فشلت جماعة الإخوان المحظورة وأتباعها في مصر في استغلال الظرف الاقتصادي الصعب، واستمرار المعاناة من القطع المتتالي للكهرباء والمياه للتصعيد في الشارع ولفت الأنظار إليها بشكل جدّي، بالتزامن مع دعوات ما يُسمى «التحالف الوطني لدعم الشرعية» بإحياء الذكرى الأولى لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، تحت عنوان «رابعة الثأر».
وبينما شملت مناطق متفرقة من مصر مسيرات بدت محدودة للغاية، وكذا أعمال عنف تمثلت في زرع عبوات ومتفجرات بدائية في أماكن سكنية ومرافق نقل، بدا ملحوظًا الضعف الشديد في حشد الجماعة لأنصارها لفرض قوتهم في مناسبة اعتبروها «مقدسة» وظلوا خلال الأسابيع والأيام الماضية يدعون لاستعراض العضلات فيها.
وكشف مصدر أمني رفيع أن أكثر من 200 ألف من الجيش والشرطة، شاركوا في فرض السيطرة الأمنية بجميع أنحاء الجمهورية تدعمهم طلعات جوية مستمرة تقوم بها مروحيات شرطية لتمشيط المحافظات، ورصد أي تحركات من شأنها إثارة الفوضى والتخريب، وأضاف إنه مع تخصيص غرفة عمليات لمتابعة الأوضاع، فإنه تم وضع قرابة 10 آلاف من عناصر التدخل السريع للتعامل مع أي تطورات أولًا بأول.
هدوء وحذر
وبينما خيّم الهدوء الحذر على العاصمة المصرية، والمدن الكبرى في البلاد بدت الحياة شبه طبيعية في القاهرة والإسكندرية -أكبر المدن-، فيما كانت الشوارع شبه خالية، وكأن البلاد في إجازة في وقت انتشرت فيه عناصر من الجيش والشرطة، وفرق التدخل السريع، وهي تحكم سيطرتها على مداخل ومخارج العاصمة، وكذا الأماكن والمقرات الحساسة في البلاد.
وشوهدت عناصر عسكرية وشرطية، ومدرعات ومصفحات، وهي تفرض سيطرتها الكاملة منذ الساعات الأولى لفجر أمس الخميس على محيط الميادين العامة خاصة رابعة والتحرير والنهضة والجيزة وغير ذلك، علاوة على التواجد بمداخل ومخارج المحافظات والطرق الرابطة بينها.
وأغلقت قوات الأمن كافة المداخل الحيوية ونشر الأكمنة الثابتة والمتحركة على تلك المداخل، سواء بالطرق الصحراوية أو الزراعية، وشهد محيط ميدان التحرير انتشارًا أمنيًا مكثفًا حيث تمركزت 24 آلية عسكرية على جميع المداخل المؤدية إليه، وكذا الحال في محيط ميدان رابعة الذي تمركز فيه قرابة 1000 جندي، و7 آليات عسكرية و4 مدرعات شرطة بشارعي الطيران والنصر، إضافة لحواجز شائكة على جانبيه.
أما في محيط القصر الرئاسي بمصر الجديدة فوضعت قوات عسكرية حواجز معدنية بمنتصف شارع الميرغني في الاتجاه المؤدي إلى قصر الاتحادية. وفي الجيزة كثف الأمن من تواجده بمحيط ميدان النهضة، وشوهدت نحو 11 آلية عسكرية ومدرعة وهي تطوقه، فيما شهد محيط ميداني مصطفى محمود والجيزة، وشارعي السودان والهرم، ومنطقة الطالبية تواجدًا أمنيًا مكثفًا.
انتحار معنوي
بالسياق وبينما وصفت المستشار السابق لرئيس الجمهورية سكينة فؤاد تظاهرات الإخوان بأنها استمرار لسياسة الانتحار السياسي التي تضع الجماعة وأنصارها في مواجهة الشعب.
