أرغم تنظيم «الدولة الاسلامية» أكثر من ثلاثين ألف شخص من سكان بلدة الشحيل، التي كانت تعتبرًا معقلًا لجبهة النصرة، على مغادرة البلدة التي سيطر عليها قبل أيام، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون أمس الأحد.
وأشار المرصد إلى أن تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي بات يسيطر على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، سبق أن هجّر حوالى ثلاثين ألف مواطن آخرين من بلدتي خشام وطابية في المحافظة نفسها.
وبعد إعلان إقامة «دولة الخلافة»، ونصبت عليها أميرًا للمؤمنين «الخليفة إبراهيم» أي زعيمها أبو بكر البغدادي تمكن تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي بات يسيطر على مساحات شاسعة في شمال العراق وغربه وشمال سوريا وشرقها من الاستيلاء على قرى ومدن عدة في دير الزور من دون مقاومة تذكر، إذ دفع الخوف ونقص السلاح والتجهيزات فصائل المعارضة السورية المسلحة المقاتلة في ريف دير الزور إلى مبايعة «الدولة الإسلامية» أو الانسحاب من مواقعها.
وقال المرصد السوري في بريد الكتروني: «هجّرت الدولة الإسلامية الجمعة أهالي مدينة الشحيل المعقل السابق لجبهة النصرة في سوريا البالغ عددهم أكثر من 30 ألف نسمة، وذلك بعد مبايعة فصائل وأهالي مدينة الشحيل للدولة الإسلامية في الثاني من الشهر الجاري».
سياسيًا قال بيان للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية: إن تراجع قوات المعارضة يعود إلى عدم جدية المجتمع الدولي ومنظومة أصدقاء سوريا وتخاذلهما في دعم الثورة عمليًا، وذلك عقب تحذير الجيش السوري الحر مما وصفها «بكارثة» لن تتوقف إثر تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في مناطق واسعة من سوريا. وأضاف الائتلاف في البيان إن تنظيم الدولة الإسلامية وقوات النظام تقدما في المناطق الخاضعة للمعارضة في وقت متزامن ولافت، وذلك دون أي اشتباكات بين التنظيم وجيش النظام.
وأوضح أن الاستقالات في بعض الجبهات العسكرية التابعة لهيئة أركان الجيش الحر كانت نتيجة نقص الدعم العسكري، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تمنع وصول الأسلحة المتطورة إلى الجيش الحر.
وأكد الائتلاف أن الوضع العسكري حرج للغاية، وأنه حتى لو سيطرت قوات بشار الأسد على حلب، فإن ذلك لن يحل المشكلة في المنطقة، فالمعضلة لا تتعلق بالسيطرة على الأرض بل بإنهاء جذور الصراع السياسي والعسكري، حسب ما جاء في البيان.
وكان رئيس هيئة أركان الجيش الحر عبدالإله البشير اعتبر السبت أن شحّ الدعم ونفاد السلاح والذخيرة كانا وراء خسارة المعارضة أمام تنظيم الدولة في دير الزور، بينما تخضع حلب لحصار من قوات النظام ومن تنظيم الدولة، حسب قوله.
وجاء تحذير البشير بعد يوم من تحذير مجلس محافظة حلب التابع للمعارضة السورية من سقوط حلب قريبًا في قبضة النظام السوري.
وكان تنظيم الدولة الإسلامية بسط سيطرته في الآونة الأخيرة على معظم أنحاء محافظة دير الزور، بعدما سيطر قبل ذلك على الرقة وأجزاء من حلب.
غارات على عرسال اللبنانية
على صعيد آخر شن الطيران الحربي السوري غارات جوية على جرود بلدة عرسال اللبنانية مستهدفًا «تجمعات لمسلحين» الأحد، بحسب ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام.
وقالت الوكالة في خبر أول: «أغار الطيران الحربي السوري على تجمعات لمسلحين في منطقة وادي الخيل في عرسال، مستهدفًا تحركاتها بأربعة صواريخ أرض جو».
ثم أوردت خبرًا ثانيًا أفاد أن الطيران السوري «يواصل إغارته على جرود عرسال مستهدفًا تجمعات مسلحة، وقد «نفذ غارتين جديدتين على منطقة الرهوة».
وأصدر الجيش اللبناني بيانًا أكد فيه نبأ الغارات، مشيرًا إلى أن الطيران الحربي السوري استهدف «مناطق حدودية» في جرود عرسال بعدد من الصواريخ.
وتملك عرسال ذات الغالبية السنية والمتعاطفة إجمالًا مع المعارضة السورية حدودًا طويلة مع منطقة القلمون السورية يصعب ضبطها بسبب طبيعة المنطقة الجبلية الجرداء وانتشار المعابر غير القانونية الوعرة عليها.
وسيطرت القوات النظامية السورية مدعومة بحزب الله اللبناني في منتصف أبريل بشكل شبه كامل على منطقة القلمون بعد معارك عنيفة استمرت شهورًا. وتفيد تقارير أمنية لبنانية عن تسلل مقاتلي المعارضة والأسلحة عبر عرسال والأراضي السورية.
وذكر ناشط سوري على اتصال بالمجموعات السورية المقاتلة ضمن المعارضة المسلحة في منطقة القلمون لوكالة فرانس برس أن جرود عرسال النائية عن المساحة المسكونة في البلدة والخالية تمامًا إلا من بعض المزارع والبيوت الزراعية، تشكل مكانًا «للاستراحة وتجميع القوى» بالنسبة إلى مجموعات المعارضة المسلحة، بالاضافة إلى ممر للأدوية والمواد الغذائية والسلاح الخفيف، والجرحى الذين يسقطون في المعارك.
ونفذ الجيش اللبناني قبل حوالى أسبوعين حملات دهم وتوقيفات عدة في عرسال لملاحقة مسلحين متورطين «بتدريبات مع مجموعات إرهابية»، بحسب ما ذكرت قيادة الجيش.