قال المشايخ وأئمة المساجد والاكاديميون في محافظة الاحساء ان أصحاب الأفكار المضللة والهدامة استغلوا الدين فيما يدعون اليه لتحقيق أهدافهم التي هي أقرب الى الأوهام منها للحقيقة كقيام الدولة الاسلامية، وقالوا ان اثارهم حصد الأرواح وهلاك الأنفس وتدمير الممتلكات ونشر الخوف والرعب وزرع الضغينة البغضاء وتحجير الخير، داعين الى وقف أسباب انتشار الارهاب الفكري الضال فهو قديم بقدم الدولة الإسلامية.
أفكار ضالة
واكد عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية بالأحساء الدكتور عبداللطيف النعيم انه منذ فترة قصيرة بعمر الزمن لا أحد كان يصدق ما يحدث حاليا في العديد من دولنا العربية من ثورات قد تكون بعض دوافعها مقبولة ومبررة لكنها وللأسف الشديد استغلت من قبل من لا يريد خيرا لهذه البلاد وأهلها ودينها. لقد استغلت جماعات من أصحاب الأفكار المضللة والهدامة الدين فيما يدعون أنه ضروري لتصحيح مسار تلك الثورات في بث سمومهم وأكاذيبهم مستغلين في ذلك شباب الأمة العربية والإسلامية بل والغربية فغرروا بهم وزينوا لهم ما يريدون تحقيقه من أهداف هي أقرب الى الأوهام منها للحقيقة كقيام «دولة اسلامية» يقودها أعتى مجرمي العصر الذين يذبحون ويقتلون وينفذون أخبث الجرائم في مناظر بشعة لم يعهدها إنسان اليوم.ويضيف الدكتور النعيم: هذه الجماعات والزمر لم تكن لتظهر وتنتشر بالشكل الذي نراه اليوم لولا الأرض الخصبة التي وجدتها من دول وأنظمة تعد راعية «إرهاب الدولة» بامتياز في عالمنا اليوم كالكيان الصهيوني في دولة فلسطين والنظام السوري والعراقي يضاف إليهما مجموعة من بني جلدتنا نصبت نفسها وكيلا عن الامة الاسلامية وأخذت تغرر بالشباب للذهاب لمناطق الصراع والقتل ليتلقفهم رؤوس الفتنة في تلك المناطق ويحيلهم إلى وحوش يقتلون باسم الدين.
المعتقدات الباطلة
ويشير وكيل شؤون الطلاب بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية الشيخ الدكتور عمر السعيد انه من نعم الله تعالى علينا تعدد وسائل الاتصال والتواصل.. حتى أصبحت الكلمة مسموعة كانت أو مقروءة تبلغ اﻵفاق.. فأصبح الخبر ينتقل من شرق اﻷرض إلى غربها لا أقول في دقائق بل في ثوان.. ومع أن هذه نعمة عظيمة إلا أنها مسؤولية كبيرة تحتم على صاحب اللسان والبنان أن يتأمل ما يتكلم به أو يكتبه فقد قال تعالى «إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا»..
ويقول الدكتور السعيد انه على المسلم أن يحذر كل الحذر من الوقوع في المعتقدات الباطلة أو اﻷفكار المنحرفة.. فما وقر في قلب المرء يخرج في فلتات لسانه وبنانه، كما يجب الحذر من نشر اﻷخبار الكاذبة والمعلومات الخاطئة لاسيما ما يتعلق بأمن البلاد والعباد، وقد رسم القرآن الكريم المنهج الصحيح وحذر من المسلك السقيم في التعامل مع هذه الحالات فقال تعالى «وإذا جاءهم أمر من اﻷمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي اﻷمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم»..
ليس منا
ويشير امام جامع المقهوي بمحاسن الشيخ محمد بن سالم المقهوي الى ان هذا الفكر ليس منا ولا ينتمي لكل من رفع شعار الاسلام..
