دعت اللجنة التنفيذية لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في البيان الختامي ، الذي صدر مساء اليوم ، بعد الاجتماع الاستثنائي الموسع على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة ، فريق الاتصال الوزاري الذي تم تشكيله إلى التحرك والاتصال بالأطراف الدولية الفاعلة بشكل عاجل ، والعمل على وقف الاعتداءات الإسرائيلية ، ونقل رسالة وقرارات المنظمة.
وعبرت اللجنة التنفيذية بعد الاجتماع الذي عقد بمقر المنظمة بجدة عن قلقها البالغ إزاء تدهور الأوضاع وتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بسبب استمرار العدوان والحصار الإسرائيلي الغير إنساني وغير ذلك مـن الإجراءات غير القانونية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، داعية المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، إنهاء حصارها غير القانوني وفتح المعابر الحدودية وضمان حرية حركة الأشخاص والمواد والبضائع من قطاع غزة وإليه.
وأكدت التوصيات الصادرة عن الاجتماع أن الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية تشكل وحدة جغرافية واحدة ، وإذ تؤكد التوصيات أيضا أن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي والممارسات غير الشرعية، في الأرض الفلسطينية المحتلة، والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، هو أساس التوتر الحالي ، كما تؤكد أن عجز المجتمع الدولي والمؤسسات ذات الصلة من القيام بمسؤولياتها بمحاسبة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على جرائمها ساهم في تماديها، وحرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير.
وأشادت التوصيات بصمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان الإسرائيلي، مؤكدة دعمها الكامل لكفاح الشعب الفلسطيني العادل لاسترداد حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، بما في ذلك تجسيد سيادة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشريف ، وإذ تؤكد التوصيات أن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة فـي الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك العدوان العسكري المستمر على قطاع غزة، وتهويد مدينة القدس الشريف، والحصار، والاستيطان، والعقوبات الجماعية تشكل جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي ، تعد خرقا فاضحا لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة، وتهديداً خطيرًا على الأمن والسلم الدوليين ، مما يقوض استقرار المنطقة برمتها.
وأكدت التوصيات مساندتها التامة للشعب الفلسطيني في تعزيز وحدته الوطنية وصلابة جبهته الداخلية في مواجهة العدوان الإسرائيلي تحت إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، معربة عن تأييدها ودعمها لحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ، مؤكدة بأن الوقت قد حان لمجلس الأمن الدولي لاتخاذ التدابير وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وتطبيقها على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بسبب تماديها في انتهاك مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، ومواصلتها العدوان على الشعب الفلسطيني واحتلالها لأرضه ،مؤكدة على ضرورة تقديم الدعم العاجل لمساعدة الشعب الفلسطيني ، معربة عن شكرها لكافـة الدول التي قامت بذلك .
وأوضح البيان الختامي إلى أنه بعد إطلاع اللجنة التنفيذية على تقرير الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حول الأوضاع الخطيرة في فلسطين، والاستماع إلى كلمة صاحب السمو الملكي سعود الفيصل وزير الخارجية ، رئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء خارجية المنظمة، وإلى كلمة رئيس وزراء دولة فلسطين الدكتور رامي الحمد الله، ، ومداخلات أصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية والسادة رؤساء الوفود الإدانة بأشد العبارات لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لما ترتكبه من جرائم حرب مستمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة، لا سيما في قطاع غزة، معربة عن قلقها البالغ نتيجة تواصل العدوان العسكري الغاشم التي ينفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي براً وبحراً وجواً ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة .
