اندلعت اشتباكات الجمعة عندما تجمع محتجون باكستانيون من حركتين للمعارضة في العاصمة إسلام أباد، في أكبر تحد للحكومة المدنية التي تولت زمام الأمور في البلاد قبل 15 شهرا.
وأصابت أعيرة نارية سيارة نجم الكريكيت السابق والسياسي المعارض عمران خان وهو يقود أنصاره في مدينة جوجرانوالا.
وقالت متحدثة باسم خان: إن أشخاصا يلوحون بملصقات الحزب الحاكم هاجموا موكبه ورشقوه بالأحذية والحجارة لكنه لم يصب بأذى.
ويقود خان ورجل الدين طاهر القادري مسيرتي احتجاج إلى العاصمة، حيث يعتزمان الاعتصام حتى يستقيل رئيس الوزراء نواز شريف.
من لاهور إلى العاصمة
وبدأ آلاف المحتجين المناهضين للحكومة الخميس مسيرة من مدينة لاهور بشرق باكستان إلى العاصمة إسلام أباد.
وتتجه مجموعتان من المحتجين -إحداهما بقيادة خان والأخرى بقيادة القادري- إلى العاصمة للمطالبة باستقالة الحكومة التي يصمونها بالفساد.
وكانت السلطات الباكستانية قد منعت في بادئ الأمر المسيرتين ثم سمحت بهما في اللحظة الأخيرة، وتسبب آلاف المحتجين لدى مغادرتهم لاهور في تكدس مروري كبير وبحلول المساء لم يكن المحتجون قد غادروا المدينة. وقدر صحفي من رويترز عدد أنصار مسيرة القادري بنحو عشرة آلاف شخص وعدد أنصار خان بنحو سبعة آلاف شخص، ويسعى الاثنان إلى جمع مزيد من المشاركين على طول الطريق الذي ستسلكه المسيرة.
ورغم أن خان والقادري ليسا حليفين إلا أنهما عدوان لحكومة رئيس الوزراء نواز شريف، الذي اكتسح حزبه الانتخابات في العام الماضي، وكانت المرة الأولى التي يتم فيها نقل السلطة من حكومة منتخبة إلى أخرى في تاريخ باكستان الحافل بالانقلابات العسكرية.
ويقول القادري -وهو واعظ تحول إلى ناشط سياسي، ويقيم عادة في كندا-: إنه يريد استقالة الحكومة بحلول نهاية الشهر الحالي. وشارك أنصاره وكثيرون منهم ينتمون لشبكة من المدارس الدينية والجمعيات الخيرية في عدة اشتباكات دامية مع الشرطة.
وقال القادري: إنه يخطط لإرغام شريف وحكومته على التنحي بحلول نهاية الشهر. وأضاف لرويترز: "سيكون هناك اعتصام، وسيبقون هناك حتى يتم تلبية مطالبهم ويستقيل (شريف)".
وتستهدف دعوة القادري للثورة على نحو خاص الفقراء الباكستانيين الذي يكافحون في ظل تضخم وبطالة مرتفعة وانقطاع الكهرباء بشكل يومي.
وقال القادري في كلمة ألقاها الخميس: "كل مشرد سيحصل على مسكن، كل شخص عاطل سيحصل على وظيفة، كل من يحصلون على أجور قليلة سيحصلون على حاجاتهم الأساسية اليومية.
الجيش والمدنيين
وزادت الاحتجاجات والاشتباكات من حدة التوتر في باكستان التي يبلغ عدد سكانها 180 مليون نسمة، وأيقظت المواجهات السياسية المخاوف بشأن القضية الرئيسية في البلاد التي تتمثل في الصراع على السلطة بين الجيش والقادة المدنيين.
واتهم عدد من المسؤولين أفرادا في الجيش بتنظيم المظاهرات لإضعاف الحكومة المدنية، ورفض الجيش التعليق، ولكنه قال في وقت سابق: إنه لا يتدخل في السياسة.
وتساور الكثير من المحللين شكوك في أن الجيش يرغب في الاستيلاء على السلطة، لكن يسود اعتقاد واسع أنه قد يستغل الفرصة لوضع الحكومة المدنية تحت سلطته.
ويقول محللون: إنه على الرغم من هذه التصورات إلا أن شريف يعتمد على الجيش لإحلال الأمن في مواجهة التحديات، ونتيجة لذلك من المرجح أن تكون الحكومة أكثر مرونة في تنفيذ السياسات التي يعترض عليها الجيش، مثل المضي قدما في اتهام القائد السابق للجيش برويز مشرف بالخيانة العظمى.
وقال خان: إنه تعرض للخداع في الانتخابات العامة التي جرت في مايو من العام الماضي، ويريد إجراء تحقيق مناسب في شكواه.