وقال الشيخ المقهوي إن لكل زرع حصاداً، والغراس الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا،، ومن يحرث بمحاريث الطيش، ويبذر الفتنة، ويرويها بالعنف، سوف يتجرع غصة الشوك في حلقه، وسوف يكتوي بناره.
ويضيف الشيخ المقهوي إن من آثار الإرهاب التي يراها القريب والبعيد ما يلي: حصد الأرواح وهلاك الأنفس. وتدمير الممتلكات ونشر الخوف والرعب وزرع الضغينة البغضاء وتحجير الخير وإضعاف الأمة، وتبديد مكاسبها وتسلط أعداء الله وتمكنها من أمة الإسلام. فمن ذا الذي يرضى لنفسه ولغيره تلك الأمور، فالله تعالى رفع عن أمة الإسلام العنت والحرج، وإن نصرة دين الله تعالى، وإعزاز شريعته لا تكون ببث الخوف والرعب، أو الإفساد في الأرض، أو بإلقاء الأنفس إلى التهلكة، أو التضحية بالنفس على غير بصيرة، فكل هذا مخالف لما جاء به دين الإسلام، وإنما جاء الإسلام ليحمي للناس ضروراتهم، ويعمل على حفظها، وينشر الأمن والعدل والسعادة في صفوف مجتمعاته.
شر مستطير
ويضيف امام جامع العفالق الشيخ عدنان العفالق: كل التصرفات الطائشة والحركات المتوترة التي صدرت من أفراد او مجموعات عادت عليهم وعلى امتنا بالشر الوبيل والبؤس الطويل، فمن اعمل عقله ووضع خوف الله أمامه وتصور الحساب والعقاب وتأمل ان الله سيحاسبه على كل خطأ يرتكب من بعده بسبب هذا الفكر الخبيث الذي بثه بين الناس او ساعد عليه او وافق عليه او لم ينكره وهو قادر على ذلك، فإنه سيصلح مساره ويبتعد عن هذا الطريق المحفوف بالأهوال والعواقب الوخيمة والمآلات الأليمة ويكفيه ان يتأدب بهذا الحديث (لا تقتل نفس ظلما الا كان على ابن ادم الاول كفل من دمها) فالله لا ينسى والدين لا يبلى والديان لا يموت، فمن تصور هذا كله لابد ان يقنع نفسه بالسلامة من هذا المنحنى الخطير الذي يسهل فيه العدول عن الجادة وتتبع السبل الضالة.
الارهاب الفكري
ويقول الشيخ الدكتور عبداللطيف العبداللطيف: يكثر الحديث في هذه الأيام حول الإرهاب المادي، وقد يغفل البعض عن نوع خطير من أنواع الإرهاب أشد فتكاً وضرراً وهو الإرهاب الفكري ويجدر القول ان الارهاب المادي يعني: مجموع أعمال العنف التي تقوم بها منظّمة أو أفراد قصد الإخلال بأمن الدَّولة وتحقيق أهداف سياسيَّة أو خاصَّة وهناك ما يسمى بالارهاب الدوليّ: وهو أعمال ووسائل وممارسات غير مُبرَّرة، تمارسها منظمات أو دول، تستثير رعب الجمهور أو مجموعة من الناس لأسباب سياسيّة بصرف النظر عن بواعثه المختلفة، في حين يمكن تعريف الإرهاب الفكر ي بأنه: كل الممارسات التي تنتهج سائل وطرقا مختلفة لإكراه الناس لتسير خلف فكر محدد أو سياسة معينة وإقصاء كل من يخالف ذلك ومحاربته.
ويضيف الدكتور العبداللطيف: حقيقة الأمر أن الإسلام يرفض كل أنواع الإرهاب بما فيها الارهاب الفكري يقول الله تعالى في كتابه العزيز «لا اكراه في الدين» ويقول سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» وقد انتشر الاسلام بفكره المعتدل وأخلاق أهله الذين حملوه إلى أصقاع الأرض فدخلت أندونيسيا الإسلام طوعاً لسماحة أخلاق العرب المهاجرين إليها ولم يدخل الاسلام بلداً من بلدان العالم كرها بل إن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عندما فتح القدس صالح النصارى فيها ولم يجبرهم على الاسلام.
