لا أستطيع أن أقول لكم إن الذهب استثمار سيئ. حتى بعد هبوطه الأخير، إذا كنتَ قد اشتريتَ الذهب في عام 2004، فإن استثمارك سيكون قد أكسبك معدلاً سنوياً بحدود 10.4 في المائة، بعد احتساب التضخم. هذا بالتأكيد استثمار مثير للإعجاب فعلاً. وإذا كنت قد اشتريت في عام 1994، لكنت قد كسبت نحو 3.9 في المائة في السنة- وهي نسبة لا بأس بها. حتى لو كنت قد اشتريت منذ زمن بعيد يعود إلى عام 1984، لكنت قد كسبت 1.8 في المائة من حيث القيمة الحقيقية. (وبطبيعة الحال، وهذا يفترض أن موقع shadowstats.com غير صحيح، وأن التضخم لم يكن على نطاق واسع).
بالإضافة إلى تحقيق عوائد مناسبة طويلة الأجل، كان الذهب وسيلة لنشر أو تعويض مخاطر الاستثمار. فكما أظهر زميلي المدون ييتشوان وانغ في العام الماضي، ترتبط عوائد الذهب بشكل سلبي إلى حد ما مع أسعار الفائدة، بحيث إن الرهان على الذهب هو إلى حد ما الرهان على أسعار فائدة أقل. هذا هو في الواقع التنبؤ ببعض النماذج الاقتصادية القديمة، التي تشير أيضا إلى أنه يجب أن يكون لدى الذهب معدل عائد إيجابي على المدى الطويل. ولكن الكثير من التباين في سعر الذهب لا يفسر هذه العوامل، وهذا يعني أن بعض الكميات الصغيرة من الذهب هي إضافة قيمة إلى أي محفظة متنوعة بشكل جيد.
ولكن هناك كلمتان كبيرتان للحذر فيما يتعلق بالذهب. الأولى هي أنه يجب ألا نؤمن بالقصة القياسية حول لماذا سوف يرتفع الذهب؟ والثانية أنه يجب أن نكون حذرين جداً من المواقع ووسائل الإعلام التي تدفعك باستمرار نحو شراء الذهب.
القصة القياسية التي تدور حول لماذا يجب عليك شراء الذهب؟ هي أنه تحوط ضد الضعف المتأصل في نظام النقود الورقية. للأسف، الذهب لا يعتبر كذلك. على سبيل المثال، يعتبر الذهب تحوطاً ضعيفاً ضد التضخم. العلاقة ضعيفة جداً. تذكر أنه كان لدى الذهب تصاعد ضخم في العقد الأول من القرن الحالي وشريحة طويلة في الثمانينيات.. ولكن كان التضخم أعلى في الثمانينات منه في العقد الأول من القرن الحالي!
والنسخة الأكثر تكهناً وتطرفا من هذه القصة هي أن نظام المال الورقي متجه برمته نحو الانهيار، وأننا بعد حدوث ذلك سوف نذهب مرة أخرى إلى استخدام الذهب ليكون بديلاً عن المال. وإذا حدث ذلك، فإنك سترغب في امتلاك الكثير من الذهب في تلك اللحظة. للأسف، هناك بعض المشاكل الكبيرة المتعلقة بهذه القصة أيضاً. لقد تقدمت التكنولوجيا الى نقطة حيث يمكننا استخدام أشياء مثل عملة البتكوين بدلاً من تلك السلع المادية الثقيلة والسهلة السرقة مثل الذهب. وإذا انهارت الحضارة إلى النقطة التي لن نتمكن فيها حتى من استخدام أجهزة الكمبيوتر بعد الآن، أنصح بالاستثمار في البنادق والذخيرة والبذور والمضادات الحيوية بدلاً من الذهب.
والمشكلة الأكبر مع قصة الذهب هي السؤال حول لماذا يجب أن تتوقع كسب عائد جيد. بالنسبة لسعر الذهب للحفاظ على ارتفاع مطرد بسبب فشل نظام النقود الورقية، فإنه يجب أن يكون الحال هو أن المزيد والمزيد من الناس سوف يدركون باطراد أن القصة حقيقية. إذن الرهان على قصة الذهب هذه هو رهان على أن منظورك في الاقتصاد الكلي سابق بصورة كبيرة للغاية على وجهات النظر في الاقتصاد الكلي لمعظم المستثمرين الآخرين. وهذا رهان خطر مليء بالتكهن إلى درجة عالية.
بالتالي ينبغي أن تَحذَر من وسائل الإعلام التي تواصل باستمرار في دعم وتقديم هذه القصة عليك. أهم موقع من هذه المواقع هو على الأربح موقع Zero Hedge. إذا قرأتَ ما يكتَب على هذا الموقع، فسترى هذه القصة تعرض أمامك وتروَّج مراراً وتكراراً، مرة بعد أخرى، وغالباً ما تُمزَج مع جرعة لا بأس بها من الأيديولوجية السياسية وإشارات إلى «علم الاقتصاد النمساوي».
إذا اقتنعْتَ فعلاً بهذا الجَلْد المتواصل من موقع Zero Hedge، فستكون معرضاً لخسارة الكثير من المال. منذ أن سجل الذهب مستوى الذروة في عام 2011، خسر حوالي 33 في المائة من قيمته بالمعدلات الحقيقية. ظل الموقع يطنطن للذهب طيلة الفترة التي كان يهوي فيها. على سبيل المثال، في نوفمبر 2011 نشر الموقع مقالاً يقول فيه إن الذهب في «سبيله إلى أن يصل إلى اللانهاية». وفي مقال نشر في أكتوبر 2012 تقدم بنفس التوصية. ومع تراجع الأسعار، أكد لنا موقع Zero Hedge أن الانهيار في الأسعار كان فقط في الذهب «الورقي»، وليس في السلعة الفعلية نفسها. غني عن القول إنك إذا اتبعتَ نصيحة الموقع بخصوص أي من هذه النقاط، ستكون قد خسرت الكثير من المال.
والآن، إذا كان انهيار الذهب ظاهرة مؤقتة فقط، وأن الذهب يوماً ما سيصل إلى اللانهاية، عندها فإن خسارة المال على الورق ليست مشكلة، ما لم يكن عليك بطبيعة الحال أن تبيع هذا الذهب «الورقي» من مدخراتك التقاعدية أو لتسديد فواتير العلاج.
كثير من أهل المال يبدو أنهم يعاملون حكاية الاقتصاد الكلي هذه، مثل الحكاية التي يروج لها موقع Zero Hedge، على أنها نوع من الترفيه وليس من النصائح التي يجب اتباعها. وصحيح أن الموقع ينشر أحياناً بعض التقارير الممتازة، أو ينشر بعض المعلومات الجيدة. بالتالي ربما تستطيع قراءة الموقع من أجل هذه الشذرات المفيدة، وإما أن تتجاهل الحجم الهائل من الدعاية التي يقذفها الموقع باتجاهك يوماً يعد يوم وهو يتغنى فيها بروعة الذهب، أو تبتسم في تفهم لهذه الظاهرة المسلية. لكن إذا أردتَ الاستفادة من مقالات هذه الموقع فإنك ستكون كمن يقرأ إحدى المجلات الإباحية من أجل ما فيها من المقالات «المفيدة».
لا يزال موقع Zero Hedge يروج للذهب. ولا يزال يروج لعلم الاقتصاد النمساوي. فهل يجدر بك الإصغاء لما يقول؟ تستطيع فعل ذلك في حالة واحدة فقط، وهي أن تميز بين حكايات ما قبل النوم وبين الواقع.