أكد طلعت حافظ الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية انخفاض أعداد الشكاوى في البنوك السعودية بنسبة 50 % مقارنة بعامي 2011-2012م، مشيرا الى أن التحصينات والضوابط الصارمة التي تتبعها البنوك السعودية ضد عمليات الاحتيال المالي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وضعت القطاع المصرفي السعودي بين مصاف القطاعات المصرفية المتقدمة على مستوى العالم، وبالذات في قدرة القطاع على مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما في ذلك الاحتيال المالي بمختلف صوره وأشكاله وأنماطه. وأكد حافظ خلال حواره مع "اليوم" أن هناك تطورا متسارعا تشهده عمليات وأساليب التحايل المعتمدة على التقنيات العالية، لكن بالمقابل تعمل البنوك السعودية على رفع مستوى الوعي لدى العملاء وكذلك تطبيق أعلى معايير الحماية والسرية للبيانات الخاصة. كيف تنظرون لظاهرة الاحتيال المالي على المستوى العالمي؟ وهل أصبحت تشكل خطراً على البنوك السعودية؟
ظاهرة الاحتيال المالي والمصرفي آخذة في التزايد على المستوى العالمي، وقد سجلت هذه الظاهرة معدلات قياسية متزايدة مقارنة بالأعوام السابقة، حيث تجاوزت- على سبيل المثال- اعداد محاولات الاختراق الإلكتروني على مستوى العالم وفق إحدى التقارير الصادرة في هذا الشأن حاجز الـ5 مليارات محاولة في الربع الأول من العام الماضي، الأمر الذي ينذر بمزيد من المخاوف جراء تفشي مثل هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطراً ومصدر تهديد فعلي لمجمل التعاملات المالية الإلكترونية، كما أن ظاهرة الاحتيال المالي والمصرفي قد شهدت هي الأخرى معدلات قياسية، ولكن- ولله الحمد- ظلت المملكة إلى حد كبير بمنأى عنها، إذ يشهد العالم كل 14 ثانية محاولة أو الشروع في عمليات احتيال، وما زاد من تفشي هذه الظاهرة- وللأسف الشديد- استغلال ضعاف النفوس من المحتالين والنصابين لتنامي التعاملات المالية والمصرفية الالكترونية والقدرة على تحويل الأموال بين دول العالم بسرعة فائقة في تنفيذ عملياتهم الإجرامية، الأمر الذي أصبح يهدد اقتصادات الكثير من دول العالم.
والقطاع المالي السعودي بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص، يشكل جزءاً هاما من هذا العالم الذي أصبح أكثر ما يكون اليوم كتلة مالية وتجارية واحدة، فما يشكل تهديداً لأجزاء من هذه الكتلة بالنسبة للتعاملات الإلكترونية، يمثل تهديداً لمعظمها. ومن هذا المنطلق فإن البنوك السعودية حرصت كل الحرص على متابعة أبرز مستجدات عمليات التحايل الإلكتروني وسبل الوقاية منها التي باتت تؤرق اليوم العالم بأسره، باتخاذ كافة التدابير الوقائية للحد من تبعاتها وتداعياتها في مجالات العمل المصرفي المختلفة. ما الإجراءات التي اتخذتها البنوك السعودية لمواجهة هذه الظاهرة؟
البنوك السعودية تتبع اجراءات احترازية وتستثمر أموالا طائلة في كل عام لتطوير وتحديث أنظمتها المعلوماتية لجعل التعاملات المصرفية الالكترونية مجالاً متاحا ومفتوحا وآمناً في الوقت نفسه، كما أن هناك تعاونا مستمرا ومتواصلا مع الجهات الامنية المختصة في السعودية للتصدي لمثل تلك المحاولات في حال استهدفت عملاء البنوك المحلية. ومن ضمن الاجراءات الأخرى التي اتخذتها البنوك السعودية في هذا الخصوص إطلاق حملات توعوية بشكل مستمر بهدف رفع مستوى وعي أفراد المجتمع عامة وعملاء البنوك خاصة، بالأسس السليمة لاستخدام البطاقات البنكية والائتمانية والقنوات المصرفية الإلكترونية، للحدّ من احتمالات التعرض لمحاولات الاحتيال، وتستهدف مثل هذه الحملات السنوية، التي تقوم على إدارتها وتنفيذها "لجنة الإعلام والتوعية المصرفية" المنبثقة عن لجنة رؤساء مجالس ادارات البنوك بتوجيه رسالة واضحة ومهمة للمجتمع تتمثل بضرورة حصر العمليات المصرفية ضمن قنواتها المشروعة، والالتزام بالتوجيهات الصادرة من البنوك والجهات المعتمدة، والتحقق والتدقيق من كافة الرسائل أو المعاملات المالية والمصرفية تحقيقا لأقصى درجات الحيطة والحذر للوقاية من الوقوع في فخ الاحتيال.