وإنه لمن المستغرب جداً أن نجد ممن ينتسب لدين الاسلام يحمل ذلك الفكر المضلّ الذي لا يرى إلا اتجاهاً واحداً ويصادر ما يعارضه فكرياً وقد يتطور الأمر به لتكفير وتضليل كل مخالف له، وهذا ما حذر منه رسول الأمة محمد صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة رضوان الله تعالى عليهم، وللأسف ينتهج ذلك الفكر أناس بسطاء ضعيفو العلم وبسبب ذلك قد يحرصون على العبادات ويلبسون ثوب الورع والخوف من الوقوع في الإثم. وذلك بسبب عدم رجوعهم للأئمة الراسخين في العلم مما يوردهم المهالك، ويقعون في أعراض ودماء المسلمين والمستأمنين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، والكل يعرف ما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من بعض الصحابة الذين أرادوا التشدد في العبادة فوجههم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للوسطية والاعتدال فعن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ سَرِيرَتِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا أَنَامُ عَلَى الْفِرَاشِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصُومُ وَلا أُفْطِرُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَنَامُ وَأُصَلِّي، وَأتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».
وفي هذه القصة يضع الرسول صلى الله عليه وسلم لنا منهجاً وسطاً نسير عليه يبعدنا فيه عن الغلو المتشدد وعن الانحراف والفساد، وهذا هو دين الفطرة الذي ارتضاه رب العالمين للناس، يقول المولى عز وجل «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً» فديننا دين كامل شامل وسط.
واضاف الدكتور العبداللطيف: وقد انتهجت حكومتنا الرشيدة المنهج الوسط منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز وتبعه في ذلك أبناؤه البررة من ملوك هذه البلاد المباركة التي تشرفت بخدمة الحرمين الشريفين، وقد أعطت مثالاً متميزاً للعالم أجمع كيف يمكن الجمع بين ثوابت الدين ومستجدات العصر.
ومن أبرز أسباب الإرهاب الفكري الجهل وادعاء العلم لدى بعض الشباب واتباع الشباب أصحاب الأهواء الفكرية الضالة واتخاذهم قدوات والانفتاح المعلوماتي وسرعة انتشار الأفكار الضالة والتشدد في أساليب التربية في دور التربية.
ولابد أن نشير إلى أن للإرهاب الفكري العديد من النتائج الوخيمة التي من أهمها التطرف في الحكم على الأفكار والأشخاص والوقوع في تكفير العامة والعلماء وولاة الأمر واللجوء لأساليب وطرق لا يقرها الشرع لتحقيق أهدافهم. وقد خطت حكومتنا الرشيدة لعلاج هذا الفكر على المستوى المحلي والعالمي خطوات رائدة لا يتسع المقام لذكرها، إلا أن الامر يتطلب من كافة الجهات بذل المزيد من الجهود لاستكمال ما تبذله المملكة في هذا الشأن فعلاج انتشار الفكر الارهابي يتطلب تكامل الجهود التي تبدأ بالوقاية منه، وعلاج من وقع فيه بأساليب مناسبة.
ويمكن توضيح أبرز الأمور التي ينبغي اتباعها لمحاربة الارهاب الفكري بقيام الأسرة بواجبها التربوي تجاه الناشئة بأساليب مناسبة وقيام المؤسسات التربوية بالدور المأمول في نشر أخطار الإرهاب الفكري للشباب وقيام الأئمة والخطباء بالتوعية وبيان وسطية الإسلام ومحاربته للتطرف والغلو وقيام المؤسسات الإعلامية بدورها في تبصير الشباب بخطورة الإرهاب الفكري بأساليب مناسبة تتفق مع متطلبات العصر الحديثة واستمرار تبني المؤتمرات والندوات التي تبحث في هذا الموضوع وتبين خطره وطرق الوقاية والعلاج ونشر سماحة الإسلام وهديه في الوسطية والاعتدال من خلال القصص الواردة في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة.
الإرهاب عدو البشر والحجر