عندما انطلقت مبادرة وزارة العمل «فلنتعاون للتوطين» والتي تهدف في حملتها كما صرحت الوزارة من خلال موقعها إلى تشجيع القطاع الخاص على النمو من أجل ايجاد فرص وظيفية تستوعب أبناء وبنات الوطن، وأيضاً لتحفيز شباب وشابات الوطن للخوض في مجالات العمل ووضع بصمات نجاح حقيقية فيه، وذلك أسوة بعديد من القصص التي تكللت بالنجاح والتدرج في السلم الوظيفي حتى أضحت امثلة يقتدى بها.
كما وجهت وزارة العمل الدعوة للقطاع الخاص والشباب، ممن لديه قصة نجاح سواء كانت على مستوى المنشأة في توطين الوظائف، أو على مستوى الفرد في النجاح في التدرج الوظيفي من خلال رؤية تحقيق التوطين والحد من مشكلة البطالة، وتهدف إلى التحفيز للخوض في شتى المجالات العملية وكسر جميع القناعات السلبية، ايضا نشر ثقافة «العمل شرف» في المجمتع، مما يسهم في احترام كافة المهن التي يحتاج إليها سوق العمل.
أصدرت وزارة العمل قرارا يقضي بتشكيل لجنة في الوزارة تحت مسمى «لجنة التوطين» وذلك استناداً على قرار مجلس الوزراء، وتكون مهمتها النظر في كل ما يتعلق بتنفيذ قرارات التوطين، التي تختص بإيقاع العقوبات على المنشآت المخالفة، وتعديل نسب العمالة الوطنية سنوياً بشكل تراكمي، وتحديد الوظائف المحظورة على غير السعوديين، واهمها وظيفة مدير الموارد البشرية في شركات القطاع الخاص.
ونظرا لكون البطالة في السعودية تعتبر بطالة نوعية وليست كمية، تسبب في وجودها 10 ملايين أجنبي يعملون على أرض المملكة، كانت قرارات وزارة العمل شيئا والواقع المفروض شيئا آخر، عندما يتولى منصب «مدير الموارد البشرية» موظف أجنبي، والتحايل من قبل الشركات في توظيف وهمي لمدير سعودي مسجل لدى وزارة العمل، ولكن من يقوم بالمهام فعليا هو المدير الأجنبي الذي يمارس تسلطه وانظمته الدكتاتورية، واعطاء الأولوية للتوظيف من اهله واصحابه، واستبعاد السعوديين او توظيفهم بأدنى الوظائف وبأجور متدنية.
وفي طبيعة الحال لن تنجح جهود وزارة العمل دون استئصال هذا المرض، الذي ساهم في تعميق مشكلة البطالة مع وجود هؤلاء المدراء الأجانب، الذين صنعوا تشوهات بالجملة في مبادرات التوطين وسوق العمل على حد سواء، كما انهم يمارسون التسريح التعسفي للموظف السعودي، وبالتالي تفاقم اعداد العاطلين، لذلك يجب تدارك الأمر من قبل الوزارة والعمل على التخلص منهم واخرجهم من هذه الوظيفة، وتشديد المراقبة للتأكد من اشغالها من قبل المواطنين السعوديين، الذين يحرصون على تطبيق قوانين وزارة العمل في ما يتعلق بمشروع التوطين. من ناحية أخرى، يجب أن يكون جليا أن مشكلة البطالة معقدة وعميقة الجذور في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، بحيث تستعصي على الحلول السريعة، بعبارة أخرى لا يمكن التوصل لحل ناجح لمشكلة البطالة، إلا من خلال برنامج استراتيجي يركز على عوامل تمكين إيجاد الوظائف من جهة الطلب اولا، بينما يركز ثانيا على عوامل تمكين تطوير الموارد البشرية من جهة العرض.