وحملات التوعية التي تقوم بها البنوك السعودية بشكل سنوي لا تعني بالضرورة أن المصارف المحلية تشهد عمليات اختراق لأنظمتها المصرفية، أو أن المملكة وقطاعها المالي والمصرفي يعيش حالة من الظاهرة المرتبطة بعمليات الاحتيال المالي، بل ان البنوك السعودية تهدف من خلال هذه الحملات التوعوية إلى تنقية بيئة التعاملات المالية والمصرفية في المملكة من أي محاولة للتحايل والنصب، فضلاً عن توفير قنوات مفتوحة وآمنة تتيح للعملاء تنفيذ تعاملاتهم المصرفية بسلاسة وراحة. تقع المملكة في نطاق المجموعة عالية المخاطر التي تتعرض لمخاطر الجرائم الإلكترونية حسب تصنيف (كاسبر سباي) الدولي.
هل تعرضت البنوك السعودية لأي عمليات اختراق لأنظمتها المصرفية؟
البنوك المحلية لم تشهد عمليات اختراق لأنظمتها المصرفية، ولتوفير الحماية اللازمة لأنظمتها المعلوماتية المختلفة تستثمر البنوك السعودية أموالا طائلة سنوياً في سبيل تطوير وتحديث أنظمتها المعلوماتية، كما تلتزم بتطبيق أعلى المعايير الدولية المتعارف عليها وأفضل الممارسات Best Practices لحماية أنظمتها المعلوماتية بما في ذلك البطاقات المصرفية أو ما يعرف بالمصطلح المصرفي ببطاقات الدفع التي تمنحها لعملائها، مثل بطاقات الصراف الآلي والبطاقات الائتمانية على مختلف أنواعها وأشكالها.
إن البنوك السعودية- وبهدف توفير مستوى عال من الحماية والسرية للبيانات الخاصة بعمليات بطاقات الدفع وتقليل مخاطر الاحتيال اعتمدت معيارا عالميا لصناعة بطاقات الدفع أو ما يعرف بـ(PCI DSS-Payment Card Industry Data Security Standard) الذي أقره "مجلس المعايير الأمنية لصناعة بطاقات الدفع" المعني بوضع المعايير الأمنية لبطاقات المدفوعات عالمياً.
إن توافق البنوك السعودية مع هذا المعيار وغيرها من المعايير المتعلقة بأمن المعلومات يمثل خطوة كبيرة وهامة في سبيل رفع مستوى أمن بيانات وعمليات بطاقات الدفع الخاصة بالعملاء، وتعزيزاً لأمن المعلومات بشكل عام في القطاع المصرفي السعودي. كما أن الالتزام بمتطلبات تلك المعايير عملية مستمرة تساعد بشكل دائم على مراقبة التهديدات المعلوماتية وتحسين وسائل التعامل معها والتصدي لمخاطر الاختراقات الأمنية لبيانات بطاقات الدفع، وقد انعكست عملية تطبيق متطلبات المعايير على القطاع بعدد من الفوائد التي من أهمها: جعل الجهات أكثر استعداداً للتوافق مع المعايير الأمنية العالمية الأخرى، وتعزيز أسس الاستراتيجيات الأمنية، وإعطاء فرصة جيدة للتعرف على وسائل تحسين كفاءة البنية التحتية لتقنية المعلومات.
