذورين حين ينظرون إلى وضع المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية من زاوية الممارسة اليومية لا من زاوية التشريعات الدينية؟ د. العبدالقادر: أحكام الشريعة الإسلامية فيما يخص المرأة تتضح بممارستها في الحياة اليومية من قبل أفراد المجتمع رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً، ويدل تطبيقها على العلم والإيمان بها وعلى اقتناع أفراد المجتمع بجدواها في حياتهم، وتتضح نتائج التطبيق في الشعور بالمساواة والعدل بين الرجل والمرأة حقوقاً وواجبات، كما تبرهن الممارسة اليومية على رقي المجتمع بفضل التشريع الإسلامي، فالممارسة اليومية هي مرآة التشريع، التي تعززه القوانين والنظم المعمول بها ونبثقة منه التي تدعمها السلطة التشريعية والتنفيذية. ولكن حينما تكون الممارسة اليومية غير ملتزمة بالتشريع ومبنية على العادات والتقاليد الموروثة منذ القدم فإن الآخرين معذورون وغير ملومين حينما ينظرون إلى المرأة في المجتمعات الإسلامية حسبما يظهر لهم من ممارسة يومية تعكس واقع هذه المجتمعات، وبناء عليها يصدرون حكمهم على واقع المرأة، بل وعلى التشريع، مما يسئ إلى سمعة الإسلام، ولو ان الممارسة اليومية فيما يخص المرأة مبنية على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، لأدهشتهم بقيمها وأحكامها العظيمة. ولأدى ذلك الى هدايتهم الى الإسلام، ويلعب الخطاب الإسلامي الميسر وغير المعسر، المبشر وغير المنفر، الذي يستمد عناصره من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة، والتطبيق العملي في عهد رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم )، معتمداً على أصول الاستدلال والاستنتاج والموضوعية، بعيدا عن الميول العاطفية والأهواء التي تتضمن التشكيك في كفاءة المرأة وأهليتها ونقائها، تأثرا بما جاء في الموروث الاجتماعي الذي لا تؤيده الشريعة الإسلامية. ان الخطاب لا يزال بعيدا عن تناول شأن المرأة، ونادرا ما يتحدث عن حقوقها وخاصة حينما يتحدث عن واجباتها، فما أحوج المجتمعات الإسلامية الى خطاب يبين بإنصاف مكانة المرأة وحقوق وواجبات كل من الرجل والمرأة ليس في الندوات والمحاضرات فحسب بل في المساجد، ومناهج التعليم في المدارس والجامعات، وفي وسائل الأعلام، وفي الأسرة. بوبشيت: لا أدري لماذا نعذر الغرب، وما دخلهم في المسألة. نحن أحوج لأن نعذر أنفسنا قبل يوم الحساب. المجتمع المسلم بكافة أفراده ومؤسساته مسؤول عن الممارسات اليومية مع المرأة، ضدها أو ما يهدر كرامتها أو يقلل من موضع التكريم الذي خصها به الإسلام اختصاصاً نوعياً، وليعلي من قدرها ويجنبها المعاناة والألم. الآخرون يحكمون على وضع المرأة المسلمة كما يرون ويسمعون، والواقع ليس بخفيٍّ على المتتبع، وهناك فرق بين متتبع الحقائق لغرض دنيوي ومتتبع الحقائق طلباً للحق والعدل كما جاء في الشريعة الإسلامية. وقد يسهم الإعلام العربي بشتى مجالاته في الممارسات السلبية ضد المرأة المسلمة، ويسمح لها بهدر كرامتها والتقليل من شأنها بحجة التجديد ومواكبة التطور، وهي حجج واهية تتماهى خلفها قوى المصالح. عموما التحيز ضد المرأة قضية عالمية غير مقتصرة على المرأة المسلمة، وهذا ليس بعزاء لها إنما حافز لاستثمار حقوقها الشرعية كاملة دون تنازل. المرأة تجهل حقوقها..! هناك من يرى أن المرأة نفسها لا تزال غير ملمة بحقوقها وواجباتها على نحو كافٍ، وبالتالي فإن صلاحية الرجل تجاه المرأة تتجاوز وتتسع إلى حد الجور على حقوق المرأة أحيانا، فيكيف توصّفون هذا الواقع؟ د. العبدالقادر: نتيجة لغياب الخطاب الموضوعي الذي يوضح حقوق المرأة وواجباتها ويبين حقوق الرجل وواجباته، فإن الجهل والتجهيل يحجبان عنها معرفة مالها وما عليها، كما يحجبان عنها حدود صلاحية الرجل وما له وما عليه. وهنا تتعرض المرأة للجور والظلم، واستبداد الرجل وتسلطه وتشويهه لمصطلح القوامة التي تعني في التشريع الإسلامي: قيام الرجل بتوفير الرعاية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية لها، هذا المصطلح الإسلامي بمعانيه وغاياته النبيلة صار ضحية للممارسة اليومية من قبل بعض الناس، وأدى ذلك الى تفكك الأسرة وتنامي ظاهرة الطلاق وضياع الأولاد، وفقدانهم الرعاية والاستقرار والحنان، وصاروا عرضة لمنعطفات سلوكية منحرفة تقض امن واستقرار المجتمع، وتأتي الإجراءات الإدارية المعقدة، عاملا معوقا للمرأة عن المطالبة بإنصافها والحصول على حقوقها مما يكرس سلطة الرجل واستبداده، وهو ما يؤكد على أهمية انشاء محاكم الأسرة الخاصة، وإصدار بيان عن حقوق المرأة وواجباتها، وتوفير ضمانات للمحافظة على تلك الحقوق، تنفيذا للتوصيات التي تمخضت عن المؤتمر الثالث للحوار الوطني بالمدينة المنورة عن المرأة. بوبشيت: قد يكون هذا سبباً إلى جانب أسباب أخرى كثيرة، منها وعلى رأس القائمة المجتمع الذكوري، الوصاية المجتمعية، معوقات مشاركة المرأة في التنمية، ضعف الدور الاجتماعي للمثقفات، موقف وممارسات المرأة ضد المرأة، غياب تكوين الجماعات النسائية التي تهتم بقضايا المرأة بعيدا عن الأعمال التطوعية التي تستهدف المجتمع بكافة فئاته، الأمية والجهل العلمي والوظيفي والتربوي والثقافي لدى المرأة، معاناة المرأة وما تعيشه من اغتراب وخلط وتخبط في ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السريعة المتلاحقة. الجوءرعلى المرأة مركب: مجتمعي، نوعي، تاريخي، عالمي !!!!!!والرجل يسهم ـ عن قصد ـ في التهميش والتمييع والتقليل والتضبيب والتضليل والتغييب و، و، و لصالحه وحتى يمسك بجميع الخيوط متحكما متسلطا ولو على وضع خاطىء. ولا أعمم فهناك من الرجال الواعين أدوارهم الذين يؤمنون إيمانا عقديا بالمشاركة بين الجنسين. الذكورية.. عالمية..!! المجتمع الشرقي متهم بالثقافة الذكورية، وقد وجدت هذه التهمة انتشارا في اهتمامات كثير من المثقفين الشرقيين انفسهم، ما حقيقة هذه التهمة من وجهة نظركم؟ د. العبدالقادر: هذه التهمة ليست مقتصرة على المجتمع الشرقي فحسب وان كانت واقعة، بل تشمل دول العالم غربا وشرقا، لكن تطور الغرب الثقافي في القرن العشرين أعطى المرأة حقوقها، ففرنسا على سبيل المثال وهي التي تعتبر دولة القوانين الحديثة منذ قرون، لم تكن تعترف بحق المرأة في المشاركة البرلمانية الا في العقد الثالث او الرابع من القرن العشرين، بينما التشريع الإسلامي اقر حقها في المشاركة بالرأي والاعتراض في شئون المجتمع، منذ خمسة عشر قرنا، ولاتزال المرأة في الغرب تتعرض للكثير من الأذى، ولكن تكفل قوانين المجتمع الغربي كثيرا من حقوقها وتوفر تشريعاتها ونظمها إجراءات حمايتها، وتسهل مشاركتها في تولي المناصب العامة والمشاركة في الانتخابات ترشيحا وانتخابا، اما المجتمع الشرقي، فلايزال يمارس الثقافة الذكورية المتسلطة. بوبشيت: قد تكون هذه المقولة صحيحة، ويكون المجتمع الشرقي ذكوري الثقافة. ولكن ما الأسباب؟؟؟ ولماذا يتهم المجتمع الشرقي وحده بهذه التهمة؟ وهل الرجل هو المتهم الأول؟؟؟ وما نصيب المجتمع والمرأة ذاتها من هذه التهمة؟! أيضا هناك ما يتعلق بالأحداث والمتغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية وحركات المد والجزر التي واكبتها جميعا. إنّ صوت التاريخ يؤكد المقولة إذ غيب صوت المرأة وأعلى من صوت الرجل إلاّ بعضا من الأصوات النسائية بالكاد وصلت خجولة. حالات نادرة بين آونة وأخرى تطفح على السطح قضايا أسرية يمكن أن تحدث في أي مجتمع، إلا أن الآخرين يجدونها صورة من أعمال العنف ضد المرأة ويأتي الأعلام المحلي أحيانا ليؤكد الصورة ولو على حساب الحقيقة. من وجهة نظركم هل تعاني المرأة السعودية فعلا من حالة عنف ذكورية؟. د. العبدالقادر: العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية وليست مقتصرة على المجتمع السعودي، ففي ألمانيا ملاجئ للنساء اللاتي يتعرضن للعنف، ومثلها في اوروبا وامريكا، وتبدو الظاهرة اوضح في المجتمع الهندي، وغيره في آسيا وافريقيا، وهي في مجتمعنا موجودة وتتخذ اشكالا عديدة وتندرج تحت القضايا الأسرية، ومن بينها سلب حقوقها، او التجني عليها، أو إيذائها نفسيا أو اجتماعيا أوبدنيا، لكنها لاتشكل في المجتمع السعودي ظاهرة عامة، ذلك لأن عدد حالات العنف البدني نادرة وتقل بكثير عن حجم الظاهرة، واتوقع ان نسبة حدوثها لاتصل الى واحد بالمائة من مجموع عدد الأناث، البالغ عددهن ثمانية ملايين امرأة سعودية حسب آخر تعداد، ورغم انخفاض عددها الا أنها تشوه سمعة مجتمعنا المسلم، وتسيء اليه. بوبشيت: من وجهة نظري لا تعاني المرأة السعودية العنف الذكوري بل تعاني الظلم والقهر والجءور من جانب الرجل، وربما استلهمت جوابي من الشريعة التي أنصفت المرأة في حقوقها المادية والمعنوية. العنف الذكوري كمصطلح ربما يكون أقرب إلى المجتمعات المادية بعيدا عن مجتمعنا الذي يحكمه الشرع، والفرق أن الرجل في المجتمع المسلم محاسب على كل صغيرة وكبيرى، وهو من أوصى بالمرأة (رفقا بالقوارير) و(خيركم خيركم لأهله) و(استوصوا بالنساء خيرا). وأما مسألة المشكلات الأسرية فهي مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة والمجتمع وإن تفاوتت. وهنا لابد من ذكر مسألتين مهمتين بما يتعلق بـ(المشكلات الأسرية) بالسؤال موضع هذه الإجابة: الأولى: المرأة العربية السعودية العاملة كأخواتها العربيات تمارس أدوارا مختلفة فهي ربة منزل وعاملة وتسهم في التنمية وهذه الأدوار لها تأثيرها على المجتمع ونواته الأسرة. والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك تتبع راصد لأهم الظواهر الاجتماعية المصاحبة لدور المرأة العربية السعودية في المجتمع الحديث؟ وإذا افترضنا وجود مثل هذه الدراسات المهمة فما النتائج؟ هل استثمرت لصالح المجتمع؟ الثانية: مجتمعنا يعتمد في ثقافته على الصحف والمجلات والفضائيات والشائعات ـ حدث ولا حرج ـ والأقاويل والقوالب المستوردة، ويتعامل من خلالها وتغيب الحقيقة التي تبنى على الدراسات العلمية والواقعية وتبقى رهينة الغبش وغبار السنين، ولا أحد يعيرها أي اهتمام. وخذ على ذلك مثالا اثنتين من أهم قضايا المرأة السعودية التي تناقلتها وسائل الإعلام بعيدا عن الواقع (العنوسة / الطلاق). تهيئة المجتمع أولاً..! في مجتمعات مجاورة سعت بعض الحكومات إلى إعطاء المرأة حقوقا جوهرية.. مثل حق الانتخابات والترشيح.. ولكن حين جاء دور المجتمع.. فأنه اظهر تخلفا واضحاً عن موقف حكومته ووقف ضد ترشيح المرأة.. السؤال: الى أي مدى يمكن انطباق الحالة على المجتمع السعودي؟ د. العبدالقادر: لم تتضح بعد حقيقة موقف المجتمع السعودي من هذه المسألة ذلك لأن قرار إشراك المرأة في الشأن العام ومنحها حق الانتخاب والترشيح لم يتم اتخاذه بعد، ولكن هناك تفهما لدى اصحاب القرار وتأييدا من المثقفين لهذا الحق.. وليس فيه مخالفة للتشريع الإسلامي.. وينبغي ان يسبق اتخاذ القرار تنوير اعلامي واسع ولمدة كافية وعبر وسائل الاعلام المختلفة واقامة ندوات ومحاضرات تثقيفية للوصول بالمجتمع السعودي الى درجة القبول به، ولاشك ان المرأة قد اسهمت في القضايا العامة في عهد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وخلفائه وكانت على مستوى المسئولية. بوبشيت: المجتمعات المجاورة متماثلة مع المجتمع السعودي في كثير من العادات والتقاليد فضلاً عن المرجعية الدينية، ولكن يظل لكل مجتمع خصوصيته وتجربته. وفي رأيي المتواضع أن التهيئة والدراسة المتأنية والتوعية بدور المرأة على أساس من العدالة والحرية والمساواة والمشاركة، وإصرار المرأة نفسها سيأتي ـ حتما ـ بنتائج إيجابية وأنا متفائلة لسببين: الشرع يحكم، والثاني: ثقتي بالمرأة السعودية وقدراتها وتجربتها. متطلبات التنمية صنعت برامج التنمية الوطنية حقائق جديدة على واقع المجتمع بشكل عام وعلى المرأة بشكل خاص.. المرأة اليوم تعمل وتنتج وتعلم وتدير الأعمال.. اضافة الى دورها الأسري.. غير ان الملاحظ ان عمل المرأة لا يزال محصورا في تخصصات محدودة.. كيف توصفون هذه الحالة وإشكالياتها.. أخذاً بمتطلبات التنمية وضوابط المجتمع؟ د. العبدالقادر: تحتل التخصصات التعليمية والإدارية التربوية والطب والتمريض وغيرها أولوية قصوى في المجتمع السعودي نظراً لمقتضيات تنمية الموارد البشرية النسائية في المرحلة التي تلت تأسيس مدارس البنات سنة 1380هـ /1960م.. حتى تحقق النمو في أعداد الخريجات بما يفيض عن حاجة المؤسسات التعليمية من المعلمات والإداريات.. ولابد من توفير مناهج تعليمية وبرامج تدريبية متخصصة في إعداد البنات لمهن أخرى تقتضيها حاجة سوق العمل السعودي.. أما بالنسبة للطب والتمريض والخدمات الطبية المساندة، فان الحاجة الى النساء السعوديات المتخصصات فيها لا تزال قائمة، والطلب عليها في زيادة مضطردة نتيجة للنمو السريع في عدد السكان.. ومما يبشر بالخير ان هناك اقبالاً كبيراً من قبل البنات واولياء امورهن على هذه التخصصات، وكذلك الإقبال على التخصصات المهنية والفنية التي يحتاجها سوق العمل، حين اتاحتها تعليميا وعمليا لهن. بوبشيت: مسألة مشاركة المرأة العربية السعودية في خطط التنمية أعطيت ـ حالياً ـ مجالات أرحب وبرعاية الدولة وأيضا ستحل مشكلات التخصص ومتطلبات سوق