وطالب البيان إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وقف عدوانها العسكري على الشعب الفلسطيني فوراً، وتحملها المسؤولية القانونية والسياسية الكاملة عن تبعات جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم ، كما أعلنت التوصيات لدعمها وترحيبها بالقرار رقم (A/HRC/S-21/L.1) الصادر عن مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 23 يوليو ــ تموز 2014م، ، مطالبة بسرعة تنفيذ بنوده، لا سيما إرسال لجنة تحقيق دولية مستقلة، وبصورة عاجلة، للتحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، ولاسيما في قطاع غزة المحتل ، كما عبرت التوصيات عن أسفها العميق إزاء تصويت الولايات المتحدة الأمريكية برفض القرار، وامتناع الدول الأوروبية عن دعمه، الأمر الذي من شأنه أن يشجع إسرائيل على التمادي في مواصلة عدوانها العسكري وانتهاكها القانون الدولي.
وأعربت التوصيات عن ارتياحها لانعقاد الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 6 أغسطس 2014م، حول الوضع في غزة، بمبادرة من الجزائر، والتي أكد فيها المجتمع الدولي مرة أخرى على إدانته للعدوان الإسرائيلي ومساندته للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، مؤكدة على ضرورة تحمل مجلس الأمن مسئولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ، واتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وضمان امتثال إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي .
وجددت التوصيات الختامية دعوتها في هذا الصدد المجتمع الدولي، وخصوصا مجلس الأمن الدولي، لاتخاذ الإجـراءات العملية لإجبار إسرائيل على سحب قواتها من الأرض الفلسطينية المحتلة وإنهاء عدوانها، وتوفير الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطيني ، وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، ومعاهدة لاهاي لعام 1907م، وفي حال فشل مجلس الأمـن الدولي فـي القيام بعمل فوري، فإن اللجنة تدعو جميع الدول الأعضاء أن تتحد دعماً لاستئناف الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامـة فـي إطار "الاتحاد من أجل السلام"، بالإضافة إلى استخدام جميع السبل القانونية للعمل على مساءلة الاحتلال وقادته على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني، وبما يضمن ملاحقتهم وتقديمهم للعدالة كمجرمي حرب، كما تناشد جميع الدول الصديقة في العالم إلى المساهمة الفعالة في إنجاح هذه الجهود.
وأكدت التوصيات على ضرورة دعم جهود المنظمة البدء في تحرك دولي فاعل لدعم عضوية دولة فلسطين في كافة المحافل الدولية، ودعم الاعتراف بدولة فلسطين ، داعية الدول الأعضاء إلى دعم طلب دولة فلسطين لعقد اجتماع الأطراف المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة لتحديد التدابير الواجب اتخاذها بهدف إنفاذ وفرض احترام الاتفاقية في دولة فلسطين المحتلة بما فيها القدس الشرقية ، واتخاذ الإجراءات العملية اللازمة لوقف الانتهاكات والجرائم المتواصلة التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي ، وعصابات المستوطنين الإسرائيليين، ضد المواطنين الفلسطينيين المدنيين، بما في ذلك من خلال المخاطبة الخطية لسويسرا بصفتها الدولة الوديعة.
وأعرب البيان الختامي عن التقدير للجهود التي تبذلها جمهورية مصر العربية في سبيل وقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق التهدئة، بما في ذلك الجهود الحثيثة المبذولة على مدار الأيام الماضية لرعاية المفاوضات غير المباشرة بهدف تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية ووقف إراقة دماء الأبرياء، ، كما ثمن قرار فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى وتقديم العلاج اللازم لهم فضلا عن الجهد المبذول لتسهيل المساعدات الإنسانية.
وقدم البيان الشكر والتقدير لجهود الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي كافة ، التي قدمت دعماً سياسياً واقتصادياً وإنسانياً لدولة فلسطين، بشكل مباشر وغير مباشر، عبر القنوات الثنائية، أو عبر المنظمات والمؤسسات الدولية، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي الإجرامي على مناطق دولة فلسطين المحتلة كافة.
