بعد مرور 20 عاما على إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر، لا تظهر اي بوادر تبشر بانفراج قريب في هذه الازمة بل هي تزداد تعقيدا وتوترا، بالرغم من تبعاتها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلدين.
ففي اغسطس من سنة 1994، قررت الجزائر من جانب واحد إغلاق حدودها الطويلة (حوالي 1500 كلم) مع المغرب، بعدما اتهمت الرباط الاستخبارات الجزائرية بالوقوف وراء تفجيرات وقعت في نزل "أطلس آسني" في مدينة مراكش في 24 أغسطس من تلك السنة.
وبعد خمس سنوات من إغلاق الحدود، وتحديدا سنة 1999 حينما اعتلى محمد السادس عرش المغرب، وفاز عبد العزيز بوتفليقة بالرئاسة، استعاد الطرفان الأمل في فتح الحدود خاصة العائلات المتفرقة بين شرق المغرب وغرب الجزائر، لكن بعد 15 عاما من حكم هاتين القيادتين تبخر ذلك الأمل.
فالجزائر من جهتها تطالب بـ"اعتذار رسمي" من السلطات المغربية على "اتهاماتها الباطلة"، كما تصر، لعودة العلاقات الثنائية الى طبيعتها، على فصل مسألة الصحراء الغربية عن الموضوع. علما بان الصحراء الغربية المستعمرة الاسبانية السابقة خاضعة للإدارة المغربية لكن جبهة البوليساريو تطالب بتقرير مصيرها مدعومة بالجزائر. من جهتها، تردد الرباط أن إغلاق الحدود ليس من صنعها وتنتقد "عدم رغبة" الجارة الجزائر في التجاوب مع دعواتها المتكررة لفتح الحدود، بحجة محاولة الجزائر الحد من اتساع نفوذ المملكة المغربية الإقليمي كما توضح الرباط. ويبقى تبادل التهم ورمي الكرة في ملعب الآخر هما الصفتين المتلازمتين لخطاب كل من الرباط والجزائر، اللتين تشكلان أكبر ثقل سكاني في تجمع "المغرب العربي" المجمد منذ عقود، بأكثر من سبعين مليون نسمة.
وفي حديث لوكالة فرانس برس قال دبلوماسي جزائري بارز فضل عدم الكشف عن اسمه "نحن لسنا مسؤولين عن الإغلاق ونحن لن نفعل أي شيء يذهب في اتجاه تفاقم التوتر". وفي أواخر يوليو، قال الملك محمد السادس في خصوص الخلاف القائم حول الصحراء الغربية بين بلاده والجزائر، "مهما كان حجم هذا الخلاف، فإنه لا يبرر مثلا، استمرار إغلاق الحدود. فقد بلغ الوضع حدا لا يفهمه ولا يقبله المواطن المغاربي". ولا ينحصر الخلاف بين الرباط والجزائر في ملف الصحراء، بل يتهم قصر المرادية ايضا المغرب بإغراق الجزائر بالقنب الهندي (الحشيش) المغربي فيما تتهم الرباط الجزائر بإغراقها بحبوب الهلوسة، ويعلن الجانبان كل مرة عن حجز كميات مهمة من هذه المخدرات. ورغم تبادل التهم فإن مصير البلدين مترابط، حيث تعتبر خديجة محسن فنان من "معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية" ان "الحاجة إلى تجمع مغاربي مندمج صار ضرورة أقوى من أي وقت مضى، وسلوك كل من الجزائر والرباط قد عفا عليه الزمن".