العمل. المسألة تحتاج إلى الوقت وتحتاج الى التبصر والحكمة والاتزان، وأيضا الدراسات والبحوث خاصة أن من المتوقع حدوث تطور عميق في البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. والفتاة السعودية ليست مهيأة في الغالب الأعم، ولديها قصور تربوي في هذه الجوانب. وهي ليست المسؤولة الوحيدة عن ذلك، انما المجتمع افرادا وجماعات ومؤسسات. المحاذير كثيرة، وما احوجنا الى تغييرات تحويلية تنقل المرأة من عهد الى عهد، تتنفس فيه الثروة الثرة التي منحتها الشريعة لتتبوأ المكانة الرفيعة التي اختصت بها دون نساء العالمين. المرأة السعودية تعلمت وعملت ودخلت في المنظومة الانتاجية واستقلت ماديا لذا كان الاتجاه نحو ايجاد فرص عمل حقيقية في شتى المجالات. مستقبل واقع المرأة في ضوء ما يجري من تغيرات.. الى اين يسير واقع المرأة السعودية على الصعد الاجتماعية والسياسية الاقتصادية؟، وما الذي يجب على المجتمع الاستعداد له من اجل الانتقال الحضاري من دون الإخلال بالثوابت؟ د. العبدالقادر: كان اللقاء الفكري الثالث للحوار الوطني حول قضايا المرأة.. الذي عقد بالمدينة المنورة في العام 1425هـ.. بداية طيبة على طريق الاصلاح، والانتقال بالمرأة السعودية الى موقع يؤهلها للمشاركة الايجابية في الحياة العامة، وطرح تطلعاتها علنا دون وجل.. وستعقب ذلك خطوات ايجابية اخرى.. كالمشاركة في مجلس الشورى.. الذي استعان ببعض النساء المؤهلات في ابداء الرأي حول شئون المرأة. ولكي تتحقق مسيرة المرأة ومشاركتها الفعالة في الشأن العام، فلابد من وضع برامج تنويرية وتثقيفية للمجتمع وللمرأة، من خلال مناهج تعليمية، وبرامج اعلامية، تمهد السبيل للانتقال الحضاري من دون اخلال بالثوابت. بوبشيت: واقع المرأة العربية السعودية في مسيرته المستقبلية مرتهن بأسبان عديدة: التمسك والتمسك ثم التمسك بالشريعة، والاصالة، والايمان بالتغيير والتطوير وان عجلة الزمن تدور، كما على المثقفات منهن دور رئيس يتمثل في قيادة هذا المستقبل بعيدا عن الذاتية وحراك الصفوة البعيدة عن المجتمع. ولابد من الاشارة الى ان المثقفات هن اللاتي على وعي حقيقي بالدور والمسؤولية الاجتماعية لاستمرارية تقدم هذا الوطن وعلو شأنه. وعليهن تبني موقف تجديدي نابع من التعاليم الشرعية ومن القدوة الإسلامية امهات المؤمنين - رضوان الله عليهن - والسيرة العطرة للمرأة العربية المعطاء، نابع من ظروف المجتمع وقضاياه ومشكلاته. اضيف: الحرية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كفلها الشرع للمرأة المسلمة دون جدال وعلى المجتمع قبول ذلك دون اعترض مصدره المعتقدات التقليدية الجامدة، او مقارنة بموقف المرأة الغربية ومطالبتها بالحرية والمساواة بالرجل. هناك اختلاف وما تطالب به المرأة العربية المسلمة هو ما وهبها اياه رب العزة دون غيره. والمجتمع مطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية الصافية، وان يقف لمراجعة خطواته السابقة مما يصحح المسار، افراد المجتمع على وعي تام بالقاعدة التي يقفون عليها، ويدركون تهافت الامم عليهم، فعليهم دراسة الوضع متكاتفين غير منقسمين ليقدموا الصالح العام على الخاص، وليستعدوا لما هو قادم فهو ليس بيسير. أسأل الله رد الفتن، وان يقينا شر ما ظهر منها وما بطن.