وطالب البيان بتعزيز مثل هذا الدعم على المستويات كافة ، حتى تستطيع دولة فلسطين الوقوف في وجه الاحتلال والعدوان الإسرائيلي وتجاوز آثاره المدمرة ،مشيداً بالجهود التي تبذلها وكالة "الأونروا" لتلبية الاحتياجات الأساسية الحيوية للسكان المدنيين في قطاع غزة، وكذلك ما تقدمه المملكة الأردنية الهاشمية من مساعدات إنسانية وطبية مستمرة منذ سنوات.
ودعا البيان الدول الأعضاء ومؤسسات منظمة التعاون الإسلامي، والصناديق العربية والإسلامية، والمنظمات الإنسانية، إلى تقديم المساعدات المالية والعينية العاجلة لسداد الاحتياجات الطارئة الناجمة عن العدوان الإسرائيلي المتصاعد وتدمير الممتلكات المنشآت المدنية والسكنية والبنى التحتية، بالتنسيق مع حكومة دولة فلسطين، بما يمكنها من الوفاء بالتزاماتها تجاه تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، وتخفيف معاناتهم، ودعت اللجنة التنفيذية في توصياتها إلى عقد مؤتمر للمانحين لإعادة بناء ما دمره العدوان الإسرائيلي، بما في ذلك المطار والميناء البحري.
وأعربت التوصيات الصادرة عن اجتماع اللجنة التنفيذية في هذا الصد عن بالغ تقديرها لتبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ (300) مليون ريال سعودي لمواجهة أعباء الخدمات الصحية الضرورية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ، كما عبرت عن تقديرها للمملكة العربية السعودية على التزامها بالدعم المالي المستمر لبرنامج إعادة إعمار قطاع غزة وتقديمها (500) مليون دولار من خلال الصندوق السعودي للتنمية.
وأدنت التوصيات بشدة السياسات الاستيطانية التوسعية التي تنتهجها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشرقية، مؤكدة في ذات السياق أن كل الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية لاغية وباطلة طبقاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، داعية جميع الدول إلى اتخاذ الإجراءات الممكنة لإجبارها على وقف بناء المستوطنات، بما في ذلك فرض عقوبات سياسية واقتصادية على إسرائيل، ومقاطعة الشركات التي تعمل في المستوطنات الاستعمارية المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأعربت التوصيات عن إدانتها الشديدة لاستمرار أعمال التحريض والاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة، وخاصة في المسجد الأقصى المبارك، مؤكدة أن استمرار هذه الأعمال العنصرية سيؤدي إلى نتائج وخيمة على أمن واستقرار المنطقة برمتها ، مشيدة في هذا الصدد بجهود المملكة الأردنية الهاشمية في التصدي لهذه الاعتداءات، وجهود صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
وطالب البيان بتدخل دولي عاجل لوقف حملة الاعتقالات التعسفية الإسرائيلية والتي طالت أكثر من 1000 فلسطيني بما في ذلك نواب وأسرى محررين، من بينهم أسرى ما قبل أوسلو، والعمل على إطلاق سراحهم، مشددة على عدم شرعية محاكم الاحتلال وقراراتها.
ودعا البيان الختامي الأمانة العامة للمنظمة استكمال جهود تكوين فريق قانوني عالمي في المنظمة، آخذة في الاعتبار المقترح المقدم من دولة فلسطين، لإكمال ومتابعة ملفات جرائم القادة الإسرائيليين والترافع في المحكمة الجنائية الدولية، وإكمال ملف الممارسات العنصرية التي تمارسها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، مؤكدًا على ضرورة أن توفر الدول الأعضاء الميزانية اللازمة لذلك.
وقدم البيان شكر وتقدير الوفود المشاركة للمملكة العربية السعودية لرئاستها الحكيمة للاجتماع ، كما قدم البيان شكر الوفود المشاركة لمعالي الأمين العام علي الجهود التي بذلها للتحضير للاجتماع، الأمر الذي أسهم في إنجاحه وتحقيق أهدافه.
إلى ذلك تعهد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي العمل على التنسيق من أجل ضمان تنفيذ مقتضيات هذا البيان ومتابعة توصياته.