الزيارة التاريخية الأولى للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ تقلده رئاسة مصر للمملكة، تعكس بوضوح، عمق العلاقات القوية بين البلدين من جانب، وأهمية التشاور مع خادم الحرمين الشريفين حول ملفات هامة وحيوية من جانب آخر، لا سيما أن هناك تطورات راهنة متلاحقة، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وتمدد الإرهاب الأخطبوطي في بعض الدول العربية، والنهوض باقتصاديات مصر بعد سنوات عجاف من الأزمات والقلاقل التي خرجت أرض الكنانة -بفضل الله وعونه- معافاة منها، ولا شك بأن الزيارة تجيء في توقيت مهم، تشهد فيه الأمتان العربية والإسلامية سلسلة من التحديات، لا سيما تلك المتعلقة بحركات الجماعات المتطرفة في بعض الدول العربية، فالتشاور حيال تلك التحديات، وكيفيات معالجتها، أمر هو على جانب كبير من الأهمية.
لقد وقفت المملكة ومصر بثقليهما السياسي والاقتصادي دائما؛ لنصرة القضايا العربية والإسلامية العادلة، ويواجه العرب اليوم تحديا كبيرا يتمثل في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومواجهة هذا العدوان تقتضي من القادة العرب التباحث والتشاور في أفضل السبل الممكنة؛ للخروج من الأزمة الراهنة بحلول ناجعة وقاطعة، تحفظ للمجاهدين الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، وتؤدي لوقف العدوان الصارخ على قطاع غزة المنكوب. وإزاء ذلك، فإن القمة السعودية المصرية تعكس أهمية معالجة هذا الملف، بطريقة تدعم مطالبة المقاومة بالحقوق المشروعة للقطاع من ناحية، وتدعم المطالبة بتسوية النزاع القائم بشكل نهائي من ناحية أخرى.
ولا شك بأن زيارة السيسي للمملكة تعيد إلى الذاكرة العربية تلك المواقف النبيلة والصلبة لخادم الحرمين الشريفين، تجاه مساندته المطلقة لأهداف ثورتي يناير ويونيو، حيث انتصرت فيهما إرادة الشعب المصري الشقيق، لتحقيق كرامته وعزته وحريته، وتلك مواقف مشهودة ومعلنة سوف يسجلها التاريخ بأحرف من نور لخادم الحرمين الشريفين، الساعي دائما لنصرة العرب والمسلمين، والوقوف بشجاعة لتأييد قضاياهم العادلة، ومد يد العون لهم في السراء والضراء.
وفي ذات الوقت، فإن التشاور بين القيادتين السعودية والمصرية حيال ملفات ساخنة هامة، لا سيما ما يتعلق منها بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتحركات المتطرفين في بعض الدول العربية، يبدو مهما للغاية للخروج من نفق الأزمتين بسلام، فالأمة العربية تواجه خطرا حقيقيا يتمثل في العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني للقفز على حقوقه المشروعة ومصادرتها، ويتمثل في الحركات المتطرفة من قبل ثلة من الإرهابيين الساعين لتخريب الأرض وإفسادها، وهنا يكون التشاور مهما حيال الملفين معا إضافة إلى ملفات أخرى حيوية طرحت أثناء زيارة السيسي للمملكة، لا سيما تلك المتعلقة بدعم العلاقات الأخوية التاريخية بين الشعبين السعودي والمصري، وكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية التي ألحقتها الاضطرابات السياسية في مصر خلال السنوات القليلة المنفرطة.
إن الثقل السياسي والاقتصادي الكبير الذي تتمتع به السعودية ومصر، كفيل بتحقيق سلسلة من الإنجازات الداعمة لسائر القضايا العربية والإسلامية الملحة، وقد كان لذلك الثقل أهميته الواضحة في دعم تلك القضايا، والخروج منها بنتائج قاطعة، انعكست على مصالح الأمتين لما فيه رخاء ورفاهية الشعوب العربية والإسلامية من جانب، ولما فيه نصرة قضاياهم العادلة من جانب آخر.