مؤكدة أن الجماعة تفقد صوابها مع كل تقدم تحققه الدولة، وقال القيادي الإخواني المنشق، والخبير في شئون تيار الإسلام السياسي سامح عيد: إن جماعة الإخوان هي الخاسر الأكبر من ذكرى الفض، مشيرًا إلى أن تلك ليست المرة الأولى التي تحشد الجماعة فيها وترفع سقف توقعات قواعدها في مناسبة معينة، وفي النهاية لا تستطيع تحقيق شيء كما حدث في 3 يوليو الماضي وغيره.
وأوضح أن الأجيال الكبيرة في الجماعة لم تعد تشارك في عمليات التظاهر؛ لأنها أدركت أن مواجهة الدولة بهذا الشكل ليست إلا «انتحارًا بلا معنى».
ضجة إعلامية
من جهته قال الإخواني السابق والباحث في شئون الحركات الإسلامية خالد الزعفراني: إن جماعة الإخوان تعوّل على إحداث ضجة إعلامية أكثر منها على الواقع اعتقادًا منهم أن ذكرى رابعة هي الفرصة الأخيرة بالنسبة لهم، مضيفًا إنه على مدى عام كامل من المظاهرات العنيفة، والعمليات الإرهابية فشل الإخوان في عرقلة خطوات خريطة الطريق ابتداءً من الدستور، ثم انتخابات رئاسة الجمهورية، وبقي الاستحقاق الثالث وهو البرلمان.
تخريب بطعم الفشل
ميدانيًا أعلنت وزارة الداخلية القبض على 63 إخوانيًا في أحداث شغب وعنف في 7 محافظات.
وقالت الوزارة في بيان أصدرته، وحصلت (اليوم) على نسخة منه: إن المحافظات التي ألقي القبض على عناصر الإخوان فيها هي: القاهرة والجيزة والقليوبية والشرقية والغربية والدقهلية وبني سويف.
من جهته كشف مساعد وزير الداخلية لقطاع الإعلام اللواء عبدالفتاح عثمان عن رصد تجمعات للإخوان على الطريق الدائري مع ساعات الصباح الأولى للخميس، مؤكدًا أن الجماعة تلجأ للتخريب بعد أن فشلت في الحشد، كما أعلن مسئول المركز الإعلامي الأمني عن اعتقال أحد أعضاء تنظيم الإخوان وبحوزته 155 لترًا من المواد الحارقة كانت معدة لاستخدامها في أعمال الشغب وإشعال النيران بالمنشآت العامة والخاصة.
محاولات يائسة
ووسط محاولات «إخوانية» متفرقة لزرع الفوضى والعنف أعلن الأمن مقتل رقيب شرطة استهدفته عناصر إخوانية بحلوان، كما أصيب طفل في انفجار عبوة ناسفة بالفيوم.
بالسياق أيضًا أعلنت الشرطة عن إحباط تفجير قنبلة أعلى نفق زهراء المعادي، وكذا تفكيك قنبلة أخرى، زرعها مجهولون في كشك للسكة الحديد بمزلقان أبو زعبل بالقليوبية، فيما أصيب شخصان بالإسكندرية.
إلى ذلك قالت مديرية أمن الجيزة: إنها تلقت 3 بلاغات بوجود قنابل بمحيط سفارة اليمن بالدقي، وبالقرب من نقطة شرطة ميدان لبنان، والثالثة بنزلة الرماية بالدائري، مشيرة إلى أنه بعد انتقال خبراء المفرقعات، تبين أنها «سلبية».
من جهة أخرى أطلقت قوات الشرطة ظهر أمس قنابل الغاز، وبعض طلقات الخرطوش لفض مسيرة أنصار الجماعات الإرهابية بشارع شهاب بالدقي حاولوا خلالها قطع الطريق بإشعال إطارات السيارات.