ونود في البنوك السعودية أن نطمئن عملاءنا بأن عمليات الاحتيال المالي والمصرفي التي سجلت في الماضي كانت محدودة للغاية، ولا يتوقع لها ان تنتشر في ظل الانظمة والضوابط الصارمة التي تطبقها البنوك السعودية لتوفر الحماية اللازمة ضد الاختراق او عمليات الاحتيال المالي بأشكاله المختلفة، وبالذات، إن البنوك قد وفرت ادارات ووحدات متخصصة لمكافحة عمليات الاحتيال المالي، هذا بالإضافة إلى أن البنوك تطلق على مدار العام العديد من التحذيرات لعملائها بضرورة تجنب بعض التصرفات والسلوكيات التي قد تقع بهم- لا سمح الله- ضحايا لعميات احتيال مالي، والتي من أهمها وأبرزها على سبيل المثال لا الحصر، التجاوب مع اتصالات هاتفية أو عبر البريد الإلكتروني، تطلب تحديث البيانات البنكية والمعلومات الشخصية، باعتبار أن الوسيلة الوحيدة لتحديث البيانات البنكية والمعلومات الشخصية تتم من خلال شبكة فروع البنك فقط، كما قد حذرت البنوك عملاءها من التجاوب أو حتى التفاعل مع الرسائل النصية أو الإلكترونية التي تدعي الفوز بجائزة عينية أو نقدية، وضرورة حذفها على الفور. إن هذه التحصينات والضوابط الصارمة ضد عمليات الاحتيال المالي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تتبعها البنوك السعودية وضعت القطاع المصرفي السعودي بين مصاف القطاعات المصرفية المتقدمة على مستوى العالم، وبالذات في قدرة القطاع على مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما في ذلك الاحتيال المالي بمختلف صوره وأشكاله وانماطه. أطلقتم مؤخراً الحملة السادسة من حملات التوعية بعمليات الاحتيال المالي والمصرفي، ما الجديد الذي تحمله هذه المرحلة مقارنة بالمراحل السابقة؟
البنوك السعودية تحرص في كل عام على إطلاق مثل هذه الحملات التوعوية تزامناً مع بداية الصيف وموسم الإجازة الصيفية، باعتبار أن موسم الإجازة الصيفية عادة ما يشهد إقبالاً من قبل افراد المجتمع على السفر والسياحة في الداخل والخارج بشكل أعلى مقارنة ببقية مواسم العام، الأمر الذي يواكبه زيادة ملحوظة في معدلات استخدام البطاقات البنكية بشكل عام والبطاقات الائتمانية بشكل خاص، إضافة إلى استخدام القنوات الإلكترونية المختلفة في إنجاز العمليات المصرفية المختلفة بما في ذلك استخدام الإنترنت المصرفي، مما دعا الى الحاجة إلى تكثيف مثل تلك الحملات، بغية تبصير الناس بالاستخدامات الآمنة لتلك البطاقات وتلك القنوات المصرفية.
وحملة "لا تفشيها" السادسة تتضمن تطبيقات متنوعة تتراوح ما بين الإعلانات الصحفية، وإعلانات الطرق، والراديو، مع التركيز إلى حد كبير على الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي، وبدعم من الندوات التوعوية، وورش العمل، والمحاضرات، والمشاركات ضمن عدد من الفعاليات المتخصصة، كما أن حملة لا تِفشيها السادسة ستغطي أنشطتها كافة مدن ومناطق المملكة، ومن أبرز سمات هذه الحملة قدرتها على المزاوجة بين المنهجين الإرشادي والتعليمي، وهذا ما يميز حملة هذا العام بأنها تقدم في إطار أكثر تشويقاً وجذباً يتخلله العديد من المحاكاة لقصص احتيال تم استقاء معظمها من أحداث مماثلة تعرض لها بعض عملاء المصارف. هل أسهمت حملات التوعية التي تنفذها البنوك السعودية في الحد من مخاطر تعرض العملاء للاحتيال المالي والمصرفي؟ وهل هناك أي إحصائيات حول معدل الانخفاض الذي شهدته عمليات التحايل المصرفي في المملكة خلال السنوات الأخيرة؟
نحن نعتقد أن حملات التوعية المكثفة بعمليات الاحتيال المالي التي تبنتها البنوك السعودية من خلال لجنة الإعلام والتوعية المصرفية أسهمت بشكل كبير في منع عمليات اختراق معلومات العملاء وبياناتهم الشخصية، رغم ما طرأ من زيادة كبيرة في حجم التعاملات المالية والمصرفية عبر قنوات البنوك الإلكترونية، ولعلي أضرب مثلاً في هذا السياق، فقد بلغ عدد شكاوى عملاء البنوك بمختلف أنواعها التي سُجلت العام الماضي 14،707 شكاوى، وبمتوسط على مستوى ربع العام بلغ 3676 والتي ليست بالضرورة جميعها شكاوى تتعلق بالاحتيال المالي إنما كانت متنوعة، وقد أضحت أعداد الشكاوى أقل من متوسط ما سجلته البنوك في العاميين الماضيين "2011 و2012م" إذ بلغت نسبة الانخفاض50%، الأمر الذي يؤكد على ارتفاع مستوى الوعي المصرفي لدى كافة عملاء البنوك من جهة، وكفاءة مراكز معالجة الشكاوى في البنوك من جهة أخرى وخصوصاً في قدرتها على التعامل مع الشكاوى وسرعتها في البت والمعالجة.
