تتمسك المقارنات بتقاليدها في شتى ضروب الحياة، حدة وحسم ومواقف واضحة وانحياز وما شابه، وكيف لا عندما تتعلق بكرة القدم، وبنجمين أرجنتينيين لا تحظى اللعبة بمثلهما إلا بعد انتظار أجيال، إنهما الأسطورة دييغو ارماندو مارادونا، والسائر على دربه ليونيل ميسي. كثيرة كانت المقارنات بين هذين اللاعبين، لكن الواقع يقول إن مارادونا صنع مجدا وحقق كأس العالم عام 1986 وسحر الملايين بفنه وسحره وسرعته واختراقاته ومداعباته للكرة، وإن ميسي فعل معظم هذه الأمور ايضا مع برشلونة الاسباني، وبعضا منها في المباريات الخمس التي خاضها مع منتخب التانغو في مونديال البرازيل حتى الان. وبامكان ميسي تكرار انجاز مارادونا، لانه لعب دورا حاسما في تأهل الارجنتين الى نصف النهائي لمقابلة هولندا بتسجيله اربعة اهداف حاسمة، وحصوله على جائزة افضل لاعب في اربع مباريات، باستثناء المباراة الاخيرة مع بلجيكا التي خطف فيها صاحب هدف الفوز المهاجم غونزالو هيغواين الجائزة.
والحق يقال: فإنه كلما سنحت الفرصة لميسي من خلال المساحات، يتحول الى لاعب خطير جدا، فاما يسجل كما حصل حين خطف الهدف القاتل في مرمى ايران في الوقت بدل الضائع، بعد ان كانت المباراة متجهة لتعادل تاريخي لممثل اسيا في الدور الاول، او حين سار بالكرة متخلصا من ثلاثة لاعبين سويسريين في ثمن النهائي قبل أن يمرر كرة على طبق من ذهب الى انخل دي ماريا، الذي سجل منها هدف التأهل الى دور الاربعة. أمتع مارادونا العالم عندما كان في بداية مسيرته مع المنتخب، وتحديدا في مونديال اسبانيا عام 1982 فكتب الخطوط الاولية لموهبة قل نظيرها بمهاراته العالية، وكأنه كان يمهد لشيىء ما سيكتب في صفحات التاريخ، فتأكد المؤكد في مونديال مكسيكو 1986 عندما سجل الاسطورة الجديد خمسة اهداف، اثنان في مرمى الانجليز، الاول بيده التي قال عنها انها يد الله، والثاني عندما سار بالكرة من منتصف الملعب متخطيا خمسة لاعبين مع الحارس ليسجل أجمل اهداف كأس العالم حتى الان، خاض مارادونا ايضا نهائي كأس العالم في ايطاليا عام 1990، لكن منتخب التانغو كان قليل الحيلة وخسر امام المانيا في مباراة ثأرية لنهائي 1986.
وودع الاسطورة حكايته مع كأس العالم في نسخة 1994 في امريكا بالطريقة الابشع بعد ان ثبت تناوله مواد منشطة، فتم ايقافه، لكنه بقي حاضرا في كل ما يتعلق بشؤون كرة القدم وخصوصا بكأس العالم.
والفرصة ذهبية لميسي الذي يريد التخلص من شبح مارادونا، لكن يتعين عليه إظهار المزيد لان ما قدمه حتى الان لا يشفع له لمعادلة الكفة معه، ومواجهة الطواحين الهولندية قد تحمله الى مرتبة عالية جدا خصوصا اذا ما عبر بالارجنتين الى المباراة النهائية وقادها لاحقا الى احراز اللقب الثالث في تاريخها بعد 1978 و1986.
كلمات مدرب منتخب التانغو اليخاندرو سابيلا كانت معبرة جدا حين قال: إن ميسي مثل الماء في الصحراء، فهو يجد الحلول عندما نعتقد بأنها قد نفذت.
اتفق رفيق مارادونا في المنتخب المهاجم كلاوديو كانيجيا مع سابيلا بالقول: إن ميسي هو اللاعب القادر على ايجاد الحلول عندما تستعصي المباراة، وهو القادر على حسم المباريات لمصلحة الفريق، وهذا ليس عيبا ولا يعتبر بمثابة الاعتماد على لاعب واحد، لكن بالنسبة الى ميسي فعندما يحصل على المساحات يستطيع حسم الامور، فقد ينتظر طوال المباراة متحينا اللحظة المناسبة، إلا ان كانيجيا الذي تناغم كثيرا مع مارادونا في الثمانينات والتسعينات قال بصراحته المعهودة: لا يزال ميسي بعيدا جدا عن المستوى الذي قدمه مارادونا في كأس العالم 1986، فقد كان شيئا مختلفا.