وساد جو من الحماس والمرح بين انصار خان عند بدء مسيرتهم الى اسلام اباد التي تمتد لمسافة 370 كيلومترا الخميس، وهو يوم عطلة في باكستان بمناسة عيد الاستقلال.
تشديد أمني
وشددت الإجراءات الأمنية في العاصمة وأغلقت السلطات العديد من الطرق الرئيسية بحاويات الشحن والأسلاك الشائكة في محاولة لإحباط المسيرات.
واتخذت شرطة مكافحة الشغب مواقعها، لكن مئات المحتجين شرعوا في التجمع وهم يقرعون الطبول ويغنون ويرقصون استعدادا للترحيب برفاقهم الذين يقتربون من المدينة.
وقال أجاز خان (36 عاما) بوسط إسلام أباد: "جئنا لإنقاذ بلادنا بسبب دعوة زعيمنا عمران خان". وكان يتحدث قبل إطلاق النار على موكب خان.
وأضاف: "لن نغادر قبل أن يقول لنا زعيمنا".
وأثارت الاحتجاجات تساؤلات حول الاستقرار في وقت تشن فيه الدولة المسلحة نوويا هجوما على مقاتلي حركة طالبان الباكستانية، فضلا عن زيادة نفوذ الجماعات المعادية للغرب والجماعات الطائفية.
هجمات طالبان
وفي أحدث أعمال عنف قتل 10 من المتشددين وأصيب 13 من أفراد قوات الأمن في هجمات على قاعدتين لسلاح الجو في مدينة كويتا مساء الخميس، وهذه المرة الثالثة التي تستهدف فيها المطارات منذ يونيو.
ورغم أن المهاجمين لم يستطيعوا الدخول لأي من المنشأتين، فقد كانت الهجمات هي الثالثة منذ يونيو التي تستهدف مطارات باكستانية، وستثير هذه الهجمات تساؤلات بشأن مستوى الأمن في تلك المنشآت.
ومنذ يونيو يشن الجيش الباكستاني حملة ضد حركة طالبان في منطقة وزيرستان الشمالية النائية التي تقع قرب الحدود مع أفغانستان، والتي ينعدم فيها القانون إلى حد بعيد.
وقال جناح تابع لحركة طالبان الباكستانية: إنه شن هجمات الليلة قبل الماضية ردا على هذه الحملة.
وقال غالب محسود -الذي ذكر أنه قيادي ومتحدث باسم جماعة فدائيي الاسلام جناح طالبان المسؤول عن تدريب المفجرين الانتحاريين-: "إنه انتقام لقتل الجيش الأبرياء في وزيرستان الشمالية والجنوبية، سيكون هناك المزيد من الهجمات في الأيام المقبلة".
ويقول الجيش الباكستاني: إن مئات المتشددين ربما قتلوا في الحملة. لكن السكان قالوا: إن بعض المدنيين ربما قتلوا أيضا بين الحين والآخر في الغارات الجوية.
وتفرض قيود صارمة على دخول وزيرستان الشمالية، ومن المستحيل التحقق من أعداد القتلى التي يعلنها الجيش.
وذكرت الشرطة أن بعض المهاجمين قتلوا في قاعدة سامونجلي الجوية التي تشترك مع المطار المدني في كويتا في ممر هبوط وإقلاع.
وكويتا هي مدينة استراتيجية لطالما استخدمتها حركتا طالبان الباكستانية والأفغانية.
وقال المفتش العام للشرطة الإقليمية محمد أمليش: إن مهاجمين آخرين قتلوا في قاعدة خالد الجوية.
وتقع سامونجلي على الطرف الغربي لكويتا، بينما قاعدة خالد إلى الشمال.
وسمع سكان قرب قاعدة سامونجلي الجوية ما لا يقل عن ثمانية انفجارات وإطلاق نار استمر لنحو نصف ساعة، بالإضافة لأصوات طائرات هليكوبتر وهي تحلق في الأجواء.
وذكر أمليش أن المهاجمين أطلقوا القذائف الصاروخية وفجر انتحاريان نفسيهما في سامونجلي في محاولة لاقتحام القاعدة.
وقال: إن السكان أبلغوا الشرطة بوجود سيارة مشبوهة قرب قاعدة خالد الجوية.
وقال صارفراز بوجتي وزير الداخلية في حكومة إقليم بلوخستان: إنه تم نزع فتيل أربع قنابل هناك.
وقتل متشددون من طالبان والأوزبك 30 شخصا في يونيو في مطار مدينة كراتشي الجنوبية، حيث يعيش 18 مليون شخص. وتحالفت الحركة الاسلامية في أوزبكستان مع طالبان وتستخدم ملاذاتها في وزيرستان الشمالية.