والحملات التوعوية السابقة- ولله الحمد- حققت نجاحات جيدة وبالذات في إحداث تفاعل لافت من قبل كافة أفراد المجتمع، وبالذات من عملاء البنوك، وما يؤكد ذلك- كما أشرت- ما تم رصده من انخفاض جيد في معدلات البلاغات والشكاوى بشكل عام التي تلقتها البنوك من قبل العملاء والمتعلقة بإخطارهم عن تعرضهم لمحاولات احتيال بشكل خاص. إلامَ تعزون سبب تعرض العملاء لعمليات الاحتيال المالي والمصرفي؟ وما النصائح التي ترغبون بتوجيهها لعملاء البنوك السعودية خاصة مع الاجازة الصيفية السنوية؟
معظم عمليات الاحتيال المالي التي يتعرض لها عملاء البنوك بسبب إفشائهم لمعلوماتهم وبياناتهم المالية والمصرفية للآخرين ما يعرضهم لسوء الاستغلال من قبل المجرمين وضعاف النفوس. إن تهاون العملاء في تداول والكشف عن بياناتهم المصرفية ومعلومات بطاقاتهم الائتمانية وأرقامهم السريّة ما زال يمثّل المدخل الرئيس للإيقاع بهم في مصيدة الاحتيال، لا سيما في ظل التطور المتسارع الذي تشهده عمليات وأساليب التحايل المعتمدة على التقنيات العالية، ولذا طالبنا عملاءنا في البنوك بضرورة الإبلاغ الفوري عن أي عملية مجهولة بالنسبة لهم تتم على حساباتهم أو بطاقاتهم الائتمانية بغير علمهم، أو عند فقدانهم لبطاقاتهم المصرفية أو الائتمانية، وكذلك الحال عن الشكّ بتعرضهم لأي محاولة للتحايل؛ ليتمكن البنك من اتخاذ الإجراءات الفورية التي تضمن وقف البطاقة أو تجميد الحساب للحد من الأضرار.
وندعو عملاء البنوك السعودية توخي الحيطة والحذر في استخدام البطاقات الائتمانية أثناء السفر وتقنين استخدامها ضمن المتاجر والمحال التجارية المعروفة والآمنة، والحرص التام على عدم البوح أو الكشف عن أرقام البطاقات، أو إفشاء الأرقام السرية تجنباً لأي محاولة للتحايل عليهم، كما ندعو جمهور العملاء المسافرين إلى الخارج إلى أهمية الإبقاء على أجهزتهم الهاتفية «الجوال» المسجلة أرقامها لدى البنوك في وضعية التشغيل طيلة فترة السفر، وذلك بغية الإبقاء على التواصل مع فرع البنك، وضمان استقبال الإشعارات الفورية الخاصة بالعمليات المالية والمصرفية التي تتم على حساباتهم المصرفية أو حسابات بطاقاتهم الائتمانية أولاً بأول، بما يتيح إمكانية التعامل الفوري مع أي محاولة للاحتيال على الحسابات أو استخدام البطاقة من قبل غرباء أو محتالين.